"فوضى" تشيلسي وخسائره المالية تُفاقم مشكلاته رغم إنفاق قياسي

time reading iconدقائق القراءة - 2
مدرب تشيلسي ماوريسيو بوتشيتينو محبطاً خلال مباراة ضد ولفرهامبتون على ملعب "ستامفورد بريدج" - 4 فبراير 2024 - AFP
مدرب تشيلسي ماوريسيو بوتشيتينو محبطاً خلال مباراة ضد ولفرهامبتون على ملعب "ستامفورد بريدج" - 4 فبراير 2024 - AFP
دبي-الشرق

الرئيس الأميركي لنادي تشيلسي الإنجليزي تود بوهلي محتجب هذه الأيام. ففي الأسابيع الأولى التي تلت استحواذ مجموعة "كليرليك" على تشيلسي، كان بوهلي يظهر بشكل منتظم، ليبلغ كرة القدم الأوروبية بما يمكن أن تتعلّمه من الرياضة الأميركية، ويتحدث بفخر عن نياته التخريبية، وهذا أمر مؤسف جداً، إذ أنفق مليار دولار لتحويل تشيلسي من فريق فائز بدوري أبطال أوروبا إلى فريق يحتلّ المركز الحادي عشر في الدوري الإنجليزي الممتاز.

ساد اعتقاد في مطلع العام بأن الأمور قد تسير على ما يرام في مرحلة ما بتشيلسي، خصوصاً أن الفريق كان بلغ نهائي كأس رابطة الأندية الإنجليزية المحترفة وفاز بثلاث مباريات متتالية في الدوري، ليصعد إلى النصف الأول من الترتيب.

ربما كان المدرب الأرجنتيني ماوريسيو بوتشيتينو بدأ أخيراً يفرض بعض النظام، في ظلّ فريق يعاني من فوضى عارمة. لكن الحقيقة أن ما قدّمه الفريق في المباراتين الأخيرتين بالدوري دمّر هذه الفكرة تماماً، رغم أن تشيلسي داوى جروحه إلى حدّ ما، بفوزه على مضيفه أستون فيلا 3–1 الأربعاء، في مباراة معادة بالدور الرابع من الكأس.

هزائم مذلّة وفوضى

وبعدما اهتزت شباك تشيلسي بأربعة أهداف وتم التلاعب به تماماً أمام ليفربول، عاد الفريق ليتلقى أربعة أهداف أخرى على ملعبه أمام ولفرهامبتون في المرحلة الماضية.

قد تكون الخسارة أمام فريق مثل ليفربول مفهومة على ملعب "أنفيلد"، ولكن ليس مفهوماً تماماً خسارة تشيلسي على ملعبه أمام ولفرهامبتون برباعية، خصوصاً أن الأخير كان مسيطراً تماماً على اللقاء، وقادراً على الخروج بنتيجة أكبر.

وظهر تشيلسي بشكل فوضوي تماماً، ودخل اللاعبون في جدال مع بعضهم بعضاً، فيما طالب مشجعون بإقالة بوتشيتينو، وغنوا بحزن عن حقبة مالكه الروسي السابق رومان أبراموفيتش.

خسائر تشغيلية

المشكلات التي يعاني منها الفريق تتجاوز مجرد تحقيق نتائج سيئة. فعلى المدى الوجيز، لا تمثل نشاطات تشيلسي منذ استحواذ بوهلي و"كليرليك" على النادي أي مشكلة. وأشارت شركة "سويس رامبل" المتخصصة في الشؤون المالية لكرة القدم، في أغسطس الماضي، إلى أن نشاط الانتقالات منذ عملية الاستحواذ كان محايداً تماماً، إذ بلغت الأجور 143 مليون جنيه إسترليني، إضافة إلى 116 مليون جنيه إسترليني من المشتريات، يقابلها تخفيض مقداره 192 مليون جنيه إسترليني في الأجور و62 مليون جنيه إسترليني من المبيعات. والأفضل من ذلك أنه كان هناك ربح بلغ 215 مليون جنيه إسترليني من مبيعات اللاعبين.

قد يبدو ذلك ممتازاً على المدى الوجيز، لكن تعاقدات تشيلسي تُلزمه بإنفاق 1.9 مليار جنيه إسترليني في المستقبل. ويجب الإشارة إلى أن النادي سجل خسائر تشغيلية في كلّ من المواسم العشرة الماضية، وهذه الصورة التي باتت أكثر سوءاً خلال السنوات الأربع الماضية.

ففي موسم 2021–2022، بلغت الخسائر التشغيلية 224 مليون جنيه إسترليني، ليصل إجمالي الخسائر على مدار العقد إلى 944 مليون جنيه إسترليني. وتمت موازنة ذلك إلى حد ما، بمبلغ 706 ملايين جنيه إسترليني من مبيعات اللاعبين.

