باريس سان جيرمان والحلم المُجهض بالأرستقراطية الكروية

time reading iconدقائق القراءة - 2
لاعبون محبطون من باريس سان جيرمان بعد خسارتهم أمام بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا - 8 مارس 2023 - Reuters
لاعبون محبطون من باريس سان جيرمان بعد خسارتهم أمام بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا - 8 مارس 2023 - Reuters
دبي-إيلي هيدموس

لعلّ أسوأ من خروج باريس سان جيرمان أمام بايرن ميونيخ في ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا، هي التبريرات التي ساقها النادي الفرنسي لتلك الهزيمة.

المدرب كريستوف غالتييه تحدث عن غياب "لاعبين مهمين"، معتبراً أن "نقطة التحوّل" تمثلت في عجز لاعبيه عن التسجيل في الشوط الأول. وشكا من "موسم استثنائي جداً".

أما نجم الفريق كيليان مبابي، فرأى أن النادي البافاري شُيّد من أجل الفوز بدوري أبطال أوروبا.

ولكن هل أن باريس سان جيرمان مُشيّد لإحراز كأس فرنسا، لا أبرز لقب في القارة العجوز؟

لا شكّ أن مبابي كان يمنّي النفس بإحراز هذا اللقب، في محاولة لتبرير بقائه في نادي العاصمة الفرنسية، وامتناعه عن الرحيل إلى ريال مدريد.

أما الأرجنتيني ليونيل ميسي، فلا يُستبعد أن يدفع أداؤه مسؤولي باريس سان جيرمان، إلى مراجعة قرارهم بشأن تمديد عقده.

البرازيلي نيمار بات أشبه ببطة عرجاء، لا يمكن الاعتماد عليه كعنصر فاعل في التشكيلة، نتيجة إصاباته المتكرّرة وغيابه القياسي عن الفريق، في مراحل استراتيجية من الموسم.

ويبدو نيمار في خريف مسيرته، وتوحي إصاباته المستمرة بعطب في حياته. وثمة شعور لا يُقاوم بأنه بدّد مسيرة كان يمكن أن تكون أسطورية، لو اتخذ قرارات صائبة.

"انهزامية" مبابي

خلال المباراة ضد بايرن، بدا ميسي ضيف شرف، كما لو أنه خيال للاعب الذي أحرز كأس العالم قبل أقلّ من مئة يوم.

وكان مبابي موجوداً وغير موجود. حضوره يُرهب الخصم، لكنه لم يُقدّم الإضافة المرجوّة.

غريبٌ التصريح الانهزامي لمبابي بعد المباراة، بقوله إن هذا أقصى ما يمكن للنادي أن يطمح إليه، علماً أنه يدرك أكثر من غيره حجم طموحات النادي، والتي قُدّمت بوصفها أحد أبرز العوامل التي دفعته إلى تجديد عقده.

قد يقول قائل إن باريس سان جيرمان لم يلتزم بوعوده لمبابي، بما في ذلك التعاقد مع زين الدين زيدان مدرباً، وضمّ لاعبين بارزين.

لكن ثمة خللاً بنيوياً في النادي، يعكسه سقوطه المتكرّر في أوروبا، إذ خرج من ثمن نهائي دوري أبطال أوروبا للمرة الخامسة في السنوات السبع الأخيرة، وتجاوز ربع النهائي مرتين خلال 12 عاماً.

هذا التداعي لا تداويه علاجات مرحلية، بل يتطلّب جراحة عاجلة.

سياسات تكديس النجوم

كما أن سياسات تكديس النجوم لا تُجدي نفعاً، ولا تعني حُكماً تشكيل فريق قادر على المنافسة أوروبياً.

يُدرك باريس سان جيرمان أن الفوز بالدوري الفرنسي لا يعدو كونه واجباً، لكنه لا يُسمن ولا يُغني من جوع. دوري أبطال أوروبا هو المحكّ بالنسبة إلى مالكي النادي.

لكنهم حاولوا استنساخ تجربة الـ"غالاكتيكوس" في ريال مدريد، التي نبذها رئيسه فلورنتينو بيريز في حقبته الثانية بقيادة النادي.

ثمة إحساس دفين بفشل مشروع باريس سان جيرمان في أوروبا، مع ما يستدعي ذلك من مراجعة جذرية وتبنّي رؤية جديدة، ناهيك عن تساؤلات بشأن مستقبل مبابي.

وإذا كانت أخطاء فردية أدت إلى هدفَي بايرن ميونيخ، فإن ذلك لا يحجب افتقاراً إلى الروح في الفريق.

الحارس الإيطالي جانلويجي دوناروما لا يرتقي غالباً إلى مستوى المباريات الكبرى، التي تتجاوز أيضاً لاعبين آخرين، مثل الإيطالي ماركو فيراتي أمام بايرن.

في الشوط الثاني بدا باريس سان جيرمان شبه غائب، ولاعبوه كما لو أنهم كفّوا مبكّراً عن منافسة الألمان وأدركوا مصيرهم المحتوم، والهزيمة مطبوعة في أذهانهم. بل أنهم لم يسجلوا هدفاً في مرمى بايرن، خلال 180 دقيقة.

ليونيل ميسي بعدما سجل بايرن ميونيخ هدفه الثاني في مرمى باريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا - 8 مارس 2023
ليونيل ميسي بعدما سجل بايرن ميونيخ هدفه الثاني في مرمى باريس سان جيرمان بدوري أبطال أوروبا - 8 مارس 2023 - Reuters

العظمة المفقودة

أثبتت سقطات المواسم الأخيرة أن لاعبي النادي الفرنسي يجهلون كيف يتغلّبون على الظروف المعاكسة، بل يرتاحون أكثر إلى التجذيف في ظلّ رياح مؤاتية.

وهنا يُطرح سؤال جوهري: هل أن غالتييه هو المدرب المثالي للنادي؟

النجاح الذي حققه مع أندية متوسّطة، مثل ليل ونيس، ليس وصفة سحرية لتكرار ذلك في أندية الصف الأول.

ويفتقر باريس سان جيرمان إلى العظمة، ويوحي بأنه لن يدخل مطلقاً نادي الفرق الأرستقراطية في أوروبا، التي يُعتبر بايرن ميونيخ أحد أبرز مكوّناتها، علماً أن المستوى الذي يقدّمه هذا الموسم لا يزال عادياً قياساً إلى معاييره.

قد يعتبر بعضهم ذلك تشفياً بالنادي الفرنسي، لكنه مجرد محاولة لتشريح واقعه.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات