برشلونة "ضحية" لبيئة "سامة"... "اكتشفها" كرويف و"هزمت" غوارديولا وتشافي

time reading iconدقائق القراءة - 2
تشافي هيرنانديز وبيب غوارديولا قبل مباراة ودية بين برشلونة ومانشستر سيتي على ملعب "كامب نو" - 24 أغسطس 2022 - Reuters
تشافي هيرنانديز وبيب غوارديولا قبل مباراة ودية بين برشلونة ومانشستر سيتي على ملعب "كامب نو" - 24 أغسطس 2022 - Reuters
دبي-الشرق

وصف بيب غوارديولا مدرب مانشستر سيتي، ناديه السابق برشلونة بأنه "استثنائي ويتمتع بجاذبية"، لكنه انتقد "معاركه الداخلية الكثيرة".

غوارديولا رحل عن برشلونة عام 2012، بعد 4 مواسم فاز فيها بكلّ الألقاب الممكنة، حوّلته من لاعب أسطوري إلى مدرب أسطوري للنادي.

لكن ذلك لم يمنعه من وضع إصبعه على الجرح، بقوله لشبكة TV3 الكاتالونية: "في برشلونة تتعرّض لطلقات كل يوم ومن كل اتجاه، لكن أكثر الطلقات الموجعة تأتي من الداخل".  

وأضاف: "مهنة مدرب برشلونة هي الأصعب إطلاقاً، لطالما كانت كذلك وستستمرّ. الطلقات تأتيك من وراء ظهرك، في الأندية الأخرى ترى من أين تأتيك الطلقات. ثمة معارك صغيرة كثيرة داخل برشلونة يومياً، لا يمكن تغيير طريقة هذا النادي ولا بدّ من التعايش معها".

تصريحات غوارديولا ذكّرت بما حدث لمدربين سابقين في النادي، بينهم تشافي هيرنانديز، الذي يُعتبر شخصية أسطورية في برشلونة، حين كان لاعباً، لكنه أعلن في يناير الماضي أنه سيترك منصبه مدرباً أواخر الموسم، إذ أن "حالة السُمّية" المحيطة بالنادي أشعرته بأنه غير قادر على الاستمرار، كما أفاد موقع "ذي أتلتيك".

وأشار إلى أن تشافي لم ينجح في التخلّص من ضغوط "بيئة" برشلونة، أو ما يُسمّى بالإسبانية Entorno.

وكان يوهان كرويف، وهو أسطورة أخرى في برشلونة، أول ما استخدم هذا المصطلح، عندما كان مدرباً للفريق عام 1992، لوصف الضغوط الاستثنائية في النادي.

وقال توني رويز، وهو مسؤول إعلامي سابق في برشلونة: "منذ أطلق كرويف اسماً عليه، تطوّر (هذا المصطلح) إلى مستوى مختلف تماماً. وبات أكثر اتساعاً وتعقيداً بكثير".

وأمضى رويز 26 عاماً في برشلونة، إذ انضمّ للنادي عام 1996، وأصبح مدير مكتبه الإعلامي قبل استبداله عام 2021.

وبعد عمله في قطاعات أخرى منذ ذلك الحين، يعتقد رويز بأن "حالة الاهتمام، والضغوط، والتدقيق الخارجي التي يشهدها برشلونة تُعتبر سابقة في قطاع الرياضة".

وأضاف: "عندما تسمع أي شخص في برشلونة يستخدم كلمة entorno، فهي تُشير إلى مزيج من الأعضاء (سوسيوس)، والمشجعين، والصحافيين، وكذلك الرؤساء السابقين، والمديرين التنفيذيين، واللاعبين، أو حتى الساسة الذين كانوا على صلة بالنادي في أيّ وقت".

وتابع: "جميعهم يعبّرون عن رأيهم بشأن النادي عبر وسائل الإعلام، مواقع التواصل الاجتماعي، أو حتى الاجتماعات غير الرسمية".

تسييس النادي

وثمة عامل أساسي وراء قوة "البيئة" المحيطة ببرشلونة، يتمثل في نموذجه الرئاسي، إذ ينتخب الأعضاء رئيس النادي، ويُقدّم المرشحون المحتملون للمنصب رؤى مختلفة لمستقبل النادي.

وعادة ما تُنظم الانتخابات كلّ 5 سنوات. وفي الانتخابات الأخيرة التي أُجريت عام 2021، أدلى 55611 عضواً بأصواتهم، بنسبة مشاركة بلغت 50.42%. وانتُخب جوان لابورتا رئيساً بنسبة 54.28%، أي بمجموع 30148 صوتاً.

