وصلت سلسلة «الشرق رياضة» في العد التنازلي الرقمي لموعد مونديال 2022، إلى الحلقات الأربع الأخيرة، التي نستعرضها معكم قبل ساعات معدودة من انطلاق كأس العالم يوم الأحد المقبل الموافق 20 نوفمبر لأول مرة في تاريخ المنطقة العربية على الأراضي القطرية.
ركزت هذه السلسلة على اللاعبين الذين تألقوا في المونديال بأرقام الأقمصة بدءًا من نسخة سويسرا عام 1954 عندما قام الفيفا بتطبيق قانون كتابة الارقام على قمصان المنتخبات المشاركة في البطولة.
خلال الحلقات الماضية بدأنا يوم 1 نوفمبر 2022 بقصة الألماني أوليفر بيرهوف مع الرقم 20 في كأس العالم، وفي اليوم التالي الإنجليزي بول جاسكوين مع الرقم 19.
وخضنا في تجربة الألماني كلينسمان أشهر من ارتدى الرقم 18 خلال حقبة التسعينيات، ثم المغربي عبد الرزاق خيري برقمه المميز 17 كونه الأكثر تأثيرًا في تاريخ المونديال لتسببه في أول تأهل عربي وأفريقي للدور الثاني.
ثم تحدثنا عن جوني ريب 16، وروبرتو باجيو 15، ويوهان كرويف 14، وجيرد مولر 13، وتييري هنري 12، وميروزلاف كلوزه 11، ودييجو مارادونا 10، ورونالدو الظاهرة 9، وخريستو ستويتشكوف 8، وديفيد بيكهام 7، وأندريس إنييستا 6، وفرانز بيكنباور 5.
واليوم الاربعاء 16 نوفمبر، مع تبقي 4 أيام فقط على بداية الحدث المنتظر في قطر، نأخذكم في رحلة مع قصة أسطورة الرقم 4 في تاريخ المونديال، القائد البرازيلي المثالي، أو كابيتو: "كارلوس ألبيرتو جوميز دي جيسوس".
أو كابيتو..المثالي الطبيعي
قبل أن يبلغ عامه الـ 26، أختير أسطورة الرقم 4، كارلوس ألبيرتو جوميز دي جيسوس، من أجل تحمل مسؤولية قيادة منتخب البرازيل الأول في 6 مباريات خلال مونديال 1970، بفرمان من المدير الفني العظيم ماريو زاجالو الذي أنتقده البعض على هذه الفكرة المجنونة.
كان من المتوقع تعرض زاجالو للنقد، فمهما كانت مسيرة ونجومية كارلوس ألبيرتو مميزة مع الأندية، فلا يمكنه تجاهل تواجد لاعبين أكثر خبرة وأكبر سنًا، مثل الحارس فيليكس، والمدافع بريتو، ولاعب الوسط جيرسون.
كما أن المهاجم المخضرم بيليه كان قد وصل إلى عامه الـ 31، ويشارك في المونديال للمرة الرابعة على التوالي في مسيرته بعد تخلصه من الإصابات بشكل تام.
لكن زاجالو كان يبحث عن قائد بشخصية طبيعية غير متصنعة، صاحب رؤية ثاقبة في الخط الخلفي، لا يُخطيء في التمرير أو استلام الكرة ولا يلعب برعونة أبدًا، ويمكنه بناء الهجمات من الخلف.
كل هذه الصفات توفرت في كارلوس ألبيرتو الذي كان بمثابة الورقة الرابحة الحقيقية في تلك النسخة من المونديال، ليعيد الهيبة إلى الدفاع بعد معاناة كبيرة في مونديال 1966 مع الثلاثي أورلاندو وريلدو وفيديليس.
لك أن تتخيل، عظماء مثل توستاو وجيرسون وريفيلينو وجيرزينيو وكذلك بيليه، كان جميعهم قادة في أنديتهم، مع ذلك كلهم كانوا ينصتون إلى ارشادات كارلوس ألبيرتو الأصغر منهم سنًا، هذا يوضح قيمة شخصيته وثقله على أرض الملعب وفي غرفة خلع الملابس.
كارلوس ألبيرتو بحسب جميع مَن زاملوه في المنتخب البرازيلي آنذاك، تمتع بالتوازن والحضور والكاريزما، وهذا ما سَهل المأمورية على زاجالو لمنحه شارة القيادة منذ المونديال الأول له مع المنتخب البرازيلي، وأثبتت الأيام صحة وجهة نظره في تجاهل جميع الاسماء الأكبر سنًا.
تألق كارلوس ألبيرتو، ورد الدين للمدرب الذي آمن به، بتقديم أفضل أداء يمكن أن يراه الجمهور من ظهير أيمن على مدار تاريخ المونديال.
ظل ما قدمه أسطورة الرقم 4 بمثابة البوصلة التي ترشد جميع المدافعين الراغبين في تقديم الإضافة الهجومية بالتزامن مع تأدية الدور الرئيسي في خط الدفاع دون تقصير.
