يقدم لكم "الشرق رياضة" الحلقة السابعة من سلسلة العد التنازلي الرقمي لموعد مونديال 2022، الذي سينطلق يوم 20 نوفمبر الجاري لأول مرة في تاريخ الشرق الأوسط على الأراضي القطرية.
خصص الشرق رياضة منذ بداية العد التنازلي لـ 20 يومًا على موعد بداية المونديال، سلسلة استثنائية يستعرض فيها "أفضل اللاعبين الذين ارتدوا القمصان من 20 لـ 1" في النسخ الماضية من كأس العالم، تحديدًا منذ تطبيق الفيفا لكتابة الارقام على القمصان لأول مرة في مونديال 1954.
كان الألماني أوليفر بيرهوف بطلاً للحلقة الأولى لهذا العد التنازلي، بصفته أفضل لاعب حمل الرقم 20 في نهائيات كأس العالم، تبعه الإنجليزي بول جاسكوين 19، والألماني كلينسمان 18، والمغربي عبد الرزاق خيري 17، وجوني ريب 16، وروبرتو باجيو 15.
طالع الحلقات السابقة
(17 يومًا) قاتل أحلام البرتغاليين
وفي حلقة اليوم 6 نوفمبر، ومع تبقي 14 يومًا على موعد بداية المونديال، نخصصها للأستاذ العبقري «يوهان كرويف» أو كما لُقب طيلة مسيرته بلقب «مستر 14».
السلفادور قاهر البرازيل والخائن بوشكاش
لا يوجد لاعب وسط أو صانع ألعاب أو مهاجم في الثمانينات أو التسعينات أو حتى في بداية الألفية، قرر اختيار ارتداء الرقم 14 مع منتخب بلده أو ناديه، إلا وكان السبب الأول والأخير، أعظم مَن أنجبت كرة القدم، الهولندي الطائر «يوهان كرويف» صاحب الفضل الكبير في بناء شعبية خاصة للكرة الهولندية حول العالم.
صار للرقم 14 شعبية غير عادية بين اللاعبين المهرة مثله مثل الارقام التقليدية 11 و10 و7، من بعد أن ارتداه يوهان كرويف، وبفضل المستوى الخرافي الذي قدمه مع منتخب الطواحين في النسخة الوحيدة التي لعبها معه في كأس العالم عام 1974.
لُقب يوهان كرويف خلال رحلته الرائعة مع كرة القدم بعدة ألقاب من بينها الهولندي الطائر والسلفادور، وتعني بالإنجليزية «المنقذ» بسبب مساعدة برشلونة على العودة لدائرة الأضواء أمام ريال مدريد بعد سنوات عديدة من الضياع والمنافسة مع الصغار، ولأنه اختار الرقم 14 لقميصه، وهو أحد الأرقام غير التقليدية في ذلك الوقت، فأطلق عليه بكل تجرد Nummer 14 بالهولندية اللاعب رقم 14.
صاحب 3 كرات ذهبية (بالون دور) في الفترة من 1971 إلى 1974، كانت نسخة واحدة فقط من المونديال كفيلة بجعله أسطورة للرقم 14 بإمتياز على حساب عدة لاعبين ارتدوا نفس الرقم، مثل الإيطالي جاني ريفيرا في الستينيات، والروسي إيفانوف، وخائن المجر الشهير «فرينك بوشكاش» الذي قرر تغيير ولاءه باللعب لمنتخب إسبانيا في مونديال 1962 بالرقم 14، إلا أنه فشل ولم يسجل أي هدف في 3 مباريات وودع بلده الجديد من الدور الأول يجر أذيال الخيبة بخسارتين أمام تشيكوسلوفاكيا والبرازيل.
قاد كرويف الذي عُرف كذلك بلقب «يوبي» منتخب بلاده نحو التأهل إلى المباراة النهائية في المونديال الأول له، عندما حمل شارة القيادة في جميع المباريات، وفي الطريق نحو ملاقاة ألمانيا الغربية في النهائي، تغلب على أعتى وأصعب منتخبات الأرض آنذاك «البرازيل والأرجنتين» بالإطاحة بهما من دور المجموعات الثاني.
فازت هولندا على أوروجواي وبلغاريا خلال دور المجموعات الأول ضمن المجموعة الثالثة، وتعادلت من دون أهداف مع السويد.
وفي دور المجموعات الثاني، حيث وُضعت هولندا في المجموعة الأولى مع الأرجنتين وألمانيا الشرقية والبرازيل، كان يتوجب على كرويف تحسين لمسته أمام المرمى بعدما فشل في تسجيل أي هدف خلال الدور الأول.
وبالفعل نجح كرويف في تسجيل ثنائية في أول مباراة بهذا الدور ضد الأرجنتين، وفازت هولندا 4-0، وخلال المباراة الثانية ضد ألمانيا الشرقية صنع وفازت هولندا 2-0، لينحصر بعدها الصراع بين هولندا والبرازيل على ورقة الصعود إلى النهائي.
بمساعدة كرويف، فض يوهان نيسكينز الاشتباك أمام البرازيل بهدف أول عند الدقيقة 50، وبعد 15 دقيقة عاد كرويف بنفسه ليسجل الهدف الثاني الذي قتل به المباراة على راقصي السامبا، لتلاقي هولندا الجارة العنيدة «ألمانيا الغربية» في اللقاء الختامي.
لكن هولندا دفعت ثمن الاحتفال المُبكر بالتتويج بعد هدف سجله نيسكينز من ركلة جزاء تحصل عليها كرويف إثر عرقلة واضحة داخل المنطقة عند الدقيقة 2.
