يواصل «الشرق رياضة» استعراض حلقات سلسلة العد التنازلي الرقمي لموعد مونديال 2022، الذي سينطلق يوم 20 نوفمبر الجاري لأول مرة في تاريخ المنطقة العربية حين تستضيفه الأراضي القطرية حتى 18 ديسمبر.
خصص الشرق منذ بداية العد التنازلي لـ 20 يومًا على موعد بداية المونديال، سلسلة استثنائية عن "أفضل اللاعبين الذين ارتدوا القمصان من 20 لـ 1" تحديدًا منذ تطبيق فيفا لقانون كتابة الارقام على القمصان لأول مرة في مونديال 1954.
في الحلقات الماضية، استعرضنا معكم قصة الألماني أوليفر بيرهوف مع الرقم 20 في كأس العالم، ثم الإنجليزي بول جاسكوين مع الرقم 19، والألماني كلينسمان 18، والمغربي عبد الرزاق خيري 17، وجوني ريب 16، وروبرتو باجيو 15، ويوهان كرويف 14، وجيرد مولر 13، وتييري هنري 12، وميروزلاف كلوزه 11، ودييجو مارادونا 10، ورونالدو الظاهرة 9.
واليوم السبت 12 نوفمبر، مع تبقي 8 أيام على بداية الحدث الكبير، نأخذكم في رحلة مع قصة أسطورة الرقم 8 في تاريخ المونديال، الذي فاز بأفضل لاعب في العالم 1994 من فرانس فوتبول، ولقب بالخنجر..و إل بيستوليرو والثور الهائج "خريستو ستويتشكوف".
الثور الهائج
لا يزال ستويتشكوف، الذي لعب كمهاجم متأخر وفي مركز الجناح الأيسر، يحتل مكانة خاصة في نظر عشاق المستديرة كأبرز وأميز اللاعبين الذين حملوا الرقم 8 في تاريخ مشاركات منتخبات أوروبا في كؤوس العالم، رغم تمثيله لمنتخب غير معروف مثل بلغاريا الذي كان ضيفًا خفيفًا على المسابقة لسنوات، حتى ظهر الرجل المُسلح أو The GunMan كما لقبه عشاق برشلونة، ليغير هذا الواقع بشخصيته ومهاراته ويقود البلغار للعب في مونديالين متتاليين 94 و98، كان هدافًا للاول بكم وافر من الاهداف المتنوعة على حساب روماريو وباجيو وباتيستوتا.
خريستو ستويتشكوف ظل أيقونة حقيقية لهذا الرقم، رغم ظهور العديد من اللاعبين الذين ارتدوا نفس القميص من بعده وفازوا بلقب البطولة أبرزهم المايسترو الإسباني "تشافي هيرنانديز" في مونديال 2010.
لكن تشافي كان بصحبته عددٍ هائلٍ من النجوم الذين ساعدوه في المنتخب الإسباني على ترجمة الفرص والتمريرات الحاسمة الى أهداف، كما لم يتوج بالكرة الذهبية مثلما فعل ستويتشكوف، ولم يكن الكل في الكل في فريق لاروخا كما كان خريستو مع بلغاريا او كما كان مارادونا مع الارجنتين.
أن يكون ستويتشكوف أيقونة للرقم 8، ويُذكر اسمه بعد مرور 25 سنة على انتهاء قصته مع المونديال في فرنسا فهذا أقل تقدير يمكن تقديمه للاعب اجتهد وثابر وناضل لاثبات نفسه متغلبًا على ضعف شعبية بلده في اللعبة، وفقر الدعم الاعلامي لما كان يتمتع به من كاريزما ومهارات استثنائية.
سجل الثور الهائج - حسب وصف الإعلام الإسباني بسبب عصبيته وشخصيته الشرسة على أرض الملعب- ما مجموعه 6 أهداف في كأس العالم، جميعهم خلال نسخة 94 التي أرشد خلالها بلده إلى المربع الذهبي بعد إقصاء حامل اللقب «ألمانيا» بهدف عظيم لا يزال يحتل مكانة خاصة بين أفضل 5 ركلات ثابتة في تاريخ المونديال.
اكتفت بلغاريا بالمركز الرابع بعد الخروج من دور الـ 4 على يد إيطاليا، قبل الخسارة برباعية من السويد المتفجرة أيضًا مع الهداف كينيت آندرسون في مباراة تحديد المركز الثالث.
ستويتشكوف مرة واحدة كل 40 سنة
في العادة يرتدي الرقم 8 لاعب وسط ارتكاز على الدائرة أو وسط دفاعي بحت، وأحيانًا قليلة كظهير أو حتى جناح، مثلما في حالة البرازيلي كارلوس دونجا في 94 و98، والسويدي جونار جرين في مونديال 1958، وأسطورة تشيكوسلوفاكيا أدولف شيرير في مونديال 1962، وبطل مونديالي 58 و62 مع البرازيل «ديدي».
