"كوميديا" عودة ميسي... و"بيع الأوهام" في برشلونة

time reading iconدقائق القراءة - 2
قمصان لبرشلونة تحمل اسم ليونيل ميسي في ملعب "كامب نو" - 15 أغسطس 2021 - Bloomberg
قمصان لبرشلونة تحمل اسم ليونيل ميسي في ملعب "كامب نو" - 15 أغسطس 2021 - Bloomberg
دبي-إيلي هيدموس

ليونيل ميسي لم يعُد إلى برشلونة. بل أن تصريحاته تشي بأنه لم يكن يوماً قريباً من العودة، وبأن المياه لم تعُد إلى مجاريها مع رئيس النادي جوان لابورتا.

لابورتا ظهر، خلال حملته الانتخابية قبل عامين، مع مجسّم يرتدي قميص ميسي، وهو يَعِدُه بعرض "لا يُمكن رفضه" من أجل تمديد عقده، واستخدم أسلوبه الشعبوي والكاريزما التي يتمتع بها، لإقناع أعضاء النادي ومشجعيه بأنه الأقدر على إقناع النجم الأرجنتيني بالبقاء، وإيجاد الحلول المناسبة في هذا الصدد.

وكثف لابورتا في الأسابيع الأخيرة الحديث عن ميسي، موحياً لجمهور برشلونة بأنه يبذل قصارى جهده لإعادته، وبأن خطوط الاتصال مفتوحة بينهما، بعد القطيعة إثر رحيل النجم الأرجنتيني عام 2021.

وتندرج في هذا الإطار، الزيارة "المسرحية" لـخورخي ميسي، والد اللاعب ووكيل أعماله، إلى منزل لابورتا الاثنين، وقوله إن العودة إلى برشلونة هي "الخيار المفضل" لنجله، علماً أن النادي أعلن في بيان أن خورخي ميسي أبلغ لابورتا خلال اللقاء، قرار نجله بالانضمام إلى إنتر ميامي.

ما كان يُفترض أن تكون زيارة خاصة، تحوّلت إلى أبرز طبق إعلامي في ذاك اليوم، بعدما "صودف" وجود صحافيين أمام المنزل.

وثمة سوابق للابورتا في هذا الصدد، عندما سرّبت صحيفة "سبورت"، الصادرة في كاتالونيا والممالئة لرئيس برشلونة، خبراً عن لقاء "سري" بين الأخير ومينو رايولا، وكيل الأعمال الراحل، لمناقشة صفقة محتملة لضمّ الهداف النرويجي إيرلينغ هالاند، حين كان الأخير يتفاوض مع ريال مدريد ومانشستر سيتي.

بين ميسي ونيغريرا

يبدو في هذا الصدد أن الحديث عن العودة المحتملة للاعب إلى النادي الكاتالوني، كان يصبّ في مصلحة الطرفين، و"يبرئ ذمتهما" أمام المشجعين، إذ يُظهر جديتهما في هذه المسألة.

وهنا يستذكر المرء تصريحات ماتياس ميسي، شقيق اللاعب، قبل شهور، حين ربط عودته إلى برشلونة برحيل لابورتا، وقلّل من أهمية النادي، قبل أن يخفّف من حدة كلامه، ربما بعدما بدأت "طبخة" عودة ميسي.

كما كان واضحاً أن لابورتا كثّف، بمساعدة من وسائل الإعلام الدائرة في فلكه، الحديث عن عودة ميسي، مشيعاً آمالاً لا تستند إلى الواقع، في محاولة لصرف الأنظار عن ملف خوسيه ماريا إنريكيز نيغريرا، النائب السابق لرئيس لجنة التحكيم في إسبانيا، الذي اتهمت النيابة العامة في كاتالونيا برشلونة بمنحه 7.3 مليون يورو في مقابل "استشارات فنية"، اعتبرت أنها تستهدف تأمين معاملة تفضيلية من الحكام.

لكن معسكر ميسي كان يدرك أن العودة صعبة جداً، إن لم تكن مستحيلة، كما أن لابورتا يعلم أن النادي لا يستطيع تحمّل العبء المالي لعقد ميسي، ولو قدّم له خافيير تيباس، رئيس رابطة الدوري الإسباني، كل التسهيلات اللازمة، مدركاً تراجع قيمة الدوري الإسباني.

