كيف استفادت منتخبات المجموعة السادسة من الهجرة؟

time reading iconدقائق القراءة - 2
حكيم زياش وأشرف حكيمي مع إيفان بيريسيتش في مباراة المغرب وكرواتيا - 23 نوفمبر 2022 - REUTERS
حكيم زياش وأشرف حكيمي مع إيفان بيريسيتش في مباراة المغرب وكرواتيا - 23 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي-محمد شقير

في كأس العالم هناك دائماً ما يسمى بـ"مجموعة الموت" التقليدية، حيث يودع البطولة اسم كبير واحد على الأقل ويعود مبكراً إلى البيت. وهناك مجموعات تثير خلافات تاريخية وسياسية متنوعة، مثل المجموعة الرابعة التي تضم إنجلترا وويلز وإيران والولايات المتحدة، وغالباً ما يكون هناك "المجموعة التي يريدها الجميع"، التي تضم منتخباً أو أكثر من المنتخبات المتواضعة.

كأس العالم في قطر قدمت مجموعة أخرى مثيرة للاهتمام وهي المجموعة السادسة، التي تضم بلجيكا وكندا وكرواتيا والمغرب. هذه البلدان الأربعة ليس لديها تاريخ مشترك على أرض الملعب، هناك مباراة واحدة فقط جمعت بين فريقين منها في المونديال،عندما فازت بلجيكا على المغرب 1-0 في عام 1994.

ولم تلعب كندا مع كرواتيا أبداً، ولم تواجه بلجيكا كندا أبداً، بينما لعبت كرواتيا والمغرب مباراة ودية واحدة فقط في عام 1996.

وحسب تقرير نشره موقع "ذا أثلتيك" الرياضي، فإن ما تشترك فيه تلك الدول هو الهجرة أو المهاجرين، وكلها أمثلة حية على كيفية تأثير حركة الناس في جميع أنحاء العالم في إثراء المجتمعات بشكل عام، وفي هذه الحالة إثراء منتخبات كرة القدم على وجه الخصوص.

كندا أكبر المستفيدين

صورة جماعية للمنتخب الكندي قبل مواجهة بلجيكا - 23 نوفمبر 2022
صورة جماعية للمنتخب الكندي قبل مواجهة بلجيكا - 23 نوفمبر 2022 - REUTERS

يقول التقرير أن المنتخب المغربي يضم 16 لاعباً إما ولدوا في مكان آخر غير المغرب من أصول أجنبية أو تعلموا كرة القدم خارج البلاد.

حكيم زياش ونصير مزراوي من بين عدد قليل من اللاعبين الذين ولدوا ونشأوا في هولندا، وولد ونشأ أشرف حكيمي في إسبانيا، أما رومان سايس فقد ولد في فرنسا، بينما ولد إلياس شاعر في بلجيكا.

ويعني الماضي الاستعماري لبلجيكا أن لديهم عدداً من اللاعبين أبرزهم روميلو لوكاكو وباتشوايي ويوري تيلمانز، الذين ينحدرون من أسر كونغولية، بينما ولد أمادو أونانا في السنغال، وعائلة جيريمي دوكو من غانا، ووالدا يانيك كاراسكو من البرتغال وإسبانيا.

ربما تكون كندا أكبر المستفيدين، فهناك 22 لاعباً لديهم خلفيات مهاجرة، مثل هتشينسون وأصله من ترينيداد وميلان بوريان الذي ولد وترعرع حتى كان مراهقاً في كرواتيا، كما ولد ألفونسو ديفيز في مخيم للاجئين في غانا لأبوين من ليبيريا وانتقل إلى إدمونتون عندما كان طفلاً.

المنتخب الكرواتي أقل فرق المجموعة اعتماداً على المهاجرين. ولد ديان لوفرين فيما يعرف الآن بالبوسنة ونشأ في ألمانيا، وولد ماتيو كوفاسيتش في النمسا، وولد ماريو باساليتش في ألمانيا.

لا يمكن لأحد أن يقول أن الهجرة كانت شيئاً غير إيجابي للفرق في المجموعة السادسة، ويقول ستيفن هارت مدرب المنتخب الكندي السابق "لطالما كان للمهاجرين دور كبير في رياضة كرة القدم في كندا".

ويتابع هارت الذي انتقل من ترينيداد إلى كندا في أواخر السبعينيات: "عمل الكثير من الناس على مر السنين ولم يتمكنوا من تحقيق ذلك. لكن هؤلاء الأشخاص ساهموا في هذا المنتج النهائي. لدينا فريق يعكس بشكل أكبر التركيبة السكانية للبلد ويعكس أيضاً أكثر من أي وقت مضى التركيبة السكانية لأولئك الذين يلعبون اللعبة. إنه أمر رائع".

بين العاطفة والمنطق

رومان سايس قائد المنتخب المغربي بعد انتهاء المواجهة أمام كرواتيا - 23 نوفمبر 2022
رومان سايس قائد المنتخب المغربي بعد انتهاء المواجهة أمام كرواتيا - 23 نوفمبر 2022 - REUTERS

هناك مسار منطقي يشير إلى أنه عندما يختار اللاعب منتخبه الدولي، فقد يكون أكثر التزاماً به، لأنه يختاره عن قناعة في ظل وجود خيارات أخرى في حال كان اللاعب يملك جنسية ثانية. بالتأكيد، هناك من يختارون الفريق لأنه أفضل فرصة لهم في كرة القدم الدولية، لكن البعض الآخر يختار منتخبه بناءً على أسباب عاطفية أقوى، مثل المغربي رومان سايس.

