أفول نجم أياكس بعد تخبّط وفراغ في السلطة... فهل يشهد "حرباً أهلية"؟

time reading iconدقائق القراءة - 2
ملعب "يوهان كرويف أرينا" الخاص بأياكس أمستردام قبل مباراة ودية بين هولندا واسكتلندا – 22 مارس 2024 - Reuters
ملعب "يوهان كرويف أرينا" الخاص بأياكس أمستردام قبل مباراة ودية بين هولندا واسكتلندا – 22 مارس 2024 - Reuters
دبي-الشرق

هزيمة أياكس أمستردام 0-6 أمام فينورد روتردام، ألدّ خصومه، في 7 أبريل، شكّلت ختام أسوأ 5 أيام في الذاكرة الحديثة للنادي الهولندي، كما أفاد موقع "ذا أتلتيك".

سُئل مسؤول في أياكس عمّا إذا كان هذا العام هو "الأسوأ" خلال المواسم الـ12 التي قضاها في النادي، فأجاب ضاحكاً: "هذا العام؟ جرّب هذا الأسبوع فقط".

أفول نجم أياكس كان بطيئاً وخفيّاً. فخلال المواسم الثلاثة الماضية، بدّل النادي مسؤولين تنفيذيين ومدربين، ونفّذ تغيرات كبرى في الأكاديمية، وكافح من أجل التكيّف مع خطط مالية سريعة التبدّل.

ورأى عضو في الطاقم الفني أن "النادي مشتعل في الوقت الحالي".

استقالة مارك أوفرمارس

في عام 2019، كان أياكس على بعد دقيقة واحدة من خوض نهائي دوري أبطال أوروبا. وفاز بالدوري الهولندي 4 مرات متتالية، بين موسمَي 2018-2019 و2021-2022. ولكن بعد هزيمته المذلّة أمام فينورد، يحتلّ الفريق المركز الخامس في الدوري الهولندي، وخرج من الدوري الأوروبي، كما كان يقبع في منطقة الهبوط بأكتوبر الماضي.

ويُعدّ رحيل مارك أوفرمارس في فبراير 2022 إحدى نقاط البداية في هذا الصدد. المدير الرياضي السابق أُرغم على الاستقالة، بعد إقراره بتوجيه رسائل غير لائقة إلى موظفات في النادي، علماً أنه أدار بنجاح باهر عمليات كرة القدم إلى جانب المدرب السابق إريك تن هاغ، قبل رحيل الأخير إلى مانشستر يونايتد.

سيورد موسو، أحد أبرز صحافيّي كرة القدم في هولندا، أشاد بمهارة أوفرمارس في التفاوض لإبرام صفقات، قائلاً: "إنه ليس مديراً رياضياً تعلّم في حصص دراسية ـ لدينا مقولة يمكن ترجمتها بـ(ذكاء المزارع)، وتعني إلى حدّ ما حكمة الشوارع".

وتابع: "كان يتواصل غالباً عبر واتساب، دائماً من خلال جمل وجيزة جداً. وعندما كان يتفاوض، كان يرسل رقماً واحداً فقط. وكان يجري هذه المفاوضات بمفرده. لم تكن هناك هيكلية أو خطة أو وثائق. لم يكن هناك شيء إطلاقاً".

فراغ في السلطة

وبعد إقالة أوفرمارس، ورحيل تن هاغ إلى إنجلترا إثر 4 أشهر، بدأ أياكس يعاني فراغاً في السلطة، مفتقراً إلى البنية التحتية المُتوقعة لنادٍ في مكانته ونجاحاته.

واتخذ تعيين ألفريد شرودر كخليفة لتن هاغ مساراً خاطئاً، إذ "قُوّض" الفريق في صيف 2022، مع رحيل أنتوني وليساندرو مارتينيز وسيباستيان هالر وراين غرافنبيرش، في مقابل أكثر من 200 مليون يورو.

شرودر أُقيل في يناير 2023، وتعاقد النادي مع سفين ميسلينتات، المدير الرياضي السابق لبوروسيا دورتموند وأرسنال، من أجل العودة إلى المسار الصحيح.

