العد التنازلي للمونديال (5 أيام) القيصر بيكنباور

time reading iconدقائق القراءة - 2
فرانتس بيكنباور أفضل رقم 5 في تاريخ كأس العالم - Getty
فرانتس بيكنباور أفضل رقم 5 في تاريخ كأس العالم - Getty
خاص -محمود ماهر

تدخل سلسلة «الشرق رياضة» للعد التنازلي الرقمي لموعد مونديال 2022، المنعرج الأخير، قبل أيام معدودة بل ساعات من انطلاق كأس العالم يوم 20 نوفمبر الجاري لأول مرة في تاريخ المنطقة العربية حين تستضيفه الأراضي القطرية حتى 18 ديسمبر.

خصص الشرق على مدار الأسبوعين الماضيين، تحديدًا منذ بداية العد التنازلي لـ 20 يومًا، سلسلة استثنائية عن اللاعبين "الأكثر تأثيرًا في المونديال بالقمصان من 20 لـ 1".

وقع الاختيار على اللاعبين الذين تألقوا في المونديال بدءًا من نسخة سويسرا عام 1954 عندما بدأ الفيفا في تطبيق قانون كتابة الارقام على قمصان المنتخبات المشاركة في البطولة.

خلال الحلقات الماضية، استعرضنا قصة الألماني أوليفر بيرهوف مع الرقم 20 في كأس العالم، ثم الإنجليزي بول جاسكوين مع الرقم 19، والألماني كلينسمان 18، والمغربي عبد الرزاق خيري 17، وجوني ريب 16، وروبرتو باجيو 15، ويوهان كرويف 14، وجيرد مولر 13، وتييري هنري 12، وميروزلاف كلوزه 11، ودييجو مارادونا 10، ورونالدو الظاهرة 9، وخريستو ستويتشكوف 8، وديفيد بيكهام 7، وأندريس إنييستا 6.

اليوم الثلاثاء 15 نوفمبر، مع تبقي 5 أيام على بداية الحدث المنتظر في قطر، نأخذكم في رحلة مع قصة أسطورة هذا الرقم في تاريخ المونديال، دير كايزر، امبراطور المدافعين، مؤسس مدرسة الليبرو، القيصر الألماني «فرانتس أنتون بيكنباور».

استاذ الدفاع..ناظر مدرسة الليبرو

بَدل البطل الوحيد لكأس العالم كلاعب ومدرب «فرانز بيكنباور» النظرة النمطية المعروفة عن قلوب الدفاع في كرة القدم، لا سيما لأولئك الذين كانوا يحملون الرقم 5.

الرقم 5 في كرة القدم القديمة كان مثله مثل الرقم 9، لاعب طويل القامة لا يُجيد مُحاورة الكرة، ويعتمد في العادة علي قوته الجسمانية لتحقيق أهدافه، وتنفيذ تعليمات المدير الفني.

فرانتس بيكنباور أسطورة بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا في السبعينيات
فرانتس بيكنباور أسطورة بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا في السبعينيات - Getty

لكن موهبة بيكنباور كمدافع «عاقل» كانت بمثابة الطفرة في عالم كرة القدم، فاستحق بسببها لقب الامبراطور (دير كايزر)، تمامًا مثلما استحق رونالدو البرازيلي لقب الظاهرة (الفينومينو)، فيما يتعلق بتغيير النظرة المأخوذة عن المهاجم رقم 9.

اداء بيكنباور كان انسيابيًا في كل شيء، قدمه كانت عبارة عن عقل يتحدث، يستلم الكرة بهدوء أعصاب مالديني، ويمررها على أحد طرفي الملعب بدقة بيكهام، ويستخلصها من الخصم بذكاء وحنكة بالاك.

قلب دفاع أنيق، خفيف الحركة، يلعب السهل الممتنع أمام منطقة الجزاء، لا يُخطيء أبدًا، ويجيد بناء الهجمات، ويتمتع كذلك بسرعة ارتداد بعد القيام بالزيادة العددية التي عادةً ما يشكل بها خطورة على مرمى الخصم، بسبب دقته في التسديد البعيد، وتخصصه في التمركز الصحيح لاستلام الكرات العرضية.

كان بيكنباور لاعبًا متكاملاً من كل الاتجاهات وبجميع المعاني، امبراطور حقيقي، خاصةً في «مدرسة الليبرو» التي أسسها بنفسه ليكون «ناظرها» لينضم لها من بعده آلاف اللاعبين المتعطشين للسير على خطاه.

معاناة لمُعانقة المجد ولارتداء الرقم 5

رفع بيكنباور حكمة واحدة في حياته المهنية سواء خلال فترة احترافه للكرة كلاعب أو حين انتقل لعالم التدريب في مونديال 1990 «إذا كان يعمل فإنه يعمل».

فرانتس بيكنباور أسطورة بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا في السبعينيات
فرانتس بيكنباور أسطورة بايرن ميونخ ومنتخب ألمانيا في السبعينيات - Getty

واجه بيكنباور صعوبات كبيرة لارتداء رقمه المفضل 5 مع منتخب ألمانيا، وتزامن معها صعوبات أكبر من أجل التتويج بكأس العالم، وإعادة الفخر لألمانيا المتعطشة لإنجاز عالمي منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية مطلع الخمسينيات.