أما ستويتشكوف فقد كان حالة خاصة ونادرة من نوعها، فاللاعب الهداف بالرقم 8 مع بلد مجهول كرويًا لا يتكرر بسهولة في بطولة بحجم كأس العالم.
امتلك خريستو قدم يسرى سامة، وتمتع بمراوغات ذكية وضعته على مسافة قريبة للغاية من أباطرة المونديال مارادونا وبلاتيني وباجيو وبيليه وهاجي وجيرد مولر ورومينيجيه وكرويف ونيسكينز ولوثر ماتيوس وباولو روسي وجيرزينيو وزيكو وجارينشا. وعُرف أيضًا بتحركاته الخادعة بين الخطوط وتمريراته البينية الأرضية السهلة لزملائه.
سجل العديد من الأهداف المؤثرة مع بلغاريا كمهاجم وكجناح، وصنع الكثير من الاهداف، كما أنه كان تخصص في تنفيذ الركلات الثابتة أكثر من روبرتو باجيو وجورج هاجي في تلك الحقبة الزمنية.
كل تلك السمات الخاصة التي تحلى بها خريستو بالرقم 8، أعادت إلى الأذهان ما فعله أول مَن أبدع بنفس هذا الرقم في تاريخ كأس العالم، المجري ساندرو كوشيتس، الذي نال لقب أفضل لاعب شاب في مونديال 1954 بسبب أداءه الخارق!.
قبل 40 سنة من مونديال أميركا. أحرز ساندرو كوشيتس 11 هدفًا في 5 مباريات خلال النسخة التي استضافتها سويسرا عام 54، وبلغ فيها سحرة المجر المباراة النهائية على حساب حاملة اللقب «أوروجواي» بعد التمديد لأشواط إضافية بنتيجة 2/4 من بينهم هدفين لساندرو كوشيتس في الدقيقتين 111 و116.
ساندرو أحرز أيضًا هاتريك في الافتتاح أمام كوريا الجنوبية (9-0)، وسوبر هاتريك في الجولة الثانية من دور المجموعات أمام ألمانيا الغربية (8-3).
لكن في الوقت الذي احتاج فيه المنتخب المجري لأهداف كوشيتس الغزيرة في المباراة النهائية أمام ألمانيا الغربية، أخفق في التسجيل فضاع لقب كان في المتناول على بلاده التي خفت بريقها خلال السنوات التالية، تمامًا مثلما حدث مع بطل حلقتنا اليوم «ستويتشكوف» وبلده بلغاريا التي تلاشت من على خريطة كرة القدم بمُجرد انتهاء فترة ستويتشكوف.
الخنجر..إل بيستوليرو مُعذب الألمان
ربما تكون بلغاريا قد أنتجت العديد من الأسماء الرياضية البارزة، لكن لم يكن لأي منهم أبدًا نفس الجاذبية المميزة والكاريزما الساحرة مثل خريستو ستويتشكوف.
الجناح الأيسر الفذ صاحب السرعة واللمسة القاتلة، لقب بـ «الخنجر» نظرًا لقدرته على طعن الخصوم بتسديداته المقوسة على طريقة الخنجر التقليدي القديم.
أثبت نفسه بقوة حين قاد بلغاريا للتأهل إلى نهائيات كأس العالم 1994 على حساب منتخب فرنسا، ومن ثم الترشح للدور ثمن النهائي من البطولة، رغم البداية السيئة أمام نيجيريا، ليظفر بجائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم من مجلة فرانس فوتبول الفرنسية بعد منافسة شرسة مع روماريو وباجيو.
خسرت بلغاريا في افتتاح المونديال الاسطوري لخريستو بنتيجة 3/صفر، ضمن المجموعة الرابعة D التي نافس فيها كذلك اليونان والأرجنتين.
بدأت التوقعات السلبية تشير إلى احتمالية تذيل بلغاريا المجموعة كعادة جميع مشاركاتها السابقة، غير أن ردة فعل خريستو كانت عظيمة بقيادة زملائه للفوز على اليونان بتسجيل ثنائية من ركلتي جزاء وانتهت بنتيجة 4/صفر، ثم الفوز على الأرجنتين في مفاجأة مدوية بنتيجة 2-0، وأحرز خريستو الهدف الافتتاحي في الدقيقة 61، وأضاف ناسكو سيراكوف الهدف الثاني في الدقيقة 90.
هكذا قاد خريستو ستويتشكوف المنتخب الأخضر والأبيض إلى ثمن النهائي كأفضل ثالث في هذه المجموعة الصعبة بسبب المستوى العظيم الذي قدمته نيجيريا، وأهداف جابرييل باتيستوتا الغزيرة مع الأرجنتين.
انتقلت بلغاريا بعدها إلى دور الـ 16 لمواجهة أعظم عظماء دور المجموعات على مر تاريخ المونديال، وأفشل فاشل في ثمن النهائي «المنتخب المكسيكي» الذي كان يقوده الحارس صاحب الألوان البهلوانية «خورخي كامبوس».