ومع الأخذ في الاعتبار الانخفاض في فاتورة الأجور، وتوقع مصادر دخل ومصاريف أخرى لهذا الموسم، قدّرت شركة "سويس رامبل" الخسائر المقدرة بمبلغ 131.6 مليون جنيه إسترليني لموسم 2023–2024، لتضاف إلى 70.2 مليون جنيه إسترليني الموسم الماضي، و121.4 مليون جنيه إسترليني في الموسم السابق لذلك.

أزمة كبرى

ثمة خصومات مسموح بها لما يُوصف بالإنفاق "الصحي"، مثل الإنفاق على أكاديمية الناشئين وفريق السيدات، الذي يمكن تقديره بمبلغ 40 مليون جنيه إسترليني أو نحو ذلك في الموسم الواحد.

وعند أخذ الخسائر الإضافية في موسم تفشي فيروس كورونا بالحسبان، سنجد أن خسائر تشيلسي تتجاوز 105 ملايين جنيه إسترليني لفترة ثلاث سنوات، حتى موسم 2022-2023.

ولكن بالنسبة لموسم 2023-2024، يبدو أن النادي يواجه أزمة كبرى، إذ قدّرت شركة "سويس رامبل" خسائر النادي لفترة التقييم البالغة ثلاث سنوات، بمبلغ 201 مليون جنيه إسترليني - وكان ذلك على افتراض أن الفريق سيحتلّ المركز السادس، وهذا ما يبدو أمراً متفائلاً جداً في الوقت الحالي.

انتهاكات للعب المالي النظيف

صحيح أن قواعد الاتحاد الأوروبي لكرة القدم "يويفا" ليست ذات صلة بالأمر على الفور، لكنها تعمل لتغيير نموذج قواعد اللعب المالي النظيف الخاص بها، لتتحوّل إلى نسبة من التكاليف، التي بموجبها يجب ألا تتجاوز أجور اللاعبين ومقابل الصفقات ورسوم وكلاء اللاعبين 70% من الإيرادات والأرباح من مبيعات اللاعبين بحلول عام 2025. وفي الوقت الحالي، تبلغ النسبة في تشيلسي نحو 90%.

يخضع تشيلسي لتحقيق بشأن انتهاكات تاريخية محتملة لقواعد اللعب المالي النظيف في حقبة أبراموفيتش، وهذا ما قد يؤدي إلى خصم نقاط (أو ما هو أسوأ)، وهذا الأمر الذي سيجعل مهمة النادي أكثر صعوبة خلال الفترة المقبلة.

أكاديمية الناشئين

ويمرّ النادي بمرحلة صعبة جداً، فرغم نجاحه في تجاوز هذه العقبات المالية خلال فترة السنوات الثلاث حتى يونيو الماضي، فإنه لم يفعل ذلك إلا بفضل مبيعات استثنائية، ولم يعُد لدى النادي الكثير من اللاعبين الصاعدين من أكاديمية الناشئين.

لنفترض أن تشيلسي سيبيع مويسيس كايسيدو خلال الصيف المقبل في مقابل المئة مليون جنيه إسترليني التي دفعها للتعاقد معه. صحيح أن ذلك سيقلّل التكاليف وفاتورة الرواتب، لكن عقد اللاعب الممتد لثماني سنوات يعني أن الربح سيكون 100 مليون جنيه إسترليني فقط مطروحاً منها قيمته الدفترية، التي ستكون 87.5 مليون جنيه إسترليني، لأن العقد يتبقى عليه 7 سنوات كاملة، وبالتالي سيكون إجمالي الربح المحقق من بيع اللاعب 12.5 مليون جنيه إسترليني فقط.

وبالتالي، سيكون صعباً على تشيلسي الاستمرار في تحقيق الأرباح التي كان يحققها خلال العقد الماضي. ويُرجّح أن يكون مُلاك النادي متحمسين جداً للاستماع لأي عروض لمَن تبقى من اللاعبين الصاعدين من أكاديمية الناشئين، مثل كونور غالاغر وريس جيمس، وهذا الأمر الذي يتنافى مع منطق كرة القدم، إذ تسعى الأندية للاستفادة من اللاعبين الذين نشأوا وتربّوا في النادي، والذين تكون علاقتهم بالنادي أكبر من مجرد الأموال والرواتب، مثل جون تيري وفرانك لامبارد.

ربما سيحصل تشيلسي على إعفاء إضافي عن الخسائر التي تكبّدها، بعد فرض عقوبات على أبراموفيتش، رغم عدم وجود ضمانات لحدوث ذلك. ولكن في ظلّ احتمال عدم تأهل الفريق للمشاركة في دوري أبطال أوروبا، سيكون صعباً أن نرى كيف سترتفع الإيرادات بشكل ملحوظ خلال الموسم المقبل.

في النهاية، يعاني النادي من فوضى عارمة، والأشخاص الوحيدون الذين يمكن إلقاء اللوم عليهم هم المالكون الجدد الفوضويون.

(هذا المحتوى من صحيفة الشرق الأوسط)

تصنيفات

قصص قد تهمك