سردية متباينة

مَن يقرأ البيان الذي أصدره برشلونة، تعليقاً على إعلان ميسي رحيله إلى إنتر ميامي، يعتقد لوهلة بأن النادي واللاعب يتحدثان عن أمرين مختلفين.

سردية ميسي وبرشلونة للأحداث التي دفعته إلى اختيار التعاقد مع النادي الأميركي، تتعارض بشكل فجّ مع تلك للنادي، وتعكس حجم عدم الثقة بين الجانبين.

اللاعب ذكر أنه لم يتلقَ "عرضاً رسمياً مكتوباً وموقعاً"، متحدثاً عن مجرد "نية"، ومضيفاً: "حتى أننا لم نتحدث عن المال بشكل رسمي". في المقابل، أفاد بيان النادي بأنه "قدّم عرضاً" لميسي.

كذلك شكا اللاعب من "تسريبات وأخبار كثيرة" بشأنه، لافتاً إلى أنه تحدثت مع لابورتا "قليلاً، مرة أو مرتين على الأكثر"، علماً أن صحافيين مقربين من الأخير أوحوا بأنه على اتصال دائم بالنجم الأرجنتيني.

"جرح مفتوح"

ميسي لم يكن واثقاً بأن النادي "فعل كل ما هو ممكن" لإعادته، معتبراً أن أعضاء في مجلس الإدارة "لا يريدونني أن أعود، ويعتقدون بأن عودتي ليست جيدة للنادي". وأقرّ بأن خروجه عام 2021 يشكّل بالنسبة إليه "جرحاً مفتوحاً".

صحيح أن النجم الأرجنتيني أعرب عن رغبه "في مغادرة أوروبا، والخروج من دائرة الضوء والتفكير أكثر" في عائلته، إن لم يعُد إلى برشلونة، ولكن كان لافتاً أن بيان النادي الكاتالوني أورد أن لابورتا "تفهّم واحترم القرار الذي اتخذه ميسي، بالرغبة في المنافسة في بطولة أقلّ تطلّباً وأكثر بعداً عن دائرة الضوء والضغط، اللذين تعرّض لهما في السنوات الأخيرة".

كذلك كان لافتاً أن اللاعب الأرجنتيني تحدث عن تواصله الدائم مع مدرب برشلونة تشافي هرنانديز، فيما ذكر الأخير أنه "لاحظ تغييراً لدى ميسي في الأيام والأسابيع الأخيرة" بشأن عودته إلى النادي الكاتالوني، مستدركاً بوجوب "احترام" قراره.

"رهائن في مهزلة"

صحيفة "ليكيب" الرياضية الفرنسية أوردت أن لابورتا "أشاع دوماً فكرة أن وجود ميسي في برشلونة سيكون قصة رائعة، لكنه كان أكثر حذراً في السر".

أما سلفادور سوستريس، فكتب في صحيفة "أ ب ث" الصادرة في مدريد أن "الصحافيين والصحف الذين كرّسوا أنفسهم للتكهّن بعودة ميسي، كانوا يدركون جيداً أن لابورتا كان يبيع أوهاماً، لإخفاء إخفاقاته الماضية والمستقبلية".

واعتبر أن "لابورتا وتشافي أظهرا، بهذه الكوميديا، ​​أن لا شيء لديهما ليقدّمانه، ولا أي مشروع رياضي جديد ويثير آمالاً". ورأى أنهما "كذبا عمداً بشأن العودة المستحيلة" لميسي، وتابع أن "زعمهما السخيف بالعودة إلى الماضي، يشير إلى افتقارهما لمستقبل متوقع".

سوستريس لفت إلى أن النجم الأرجنتيني شارك أيضاً في هذه "الخدعة"، مشدداً على أن برشلونة "لم يقدّم له أي عرض".

وزاد أن "الصحافيين ومديري النادي وعائلة ميسي، أخذوا أعضاء برشلونة رهائن في مهزلة".

اقرأ أيضاً:

تصنيفات