أدى الاكتفاء بالهدف الوحيد إلى استقبال الطواحين لهدفين من بول بارتنر وجيرد مولر في الدقيقتين 25 و43، وطوال الشوط الثاني أبدع الدفاع الألماني بقيادة بيرتي فوجتس وفرانز بيكنباور في غلق المساحات على كرويف لمنعه من ايصال كراته الحاسمة والمؤثرة إلى جوني ريب أو البديل ريني فان دي كيرخوف ليحافظ الحارس القط «سيب ماير» على اللقب الثاني للألمان.
انتهت مسيرة كرويف بعد تلك النسخة من المونديال عند هذه المشاركة الوحيدة بلعب 7 مباريات، وتسجيل 3 أهداف، وتقديم 3 تمريرات حاسمة والحصول على ركلة جزاء في النهائي، حيث رفض بعد 4 أعوام السفر رفقة بعثة المنتخب الهولندي للمشاركة في مونديال 1978 على الأراضي الأرجنتينية، خوفًا على حياته من بطش الجنرال الأرجنتيني «فيديلا» الذي توعد باختطافه بسبب ما فعله في الأرجنتين بمونديال 74!.
على كل حال، كان ما قُدم في 74، كفيلاً بجعل كرويف أسطورة الرقم 14، حتى بعدما فاز غيره مع هذا الرقم بلقب البطولة مثل الإسباني تشابي ألونسو عام 2010، فلا يمكن لأحد أن يتذكر تشابي وينسى كرويف عند الحديث عن هذا الرقم.
لا يمكن لأي هولندي أن يتذكر مارك أوفرمارس على حساب أسطورة برشلونة وأياكس، وفي الأرجنتين نفسها لا أستطيع تخيل عقد أحدهم لمقارنة بين دييجو سيميوني وخافيير ماسكيرانو أمام كرويف، أو حتى في إيطاليا إذا جاءت سيرة ماركو تارديلي وجياني ريفيرا، أو في روسيا رغم تسجيل نجم الاتحاد السوفيتي فالنتين إيفانوف لخمسة أهداف في مونديال 1962 بالرقم 14.
ماذا قدم كرويف في مونديال 1974؟
يُشكل أداء يوهان كرويف في مونديال 1974 نموذجًا حيويًا لما يعرف بالكرة الشاملة، فقد ساهم بصورة أساسية في تطوير أدوار لاعب الوسط متعدد الاستخدامات، صحبة زميله يوهان نيسكينز، بإدارة مثالية من المدرب المحنك رينوس ميشيلز.
تميز كرويف دونًا عن غيره من لاعبين بالقدرة على التحرك في جميع ارجاء نصف ملعب الخصم، وأظهرت الخرائط الحرارية لمواقع الإحصائيات الكبرى مثل أوبتا، دوره في عملية بناء الهجمات بالعودة إلى الدائرة لمعاونة لاعبي الارتكاز، ومَن يشبهه حاليًا في نفس الدور لاعب وسط ريال مدريد «لوكا مودريتش» الذي بدأ مسيرته بالرقم 14 رفقة دينامو زغرب الكرواتي ثم توتنهام الإنجليزي والذي حمله مع منتخب كرواتيا في مونديال 2006 قبل أن يغيره بالرقم 10 في مونديالي 2014 و2018.
كما أبدع كرويف في التمرير من لمسة واحدة، والتحرك دون كرة في المساحات الخالية على طرفي الملعب وتقديم الكرات الأرضية لزملائه دون لعب بفردية مُفرطة كما كان يفعل مارادونا.
ووصل إجمالي الفرص التي صنعها يوهان كرويف خلال دور مجموعات مونديال 74 إلى 22 تمريرة مؤكدة لتسجيل الأهداف، وقام بـ 25 انطلاقة فتح بها اللعب، بالاضافة إلى تقديم 36 لمسة صحيحة للكرة، و50 تمريرة بأشكال مختلفة داخل منطقة جزاء، ويقال أن لو تمركز زملائه كان كما يريد لما خسرت هولندا في النهائي أمام ألمانيا الغربية بهذه البساطة.
تفوق كرويف على لاعبين أمثال فرانز بيكنباور وبرانكو أوبلاك وكارلوس بابينجتون في مدى القدرة على الاحتفاظ بالكرة لأكثر عدد ممكن من الدقائق خلال جميع مباريات مونديال 74 برصيد 19 دقيقة متفوقًا بفارق دقيقة عن بيكنباور.
قائمة أشهر مَن حملوا الرقم 14 في تاريخ كأس العالم
- يوهان كرويف - هولندا، مونديال 1974
- تشابي ألونسو - اسبانيا، مونديال 2006 و2010 و2014
- فالنتين إيفانوف - الاتحاد السوفيتي، مونديال 1962
- ماركو تارديلي - ايطاليا، مونديال 1978 و1982
- ديتر مولر - ألمانيا، مونديال 1978
- جان تيجانا - فرنسا، مونديال 1982 و1986
- جياني ريفيرا - ايطاليا، مونديال 1962 و1970 (غيره بـ 19 في 1966 وبـ 10 في 1974).
- فرينك بوشكاش - اسبانيا، مونديال 1962
- دانيل أموكاشي - نيجيريا، مونديال 1994 و1998
- ريكاردو جوستي - الأرجنتين، مونديال 1986 و1990
- لوكا مودريتش - كرواتيا، مونديال 2006 (استبدله بـ 10 في مونديال 2014 و2018).
- دييجو سيميوني - الارجنتين، مونديال 1994 و2002 (استبدله بـ 8 في مونديال 98)
- فيليكس ماجات - ألمانيا، مونديال 1982 (استبدله بـ 10 في مونديال 1986)
- خافيير ماسكيرانو - الارجنتين، مونديال 2010 و2014 و2018 (لعب بـ 8 في مونديال 2006).