استهل خريستو المشوار في تلك المباراة بهدف عبقري في الدقيقة 6 بتسديدة يسارية مُتقنة من داخل منطقة العمليات بعد هجمة مرتدة سريعة من قبل وسط الملعب.
إلا أن ألبيرتو أسبي عدل النتيجة في الدقيقة 18 من ركلة جزاء، لتنتقل المباراة لركلات جزاء ترجيحية، لم يسدد فيها خريستو، لكنها انتهت بفوز بلغاريا 3/1.
استمرت المفاجأة المدوية لبلغاريا مع الثور الهائج «خريستو ستويتشكوف» حين سجل هدف التعادل على منتخب ألمانيا في الدور ربع النهائي، إثر ركلة حرة مباشرة تُدرس في كتب كرة القدم حتى الآن.
تغلب خريستو على الأطوال الفارعة لحامل لقب كأس العالم 1990 بتسديدة مُتقنة بالقدم اليسرى، ذهبت مقوسة من فوق الحائط البشري لتعانق أقصى يسار حارس ريال مدريد «بودو إيلجنر» في الدقيقة 75، علمًا بأن لوثر ماتيوس سجل هدف تقدم ألمانيا من ركلة جزاء في الدقيقة 47.
أربك هدف خريستو نجوم ألمانيا، فطلب من زملائه مواصلة التقدم واستغلال الصدمة بتسجيل الهدف الثاني سريعًا، وهو ما كان برأسية عبقرية من الرقم 9 ذو الصلعة الشهيرة «لوردان ليتشكوف» بعد عرضية مُتقنة من الرواق الأيمن أرسلها لاعب الوسط زلاتكو يانكوف، لتسكن الكرة أقصى يمين الحارس إيلجنر الذي طار بكل قوته للحاق بالكرة لكن لم تكن قفزته على نفس مستوى القفزة الرهيب لليتشكوف أحد أفضل من سجل الأهداف بوضع الغوص «السمكة» جنبًا إلى جنب كلينسمان.
ذهبت بلغاريا إلى نصف النهائي لمصارعة إيطاليا على ورقة العبور للنهائي الحلم أمام البرازيل، لكن ثنائية سريعة من روبرتو باجيو في الدقيقتين 20 و25 أوقفت المفاجأة البلغارية عند هذ الحد، لكنها لم توقف خريستو ستويتشكوف الذي أراد خطف لقب الهداف من السويدي كينيت أندرسون صاحب 5 أهداف والفائز بالمركز الثالث مع بلاده على حساب بلغاريا، فسجل خريستو من ركلة جزاء في الدقيقة الأخيرة أمام الأتزوري من الشوط الأول، ليرفع رصيده لـ 6 أهداف في الصدارة بالتساوي مع أوليج سالينكو الذي ودع من الدور الأول مع روسيا.
في 6 فبراير 1998، احتفل خريستو ستويتشكوف بعيد ميلاده الـ 32، لم يكن متقدمًا في السن كثيرًا عندما حان وقت المشاركة في مونديال فرنسا، لكن مَن حوله كانوا كذلك، فقد تأثروا بعامل السن، وتراجع اللياقة البدنية، لتخفق بلغاريا في التأهل للدور الثاني بسبب الخسارة من نيجيريا 1/صفر، وبستة أهداف لهدف أمام إسبانيا، مع الإشارة إلى أن الافتتاح انتهى بالتعادل 0/0 أمام باراجواي!
ختم خريستو رحلته مع كأس العالم بـ 10 مباريات و6 أهداف، وجملة من الذكريات الجميلة وأبرزها ذكرى الرقم 8 الذي لم يبرز في النسخ التالية من المونديال بنفس الدرجة التي كان عليها مع مُعذب الألمان «إل بيستوليرو».
من هم أفضل 8 لاعبين حملوا الرقم 8 في تاريخ كأس العالم؟
- خريستو ستويتشكوف - بلغاريا. مونديال 1994 و1998.
- تشافي هيرنانديز - اسبانيا. مونديال 2006 و2010 و2014 (لعب في مونديال 2002 برقم 19).
- كارلوس دونجا - البرازيل. مونديال 1994 و1998 (لعب مونديال 1990 برقم 4).
- ساندرو كوتشيس - المجر. مونديال 1954.
- أدولف شيرير - تشيكوسلوفاكيا. مونديال 1962 (لعب مونديال 1958 برقم 18).
- ديدي - البرازيل. مونديال 1954 و1962 (لعب مونديال 1958 برقم 6).
- هيلموت هالير - ألمانيا. مونديال 1962 و1966 و1970.
- جيمي جريفيز - إنجلترا. مونديال 1962 و1966.
طالع الحلقات السابقة من سلسلة أساطير الأرقام في المونديال
(17 يومًا) قاتل أحلام البرتغاليين
(13 يومًا) دير بومبر