يقدم لكم "الشرق رياضة" الحلقة السادسة من سلسلة العد التنازلي الرقمي لموعد بدء مونديال 2022، الذي سينطلق يوم 20 نوفمبر الجاري في العاصمة القطرية الدوحة.
خصص الشرق رياضة منذ بداية العد التنازلي لـ 20 يومًا على موعد بداية المونديال، سلسلة استثنائية يستعرض فيها "أفضل اللاعبين الذين ارتدوا القمصان من 20 لـ 1" في النسخ الماضية من كأس العالم، تحديدًا منذ تطبيق كتابة الارقام على القمصان لأول مرة في التاريخ خلال مونديال 1954 حتى الآن.
كان الألماني أوليفر بيرهوف بطلاً للحلقة الأولى لهذا العد التنازلي الرقمي، بصفته أفضل لاعب حمل الرقم 20 في نهائيات كأس العالم، تبعه الإنجليزي بول جاسكوين كأفضل رقم 19، ويورجن كلينسمان كأفضل رقم 18، ثم النجم المغربي عبد الرزاق خيري كأفضل رقم 17 بالنسبة للمشاركات العربية والأفريقية على حساب جوست فونتين، وفي الحلقة الخامسة تناولنا قصة أسطورة الرقم 16 الهولندي جوني ريب.
(17 يومًا) عبد الرزاق خيري
في حلقة اليوم 6 نوفمبر، سنتحدث عن ذيل الحصان، الذي أعطى رونقًا خاصًا للرقم 15 في تاريخ كأس العالم، عندما قرر الاستعانة به في أول مشاركة له رفقة المنتخب الإيطالي عام 1990.
ذيل الحصان على خطى بلاتيني
أعطى الفرنسي ميشيل بلاتيني للرقم 15 قيمة ووزن في تاريخ الساحرة المستديرة بعد سنين من التهميش والمعاناة لكل مَن ارتداه عندما حمله لاول مرة في مسيرته مع المنتخب خلال مونديال78.
سار الإيطالي روبرتو باجيو على خطى بلاتيني بارتداء نفس الرقم في أول مشاركة له مع بلاده بمونديال 90، لكنه استطاع أن يكون أفضل لاعب حمل هذا القميص على الإطلاق خلال تاريخ كؤوس العالم، بسبب قيادته المثيرة للاعجاب نحو احتلال الأتزوري للمركز الثالث على حساب إنجلترا.
حين ارتداه المكسيكي «لويس هيرنانديز» وتألق به في مونديال 1998 كانت إشارة واضحة إلى زيادة شعبية الرقم 15 بفضل ما قدمه باجيو مع إيطاليا، وواقعية خطفه للأضواء من مارادونا وكبار نجوم العالم في مونديال 90.
اقتصر ظهور روبرتو باجيو بالرقم 15 على نسخة واحدة من المونديال، نظرًا لتفضيله ارتداء الرقم 10 فيما بعد خلال مونديال 94، كيف لا وهو الرقم الذي رافقه مع جميع الأندية التي مثلها في الثمانينات والتسعينات ومطلع الألفية الجديدة وقت اعتزاله بين صفوف بريشيا عام 2006.
تراجع دور باجيو وخفت مع الوقت رفقة إيطاليا، بعد اهدار ركلة الجزاء الشهيرة أمام البرازيل في نهائي مونديال 94، وبالتزامن مع تكرار الإصابات فقد رقمه المفضل وأُجبر على استبداله برقم 18 في مونديال فرنسا 1998، قبل أن يخسر فرصته ككل في لعب مونديال 2002 بعمر 34 عامًا!.
لماذا باجيو أفضل رقم 15 في تاريخ المونديال؟
موهبة ذيل الحصان - كما كان يُلقب باجيو - في التمرير والتوغل بسرعة فائقة، وتسديد الركلات الثابتة، وصناعة الألعاب وتسجيل الأهداف، كلها إمكانيات اتضح أنه يتقنها من اللمسة الأولى للكرة، ليفرض نفسه على الجميع منذ أول مباراة لعبها ضمن الجولة الثالثة من المجموعة الأولى لمونديال 90 أمام تشيكوسلوفاكيا، حيث جلس على دكة البدلاء في أول مباراتين ضد النمسا والولايات المتحدة الأمريكية.
كانت إيطاليا حققت انتصارات ضئيلة على النمسا وأمريكا في الجولتين الأوليين بنفس النتيجة (1-0)، لكن عندما قرر المدير الفني آزيليو فيتشيني الاستعانة بروبرتو باجيو في الجولة الثالثة، فازت إيطاليا أخيرًا بثنائية وقدمت أداءً انسيابيًا في الوسط والهجوم، وسجل باجيو أول أهدافه بقميص المنتخب الوطني في تلك المواجهة.
تجدد الإبداع الإيطالي مع عودة مشاركة باجيو كأساسي أمام أوروجواي في دور الـ16 ثم أمام جمهورية آيرلندا بتقديم تمريرة الهجمة المرتدة التي انتهت بهدف الفوز الوحيد.
وحين عاد باجيو للجلوس على دكة البدلاء في قرار غريب من فيتشيني، كادت إيطاليا تخسر مباراة نصف النهائي في الوقت الأصلي أمام الأرجنتين مارادونا، لتنتقل إلى ركلات جزاء، سجل خلالها باجيو بعد نزوله كبديل ركلة ترجيحية في مرمى الحارس الأسطوري للتانجو «سيرخيو جوكوتشيا».