ويحق لمشجعي كلّ الأندية إبداء رأيهم في شؤونها، ولكن في برشلونة، يشكّل مشجعو الفريق تأثيراً ملموساً، ممّا يُسبغ طابعاً سياسياً على كلّ ما يتعلّق بالنادي.

وخلال الشهر الماضي، أجرت وسائل إعلام كاتالونية مقابلات مع فيكتور فونت، الذي حلّ ثانياً في انتخابات رئاسة النادي عام 2021، مبدياً رأيه في وضعه، وراصداً الانتخابات المقبلة المرتقبة عام 2026.

رئاسة برشلونة والنفوذ

الموقع اعتبر أن ترؤس برشلونة يشكّل تاريخياً وسيلة بلا مثيل لاكتساب مقدار أكبر من التقدير الاجتماعي والنفوذ، لا سيّما في كاتالونيا، ولكن الآن على مستوى العالم أيضاً.

وكان جوسيب لويس نونيز، الذي ترأس النادي لأطول فترة في تاريخه (بين عامَي 1978 و2000)، أكثر تصميماً على تولّي المنصب، إذ سيُدخله نخبة كاتالونيا.

نونيز الذي كان رجل أعمال ناجحاً، وُلد في باراكالدو بإقليم الباسك. وشكّل ترؤسه برشلونة وسيلة لاكتساب مستوى من النفوذ لا يُمكن أن يحققه شخص "دخيل" مثله.

ثمة مقدار ضخم من السلطة يرتبط برئاسة برشلونة، كما تبدأ ألاعيب سياسية في معركة الوصول لهذا المنصب. وينشط الجميع من أجل مصالحهم، كما أن لكلّ من الأطراف المتنافسة أجندته الخاصة، ولن يتردد أيّ منهم في فرضها، سعياً لكسب القبول لدى المشجعين.

حرب إعلامية

وينعكس كلّ ذلك في الهيكلية المعقدة لإدارة قسم الإعلام في برشلونة، والذي يضمّ مسؤولين إعلاميين مرتبطين بالنادي، وموظفين مقرّبين من الفريق الأول، وأفراداً مقرّبين من صنّاع القرار في النشاطات المتصلة بكرة القدم.

ولدى لابورتا فريق إعلامي خاص به. وفي مطلع الموسم، عيّن تشافي مراسلاً متمرّساً في شؤون برشلونة، لإدارة علاقاته بوسائل الإعلام.

ونقل "ذي أتلتيك" عن مصدر كان مقرّباً من طاقم التدريب الذي قاده بيب غوارديولا في برشلونة، قوله: "جميع الأطراف في النادي يعتقدون بأنه من المفيد بالنسبة إليهم الحفاظ على علاقات معيّنة مع قطاع من وسائل الإعلام الكاتالونية، وتشكيل نوع من الرابط الذي يخدم مصلحتهم الخاصة".

وأضاف: "في برشلونة، على الصحافيين أيضاً تحمّل بعض المسؤولية. وبما أن كلّ شخص مقرّب من طرف أو آخر في النادي، ثمة مناسبات عديدة يُمكن من خلالها اكتشاف الأخبار المفبركة في وسائل الإعلام".

وتابع: "عندما كنا في النادي، كان الأمر صارخاً. ولا أقصد الأخبار المنشورة من دون علمنا، ولكنها كانت صحيحة. أتحدث عن قصص مفبركة كان يعرفها الجميع في النادي، ولكنها نُشرت من باب المجاملة لشخص ما أو التآمر ضد آخر".

"مكافحة المعلومات الكاذبة"

رويز اعتبر أن "مكافحة المعلومات الكاذبة" كانت "أكبر معركة اضطر إلى خوضها" خلال وجوده في برشلونة.

وأشار المصدر المقرّب من فريق غوارديولا إلى أن "أساسيات إدارة نادٍ متشابهة في كلّ مكان"، وتتمثل في أن "الأمور تسير على ما يرام عندما تفوز، لكن المشكلات تظهر إذا خسرت".

واستدرك: "ما يجعل برشلونة مختلفاً هو الطريقة التي يبلغ فيها جميع المدربين النهاية بشكل سيء. عندما غادر بيب، كانت هناك توترات مع مجلس إدارة (رئيس النادي آنذاك) ساندرو روسيل، وتوترات داخل غرفة الملابس، وتوترات مع وسائل الإعلام. صعبٌ جداً أن ترحل سعيداً، ويكاد ذلك يكون مستحيلاً".

وقالت مصادر مُقرّبة من تشافي إنه تأثر بشدة بحجم الانتقادات التي وُجّهت إليه، ووجد استحالة في تجاهلها.

وأضافت أن تشافي كان يتابع كلّ ما يُنشر أو يُقال في كل وسائل الإعلام ببرشلونة.

تصنيفات

قصص قد تهمك