صراع إداري

على غرار أوفرماس، كان ميسلينتات يضمّ لاعبين، من دون رقابة، واحتاج إلى خفض فاتورة الأجور بقيمة 30 مليون يورو مع بداية هذا الموسم، بعد فشل أياكس في التأهل إلى دوري أبطال أوروبا.

تمثّل الحلّ بالنسبة إلى ميسلينتات، في بيع لاعبين يتقاضون رواتب مرتفعة، مثل جوراين تيمبر إلى أرسنال وإدسون ألفاريز ومحمد قدوس إلى وست هام يونايتد.

وبدلاً منهم، ضمّ ميسلينتات عدة لاعبين، ولكن بأسعار زهيدة، ما أقحمه في صراع مباشر مع المدرب الجديد موريس شتاين، الذي شكّل تعيينه مفاجأة أيضاً.

وشكا شتاين في سبتمبر، قائلاً: "قدّمت لسفين قائمة بتعاقداتي المفضلة، لكنه مع الأسف قرر استخدام قائمته. هؤلاء لاعبوه".

وفي غضون أشهر، أُقيل ميسلينتات وشتاين، الثاني بسبب النتائج، والأول بعدما أفادت معلومات بخضوعه لتحقيق داخلي إثر ارتباط شركة تسويق رياضي يمتلك فيها أسهماً، بالتعاقدات الجديدة في ذاك الصيف.

وعُيّن جون فانت شيب، المدرب السابق لفريق الشباب في أياكس، مدرباً مؤقتاً للفريق الأول.

وهنا شعر عضو سابق لفترة طويلة بأياكس، بأن النادي يفتقد "القادة ذوي الرؤية"، إذ أداره مسؤولون يفتقرون إلى مستوى مرتفع من الكفاءة.

أليكس كروز

وكان يُفترض أن يوقف أليكس كروز هذه الفوضى، وهو مسؤول متمرّس أسّس مجموعة Sports Entertainment Group، التي تمثل تن هاغ وآخرين، قبل بيعها لدخول الجانب الرياضي لكرة القدم.

وفي عام 2018، بات كروز المساهم الأكبر والمدير المشارك في نادي غو أهاد إيغلز Go Ahead Eagles، الذي صعد إلى دوري الدرجة الأولى بقيادة تن هاغ، كما جعله الأفضل مالياً في البلاد. ثم انتقل إلى ألكمار AZ Alkmaar، حيث شكّل مجلس إدارة، ونفذ استراتيجية وأدار النادي بشكل يومي.

تمحورت خطة كروز حول إصلاح أياكس، من خلال اعتماد هيكلية حديثة وفعالة، تنهي سيطرة لاعبين سابقين على أقسام مختلفة.

وعلى المستوى الداخلي، أراد كروز تكريس تسلسل قيادي واضح، ولم يكن سيتردد في تغيير موظفين.

وقال موسو، في إشارة إلى كروز: "كان يريد التخلّص من الأشخاص الموجودين في النادي، ممّن لا يضيفون أي قيمة. لم يكن دبلوماسياً، وكان واضحاً جداً وهولندياً جداً، وسيخبرك إذا كان يعتقد بأنك تزعجه. وبالنسبة إلى بعض الأفراد، كان مثالياً لهذا المنصب. ولكنه لم يكن قائداً سهلاً، ولذلك أثار معارضة ضده أيضاً".

عمليات مشبوهة

حقبة كروز دامت 19 يوماً، إذ جمّد أياكس عمله، للاشتباه في قيامه بالتداول من الداخل، إذ اتبع النادي نصيحة قانونية خارجية، بعدما علِم بشرائه أكثر من 17 ألف سهم في النادي، مباشرة قبل تعيينه في 2 أغسطس الماضي.

ويُعدّ التداول من الداخل، أي شراء الأسهم أو بيعها بناءً على معلومات سرية، جريمة جنائية.