بمجرد إعادة الفراشة «باجيو» إلى التشكيل الأساسي من جديد أمام منتخب إنجلترا في مباراة تحديد المركز الثالث، فض الاشتباك بافتتاح التسجيل عند الدقيقة 71، ليرفع رصيده لهدفين في البطولة. بعد عشر دقائق عدل ديفيد بلات النتيجة للإنجليز، ليرد المهاجم المحظوظ سالفاتوري سكيلاتشي بهدف الفوز لإيطاليا من ركلة جزاء جلبها بنفسه بعد تلقيه تمريرة بينية من روبرتو باجيو على حدود المنطقة في الدقيقة 85.
كان هجوم إيطاليا يضم في ذلك الوقت «آندريا كارنيفالي وفيالي وسالفاتوري سكيلاتشي وروبرتو مانشيني وألدو سيرينا» وحمل الرقم 10 اللاعب «نيكولا بيرتي»، وكان باجيو عمره 23 عامًا فقط.
أداء باجيو في تلك النسخة كان الأفضل بين جميع مَن حملوا الرقم 15 في كل كؤوس العالم، حتى أفضل من مثله الأعلى بلاتيني، وأفضل من فالكاو البرازيلي في مونديال 82.
استفادة باجيو تطغى على فالكاو وساندرو ماتزولا
طغت استفادة باجيو من الرقم 15 على كل من حملوه من قبله في كأس العالم، فقد أوصله إلى قمة المجد الكروي فيما بعد بتحقيق العديد من الانجازات من بينها الكرة الذهبية 93 وارتداء الرقم المُحبب له (10) واللعب في نهائي كأس العالم 94، وهو سيناريو يشبه ما عاشه بلاتيني لكن بدرجة أقل بقليل بسبب سوء الحظ ولعنة الإصابات التي طاردت باجيو طيلة رحلته.
قبل سنوات بعيدة، أبعد من الظهور الأول لبلاتيني في المونديال، ارتدى المدافع البرازيلي فونتانا الرقم 15 في كأس العالم 1970 في مباراة وحيدة كانت ضد رومانيا خلال دور مجموعات النسخة التي ظفر بها راقصو السامبا على حساب إيطاليا برباعية لهدف في النهائي.
واعتمد المدرب زاجالو في تلك النسخة على 3 مدافعين في الخط الخلفي بصفة دائمة هم «بريتو وويلسون بيازا والقائد كارلوس ألبيرتو».
خلال النسخة ذاتها من مونديال المكسيك 70، اختار لاعب الوسط الشهير «ساندرو ماتزولا» القميص 15 مع منتخب إيطاليا بدلاً من رقم 14 الذي كان يرتديه في مونديال 1966.
تمكن ساندرو من تقديم أداءً جيدًا بالمشاركة في 6 مباريات، لكنه لم يساعد بالقدر الكافي في تسجيل الأهداف أو في الحد من اهتزاز شباك بلاده بـ 9 أهداف دفعة واحدة في 3 مباريات إقصائية أمام المكسيك في ربع النهائي (4-1) ثم أمام ألمانيا الغربية في نصف النهائي (3-4)، والبرازيل في النهائي (4-1).
بعد 8 أعوام من تجربة فونتانا وساندرولا ماتزولا، قرر بلاتيني اختيار القميص 15 في مونديال 1978، وفي كأس العالم 82 غيره برقمه المفضل (10) ثم صار بعدها بعامين أفضل لاعب في العالم من فرانس فوتبول.
أثناء مونديال إسبانيا شارك البرازيلي فالكاو لأول مرة مع راقصي السامبا بالرقم 15 وفي المونديال التالي غيره بالرقم 5.
وحمل الرقم 15 كذلك المدافع الأرجنتيني الشهير «دانييل باساريلا» في 5 مباريات وسجل هدفين بمونديال 82 وفي المونديال التالي الذي توج به كان يرتدي الرقم 6.
لكن ما قدمه ميشيل بلاتيني من سحر أمام إيطاليا ثم تسجيله لهدف أمام الأرجنتين في الجولة الثانية من دور مجموعات مونديال 78، كان أكثر إلهامًا من كل هؤلاء بالنسبة لباجيو وباقي اللاعبين صغار السن آنذاك ممن كانت أعمارهم ما بين 11 إلى 15 عامًا وبدأوا رحلتهم مع المستديرة في أكاديميات كرة القدم.
التأثر بتفاصيل حياة ومسيرة بلاتيني تضاعف بفضل تحقيقه لنجاحات حقيقية مع منتخب الديوك الفرنسية حين قاده للقب كأس أمم أوروبا 1984، ثم التتويج مع نادي يوفنتوس - الفريق المفضل لروبرتو باجيو - بأول لقب دوري أبطال أوروبا في تاريخ النادي عام 1985، من هنا زاد التركيز أكثر فأكثر على أدق تفاصيل حياة بلاتيني.
بعد 14 عامًا من تجربة بلاتيني للرقم 15، والتي كانت متوسطة من ناحية النتائج وبخروج مُبكر من دور المجموعات، اختار روبرتو باجيو نفس الرقم كي يبدأ بعدها مشوار خرافي نقله إلى الرقم 10 وكان مفتاحًا لتتويجه بالكرة الذهبية التي سلمها له بلاتيني بنفسه في عام 1993 في مشهد لن ينساه الجمهور. تمامًا مثل مشهد زيدان وبنزيمة في نهاية 2022 وأنتم تعرفون باقي القصة.