لم يرتد بيكنباور الرقم 5 في نسختين متتاليتين من كأس العالم، لكنه حين حصل على رقم سعده، قاد بلاده للتتويج.

ظهر القيصر في كأس العالم لأول مرة بالرقم 4 خلال نسخة مونديال 1966 التي استضافتها إنجلترا، وشهدت ترشح ألمانيا الغربية للنهائي الذي خسرته بطريقة دراماتيكية.

افتتح مبارياته مع المونديال بثنائية أمام سويسرا عندما انتصرت ألمانيا 5/صفر يوم 12 يوليو 1966، وفي الجولة الثانية من المجموعة B، أخفق الهجوم الأرجنتيني في هز شباك الحارس هانز تيلكوفسكي.

كانت خطة 4-4-2 هي الخطة المفضلة لمدرب منتخب ألمانيا الغربية «هيلموت شون»، وكان لاعب الوسط الدفاعي الرئيسي هو «بيكنباور» وأمامه فولفجانج أوفيراث، وعلى طرفي الملعب ألبيرت برويلز وهيلموت هالار.

تسبب هذا المركز المتقدم في تسجيل بيكنباور للمزيد من الأهداف خلال تلك النسخة من المونديال، حيث هز شباك أوروجواي خلال ربع النهائي، ثم سجل هدف الفوز على الاتحاد السوفيتي في نصف النهائي (1/2) ليقود بلاده للنهائي الحلم على ملعب ويمبلي، لكن الملكة إليزابيث الثانية سَلمت بوبي مور الكأس بدلاً من قائد الناسيونال مانشافت آنذاك «أوفي زيلير» بعدما انتهت المقابلة بفوز الأسود الثلاثة 2/4.

بعد الفشل في لندن، رفض دير كايزر التوقف عن العمل وتطوير نفسه كلاعب فريد من نوعه ومن ثم كمؤسس لمدرسة خط الدفاع الأخير قبل حارس المرمى «الليبرو» القادر على توقع التمريرات البينية الصعبة وقيادة زملائه لنصب مصيدة التسلل أمام الخصوم.

هيلموت شون يجد ضالته

بحث المدرب العبقري هيلموت شون عن مدرب داخل أرض الملعب قبل مونديال 70، فلم يجد أفضل من بيكنباور لتأدية هذا الدور، بعدما تأكد من قدرته على كشف الملعب عن طريق اللعب في خط الدفاع الذي كان يفتقد للتغطية السليمة خاصةً في الهجمات المرتدة، ويعاني من حالة ضعف واضحة في بناء اللعب من الخلف للأمام بسلاسة ومرونة، فقام بتعديل مركز بيكنباور من الوسط إلى الدفاع، لتنطلق بعدها مسيرة الليبرو الأهم في تاريخ كرة القدم.

المدرب الالماني هيلموت شون مع فرانز بيكنباور
المدرب الالماني هيلموت شون مع فرانز بيكنباور - Getty

تمكنت ألمانيا الغربية من تسجيل 10 أهداف خلال 3 مباريات في منافسات المجموعة الرابعة من مونديال المكسيك 70، واستقبلت 4 أهداف، ولعب بيكنباور كأساسي ضد المغرب وبلغاريا وبيرو.

ترشحت ألمانيا بالعلامة الكاملة لتلاقي إنجلترا في ربع النهائي، لكن الرغبة في الانتقام من هزيمة 66 أخرجت رفاق بيكنباور عن تركيزهم خلال الشوط الأول ومطلع الشوط الثاني.

الإنجليز فاجأوا الجميع بتسجيل هدفين متتاليين من آلان موليري ومارتن بيتيرس، إلا أن بيكنباور قاد صحوة بلاده بعودة عظيمة في النتيجة بتسجيل هدف التقليص بنفسه في الدقيقة 68، والذي ساعد على تسجيل أوفه زيلر لهدف التعديل 2/2 عند الدقيقة 76، وخلال الأشواط الإضافية أحرز الهداف المعجزة جيرد مولر هدف الفوز في الدقيقة 108.

توقفت بعدها مسيرة ألمانيا الغربية عند محطة إيطاليا بخسارة المباراة المُلقبة حتى يومنا هذا بـ «مباراة القرن» بنتيجة 3/4.

لم يلعب بيكنباور في مباراة تحديد المركز الثالث التي انتصرت فيها ألمانيا بهدف دون رد على أوروجواي يوم 20 يونيو 70.

الرقم 5 يقود ألمانيا للتتويج

أخيرًا اعتزل مدافع هامبورج فيلي شولتس في 1970 بعد أن لعب 66 مباراة، ليترك الرقم 5 للقيصر بيكنباور الذي أبدع به في نسخة مونديال 1974 الذي استضافه وطنه لأول مرة في التاريخ.

مؤسس مدرسة الليبرو في تاريخ كرة القدم
مؤسس مدرسة الليبرو في تاريخ كرة القدم "فرانتس بيكنباور" - Getty

تضاعفت قوة وعبقرية بيكنباور الدفاعية في تلك النسخة من المونديال، وكأنه وجد نفسه في الرقم 5 المفضل له.