كروز شدد على أنه "اشترى شخصياً كلّ سهم في أياكس"، مضيفاً أن المجلس الإشرافي لأياكس كان "على دراية" بحزمة أسهمه وأنه قدّم "كشفاً كاملاً" لكلّ الأصول ذات الصلة، بما في ذلك أسهمه الـ 42500 في النادي.

جاء ذلك بعدما اعتبر المجلس الإشرافي أن "نية خبيثة" حرّكت كروز، لدى شرائه الأسهم في 26 يوليو 2023.

وعقد رئيس مجلس إدارة أياكس، مايكل فان براغ، مؤتمراً صحافياً طارئاً، قال خلاله: "نحن مندهشون جداً لما يحدث الآن لأياكس. ما فعله أليكس كروز لا يتوافق مع ما نمثله في أياكس. اللحظة التي اشترى فيها الأسهم تعني أنه كان يتداول بمعلومات داخلية".

وتابع: "بعد تفكير متأنٍ، توصّل المجلس الإشرافي إلى نتيجة مفادها أن وضع أليكس كعضو في مجلس إدارة أياكس لا يمكن الدفاع عنه... نعتقد بأن الأمر فظيع، ولكن دعوني أكون واضحاً: اللوم يقع على أليكس ولا أحد غيره".

كرويف و"الثورة المخملية"

حتى لو برّأته "هيئة أسواق المال الهولندية"، فإن المجلس الإشرافي للنادي، ويضمّ 6 أفراد بقيادة فان براغ، فقد الثقة بكروز ويتمتع بصلاحية إقالته. ومع ذلك، يُعتقد بأن كروز يحظى بدعم مجلس الأعضاء، الذي يمتلك 73% من أسهم النادي، بحسب "ذا أتلتيك".

ويأمل حلفاء كروز بأن يتمكّن مجلس الأعضاء، في حال تبرئته، من إقناع المجلس الإشرافي بتبديل رأيه، خشية إشعال فتيل حرب أهلية.

ولم يشهد النادي هذه الحالة من الانقسام منذ عام 2010، عندما بلغت محاولات اللاعب والمدرب الأسطوري الراحل يوهان كرويف لتحديث النادي، في ما سُمّي بالثورة المخملية، ذروتها في شكل معارك قانونية.

وقال موسو في هذا الصدد: "خلال أزمة 2010، كان الأمر واضحاً جداً، إما أن تكون مع كرويف أو ضده. أما الآن، فالأمر أشبه بحرب مع 20 عدواً، الجميع يدافع عن نفسه، والجميع يقاتل بعضهم بعضاً".

خطر أيندهوفن

ويعتقد البعض بأن المشكلات تعود إلى عام 2016، لدى رحيل الطاقم الفني للأكاديمية، الذي أعدّ فرينكي دي يونغ وماتيس دي ليخت ودوني فان دي بيك، احتجاجاً على رفض أياكس التمسّك بخطة كرويف. واستقال 14 مدرباً آنذاك، بينهم تقريباً جميع المسؤولين البارزين في الأكاديمية.

وبقيادة تن هاغ وأوفرمارس، تمثلت خطة أياكس في محاكاة بايرن ميونيخ واستخدام التأهل لدوري أبطال أوروبا لضمان الهيمنة المالية. ومع ذلك، يُرجّح ألا يشارك النادي في المسابقة، للموسم الثاني على التوالي، ما يضعه في مأزق.

ثمة ما يُقلق أياكس، وهو أن يؤسّس نجاح أيندهوفن لهيمنة لاحقة في هولندا، علماً أنه يتصدّر الدوري بفارق شاسع عن مطارديه.

وفي هذا السياق قال موظف سابق آخر: "لا بدّ من كسر هذه الحلقة. إذا استمرّ الوضع على ما هو عليه، فسيواجه أياكس مشكلة ضخمة جداً، لأن كرة القدم تتطوّر كل عام، على صعيد المستوى والأموال والمعرفة الفنية. وإذا لم تواكب هذا التقدّم، ستفقد الثقة. هذا هو الخطر الكبير".

تصنيفات

قصص قد تهمك