ولد سايس مدافع ولفرهامبتون السابق الذي انتقل إلى بشيكتاش التركي العام الماضي، في فرنسا لأسرة مغربية وكان متأثراً جداً بجده، الذي كان أحد العوامل الرئيسية في قرار سايس بتمثيل المغرب على المستوى الدولي.

في عام 2017، تم اختيار سايس لأول مرة للمشاركة مع المغرب في كأس أمم إفريقيا، لكن المغرب خسر مباراته الأولى أمام جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقبل المباراة الثانية، توفي جد سايس وقيل له إنه يمكنه العودة إلى فرنسا إذا رغب في أن يكون مع أسرته.

لكن سايس قرر البقاء والاستمرار في الطريق الذي اختاره له جده، وانتهى الأمر بتسجيل سايس هدفاً حاسماً في تلك المباراة التي فاز بها المغرب 3-1 على توجو، وهذا أكبر دليل على أن اللاعبين الذين ولدوا في المهجر قد يكون لديهم انتماء كبير لبلدهم الأم.

ناصر الشاذلي يحتفل بعد تسجيله هدفا لبلجيكا أمام سان مارينو - 10 أكتوبر 2019
ناصر الشاذلي يحتفل بعد تسجيله هدفا لبلجيكا أمام سان مارينو - 10 أكتوبر 2019 - REUTERS

في المقابل هناك الكثيرون الذين يتخذون الخيار المعاكس، مثل ناصر الشاذلي الذي نشأ في بلجيكا لأسرة مغربية، لكنه اختار اللعب مع المنتخب البجيكي.

وقال الشاذلي لصحيفة "ذا جارديان" في عام 2015: "كنت سأختار المغرب لكن المدرب (البلجيكي) دعاني لزيارة المجموعة ومعرفة ما أشعر به.. لم أكن أريد التسرع لأنني لا أريد أن أندم على قراري. ألقيت نظرة وتأكدت بنسبة 100% أنني أريد اللعب لبلجيكا. ما زلت أحب المغرب ولكن كان هناك شيء لم أكن متأكداً منه، لذا فكرت وغيرت رأيي. كان هناك بعض الضغط من المغرب، ولكن مع بلجيكا لم يكن هناك ضغط حقيقي وشعرت أنه الشيء الصحيح الذي يجب القيام به".

انتقادات كثيرة

مسعود أوزيل بعد مباراة ألمانيا وكوريا الجنوبية في كأس العالم 2018 - 27 يونيو 2018
مسعود أوزيل بعد مباراة ألمانيا وكوريا الجنوبية في كأس العالم 2018 - 27 يونيو 2018 - REUTERS

يجب التأكيد على أن هذه الاختيارات ليست سهلة في كثير من الأحيان، ويتعرض اللاعبون لانتقادات كثيرة من الجانب الذين اختاروا عدم تمثيله.

بالنسبة للاعبين الهولنديين المغاربة مثل حكيم زياش ونصير مزراوي، وكلاهما ولدا وترعرعا ولعبا كرة القدم في هولندا حتى الانتقال إلى تشيلسي وبايرن ميونيخ على التوالي، فإنهما يواجهان ضغوطاً كبيرة لاختيار البلد الذي ولدا فيه.

ومع ذلك، فإن الترحيب باللاعبين المهاجرين ليس دائماً بأذرع مفتوحة، هناك خيط رفيع يفصل بين المديح والانتقاد، وهذا ما لخصه النجم الألماني مسعود أوزيل عند اعتزاله كرة القدم الدولية "أنا ألماني عندما نفوز ولكني مهاجر عندما نخسر".

روميلو لوكاكو مهاجم المنتخب البلجيكي في مطار بروكسل قبل السفر إلى قطر للمشاركة في كأس العالم - 15 نوفمبر 2022
روميلو لوكاكو مهاجم المنتخب البلجيكي في مطار بروكسل قبل السفر إلى قطر للمشاركة في كأس العالم - 15 نوفمبر 2022 - REUTERS

وكرر روميلو لوكاكو هذا الشعور في مقال في "ذا بلايرز تريبيون" عام 2018، قائلاً: "عندما كانت الأمور تسير على ما يرام، كنت أقرأ مقالات في الصحف وكانوا ينادونني بروميلو لوكاكو، المهاجم البلجيكي. وعندما لم تكن الأمور تسير على ما يرام، كانوا ينادونني بروميلو لوكاكو، المهاجم البلجيكي من أصل كونغولي".

منتخبات المجموعة السادسة ليست الوحيدة المستفيدة من الهجرة والمهاجرين، في الواقع، من بين 831 لاعباً في كأس العالم ولد 137، أي واحد من كل 6 لاعبين تقريباً، في بلدان أخرى غير تلك التي يمثلونها.

لكن هذه المجموعة التي تجمع المغرب وكندا وبلجيكا وكرواتيا ربما تكون أبرز الأمثلة على الفرق التي أصبحت أكثر ثراءً وقوة في كرة القدم بسبب مجتمعاتها المتنوعة.

تصنيفات