تميز كذلك في العمليات الهجومية من وضع الحركة على عكس السائد في تلك الحقبة الزمنية، بتركيز المدافعين على التسجيل من الركلات الثابتة، وتجنب التقدم لتأدية الدور الهجومي.
ماذا قدم كارلوس ألبيرتو في كأس العالم 1970؟
اكتفى كارلوس ألبيرتو بلعب نسخة وحيدة من المونديال مع البرازيل، أحرز خلالها هدفًا وحيدًا، لكنه يبقى من الأعظم في تاريخ جميع النهائيات التي لعبت حتى الآن بسبب الطريقة العبقرية التي سُجل بها.
نعم، نسخة وحيدة من المونديال كانت كفيلة بجعل كارلوس أسطورة للرقم 4 بل ولمركز الظهير الأيمن في كل نهائيات كأس العالم، فقد برهن للجميع على أن الكيف أهم من الكم في كرة القدم خاصةً حين يتعلق الأمر بكأس العالم.
نسخة واحدة عظيمة للاعب كرة القدم خير من أن يلعب 5 نسخ متتالية كما في حالة المكسيكي «رافائيل ماركيز» بالرقم 4، دون أن يقدم الاضافة في مركزه أو لبلده بالفشل في نفس الاختبار كل مرة بعدم عبور الدور ثمن النهائي.
انطلقت مسيرة كارلوس كقائد للسامبا أمام تشيكوسلوفاكيا، وانتهت بفوز كاسح ومعبر عما هو قادم، بنتيجة 1/4.
حافظ راقصو السامبا على نظافة شباكهم بمساعدة كارلوس ألبيرتو خلال الجولة الثانية أمام منتخب إنجلترا، ففازوا بهدف دون رد سجله جيرزينيو مطلع الشوط الثاني.
أمام رومانيا غيَر زاجالو الخطة من 4-4-2 إلى 5-3-2، بإضافة فونتانا إلى الخط الخلفي مع بريتو وويلسون بيازا وكارلوس البيرتو وإيفيرالدو، بحيث يتم تحويلها إلى 3-4-3 في وضع الهجوم.
تقدمت البرازيل بثنائية نظيفة من بيليه وجيرزينيو بفضل هذه الخطة، وانتهت المباراة بنتيجة 2/3 لصالحهم في النهاية.
في الأدوار الاقصائية من تلك النسخة، تفجرت القوة الهجومية للبرازيل أكثر من أي وقت مضى.
أحرز الفريق 4 أهداف في ربع النهائي أمام منتخب بيرو الذي كان من ضمن أقوى منتخبات العالم وقتها مع مهاجمه صعب المراس تيوفيلو كوبياس.
عبر رفاق بيليه لمواجهة أوروجواي في موقعة انتقامية جديدة مما حدث في مونديال 50، لينتصروا بثلاثية كلودوالدو وجيرزينيو وريفيلينو رغم التأخر بهدف أحرزه لويس كوبيا في الدقيقة 19.
خلال المباراة النهائية، عادت البرازيل للعب من جديد بخطة 4-4-2 الاعتيادية، والتي دمر بها زاجالو خطة إيطاليا الشهيرة «الكاتيناتشو» بتسجيل 4 أهداف رائعة، من بينهم هدف لا يزال يُدرس في كتب كرة القدم حتى الآن بواسطة كارلوس ألبيرتو.
كان ذلك الهدف الذي سجله كارلوس أحد أعظم الأهداف في تاريخ نهائيات كأس العالم بعد تحرك مذهل من دون كرة أثناء تداول 8 من زملائه للكرة فيما بينهم لحوالي 30 ثانية من خلق مساحة مناسبة أمام قائدهم وصديقهم ونجمهم الأول، من أجل مساعدته على تكليل مجهوداته في هذا المونديال بهدف أسطوري لا يُنسى إلى الأبد، وهذا ما حدث بتصويبة صاروخية لا تصد ولا ترد من «أو كابيتو» الذي قَبل الهدية على أكمل وجه.
بعد فترة وجيزة من نجاح تجربة زاجالو، قلده المدرب هيلموت شون، حين وضع ثقته في المدافع فرانز بيكنباور بمنحه شارة القيادة عقب مونديال 1970، مع تعديل مركزه من الوسط إلى الدفاع، الأمر الذي ساعد كثيرًا في تقليص عدد الأهداف التي كان تتلقاها ألمانيا الغربية لتتوج بمونديال 1974.
من هم أفضل 4 لاعبين حملوا الرقم 4 في تاريخ كأس العالم؟
- كارلوس ألبيرتو - البرازيل. مونديال 1970.
- أنتونيو كابريني - إيطاليا. مونديال 1982 (لعب مونديالي 1978 و1986 برقم 3).
- باتريك فييرا - فرنسا. مونديال 1998 و2002 و2006.
- رافائيل ماركيز - المكسيك. مونديال 2002 و2006 و2010 و2014 و2018.
طالع الحلقات السابقة من سلسلة أساطير الأرقام في المونديال
(17 يومًا) قاتل أحلام البرتغاليين
(13 يومًا) دير بومبر
(12 يومًا) هدية فان باستن الحزين
(7 أيام) بيكس أقوى من كريس