حمل «دير كايزر» شارة القيادة، واتضح عليه التركيز أكثر من أي وقت مضى أمام خصومه، لتفشل تشيلي وأستراليا في هز شباك سيب ماير، وتنتصر ألمانيا الغربية 1-0 و3-0، على الترتيب، وفي المباراة الثالثة خسرت بهدف أمام ألمانيا الشرقية.

استمر تألق بيكنباور في دور المجموعات الثاني المؤهل للنهائي بقيادة ألمانيا لثلاث انتصارات على يوغوسلافيا 2-0، والسويد 4-2، وبولندا 1-0، ليبلغ الفريق المباراة النهائية لمواجهة هولندا.

حققت ألمانيا الغربية الفوز بنتيجة 1/2، واستطاع بيكنباور مع بيرتي فوجتس وبول بارتنر إيقاف الفتى الطائر الخطير «يوهان كرويف» عن الوصول إلى المرمى أو تمرير كرات حاسمة نحو يوهان نيسكينز أو جوني ريب وآري هان، خاصةً بعدما خدعهم في أول دقيقة من المباراة بالحصول على ركلة جزاء سجل منها نسكينز هدف التقدم.

المدرب الالماني هيلموت شون مع فرانز بيكنباور ولقب كأس العالم 1974
المدرب الالماني هيلموت شون مع فرانز بيكنباور ولقب كأس العالم 1974 - Getty

تجاوزت أناقة وحنكة وهيبة بيكنباور في التمرير والاستحواذ بالكرة، حدود الملعب بعد تلك النسخة من المونديال، فبات أحد أشهر أبناء جيله خاصةً بعد أن قاد ألمانيا الغربية للقب الثاني في التاريخ والأول منذ 20 سنة عندما تُوجت البلاد في سويسرا للمرة الأولى عام 1954 على حساب المجر.

عانق بيكنباور عنان السماء في مجال الدعاية والإعلان مستخدمًا الرقم 5 بأفضل صورة ممكنة، وساعدته وسامته ووجه السينمائي للتعاقد مع شركات التسويق والأسطوانات الموسيقية والهواتف المحمولة خلال السنوات التي تلت التتويج بالمونديال.

وبعد عودته من أميركا حيث خاض رحلة احترافية رفقة نيويورك كوزموس، قرر استئناف حياته المهنية مع كرة القدم كمدير فني ليتولى مسؤولية المنتخب الألماني الأول ليقوده للترشح لنهائي 1986 الذي خسره بصعوبة أمام مارادونا.

فرانتس بيكنباور
فرانتس بيكنباور - Getty

مرة أخرى، رفض فرانتس بيكنباور الاستسلام بسهولة، وأراد أن يكرر النجاح مع المنتخب الألماني وقيادته لمعانقة الذهب من جديد في مونديال 1990 فهزم الأرجنتين مارادونا بهدف دون رد، وعوض خيبة الأمل التي أصيب بها الجمهور الألماني في مونديالي 1982 و1986.

هكذا أصبح القيصر بيكنباور عقب ارتداء الرقم 5 في مونديال 1974 بطلاً شعبيًا ذو مكانة لا تقل عن مكانة القيصر الأخير للامبراطورية الألمانية «فيلهلم الثاني» على الأقل بالنسبة لعشاق كرة القدم.

من هم أفضل 5 لاعبين حملوا الرقم 5 في تاريخ كأس العالم؟

مؤسس مدرسة الليبرو في تاريخ كرة القدم
مؤسس مدرسة الليبرو في تاريخ كرة القدم "فرانتس بيكنباور" - Getty
  1. فرانز بيكنباور - ألمانيا. مونديال 1974 (لعب مونديالي 1966 و1970 برقم 4).
  2. كارليس بويول - إسبانيا. مونديال 2002 و2006 و2010.
  3. روود كرول - هولندا. مونديال 1978. (لعب مونديال 1974 برثم 12).
  4. فابيو كانافارو - إيطاليا. مونديال 2002 و2006 و2010 (لعب مونديال 1998 برقم 4).
  5. لوران بلان - فرنسا. مونديال 1998.

طالع الحلقات السابقة من سلسلة أساطير الأرقام في المونديال

(20 يومًا) الرأس الذهبية

(19 يومًا) جازا

(18 يومًا) الغواص كلينسي

(17 يومًا) قاتل أحلام البرتغاليين

(16 يومًا) عرف الديك الذهبي

(15 يومًا) ذيل الحصان

(14 يومًا) السلفادور

(13 يومًا) دير بومبر

(12 يومًا) هدية فان باستن الحزين

(11 يومًا) أعجوبة ميرو

(10 أيام) ملك اللعبة

(9 أيام) الظاهرة رونالدو

(8 أيام) الخنجر ستويتشكوف

(7 أيام) بيكس أقوى من كريس

(6 أيام) الفارس الشاحب

الحلقة القادمة عن أو كابيتو كارلوس ألبيرتو جيسوس

تصنيفات