أرجنتين "الجندي المجهول"... و"شبح" بنزيما يلاحق ديشان

time reading iconدقائق القراءة - 2
ليونيل سكالوني مدرب الأرجنتين وديدييه ديشان مدرب فرنسا - getty images
ليونيل سكالوني مدرب الأرجنتين وديدييه ديشان مدرب فرنسا - getty images
دبي-إيلي هيدموس

أما بعدما انقشع غبار "معركة" نهائي كأس العالم بين فرنسا والأرجنتين، بفوز الأخيرة بركلات الترجيح، يمكن تسجيل ملاحظات على هامش المباراة، وما سبقها وواكبها، وقد يتبعها.

نصر الأرجنتين مستحق، لما أنجزته في البطولة وتحسّنِ مستواها تدريجاً مع كل مباراة، وصولاً إلى النهائي حيث حققت ما لم يتوقعه أحد: أن تفرض سيطرة مطلقة على المباراة حتى دقائقها الأخيرة في الوقت الأصلي، و"تقزّم" بطل العالم بحيث بدا هزيلاً ومفكّكاً، قبل أن يستعيد أنفاسه بعد دخول لاعبين احتياطيين قدّموا أداءً جيداً، وخروج أنخيل دي ماريا من تشكيلة الأرجنتين.

الغريب أن فرنسا لم تحاول تسديد "ضربة قاضية" للأرجنتين وحسم المباراة، مستفيدة من تضعضع الأخيرة بعدما عادلت النتيجة 2-2، بل بدت وكأنها ترتضي الاحتكام إلى ركلات الترجيح، وهي مجرد "روليت روسية".

هذه الروليت ابتسمت للأرجنتين، وكان يمكن ألا تفعل، ضد فرنسا وهولندا أيضاً. ربما كان ذلك ما يُسمّى "حظ البطل"، الأرجنتين في هذه الحالة، التي سعت إلى الفوز أكثر من فرنسا.

ميسي "العادي"

ليونيل ميسي يحيي الجماهير عقب فوز الأرجنتين على كرواتيا والتأهل لنهائي كأس العالم 2022
ليونيل ميسي يحيي الجماهير عقب فوز الأرجنتين على كرواتيا والتأهل لنهائي كأس العالم 2022 - REUTERS

إنه "حظ البطل" أو "حظ" ليونيل ميسي أيضاً، الذي ربما يستحق أن ينهي مسيرته بلقب كأس العالم.

لكن ذلك لا يعني تبنّي نظرية أن "كرة القدم تدين له" بذلك، التي يروّج لها محبّوه. ثمة نجوم كثيرون لم يحرزوا هذا اللقب، وذلك لا يقلّل من شأنهم في تاريخ اللعبة. كما أن كثيرين لم يفوزوا بجائزة "الكرة الذهبية"، رغم أنهم كانوا يستحقونها.

ثمة مبالغات واكبت مسيرة ميسي منذ بدايتها، لا يمكن لومه عليها، لكنها تخرج أحياناً عن الحسّ السليم.

يُسجَّل لميسي أنه أدرك التحوّلات التي طرأت على لعبه، ونجح في تطوير أسلوبه بحيث ينسجم أكثر مع ما بات قادراً على تقديمه في الملعب.

ميسي الذي كان التصدي له شبه مستحيل خلال حقبة بيب غوارديولا في برشلونة، ولّى إلى غير رجعة، وحلّ مكانه لاعب أكثر "عادي"، يوزّع اللعب أكثر ممّا يراوغ، ويتضامن مع زملائه أيضاً، إذ أدى مهمات دفاعية ضد فرنسا ربما أكثر ممّا فعل في كل مسيرته.

وفي زمن مواقع التواصل الاجتماعي، تكثر المقارنات بين ميسي ودييغو مارادونا، والجزم بأنه "الأفضل في التاريخ". المقارنة مع مارادونا ليست من مصلحة ميسي، إذ أنه لم يقترب حتى ممّا حققه دييغو في مونديال المكسيك عام 1986، حين فاز باللقب لوحده تقريباً.

صحيح أن ميسي كان أكثر نجاحاً من مارادونا في الأندية، لكن الصحيح أيضاً أنه استفاد من ظروف مؤاتية جداً، سواء في برشلونة أو باريس سان جيرمان، علماً أنه لم يفز بدوري أبطال أوروبا منذ عام 2015.

كما أن الألقاب التي أحرزها مارادونا مع نابولي تحظى بقيمة مضاعفة، إذ أن النادي لا يُقارَن بفرق تاريخية، مثل يوفنتوس وميلان وإنترناسيونالي ميلانو.

"الجندي المجهول"

مدرب الأرجنتين ليونيل سكالوني خلال المباراة ضد السعودية - 22 نوفمبر 2022
مدرب الأرجنتين ليونيل سكالوني خلال المباراة ضد السعودية - 22 نوفمبر 2022 - REUTERS

يجدر هنا منح مدرب الأرجنتين ليونيل سكالوني حقه، إذ لم ينخرط في النزاع التاريخي بين معسكرَي سيزار لويس مينوتي وكارلوس بيلاردو، بل اهتم بانتشال المنتخب وتجديد لاعبيه وأفكاره، وقاده إلى لقبَي كوبا أميركا والمونديال.

إنه "الجندي المجهول" في هذا الإنجاز، متميّزاً بتواضع وقدرة على العمل الدؤوب، قلّما نشهدهما في عالم كرة القدم.

كما أنه قدّم صورة مغايرة عن لاعبين أرجنتينيين، أخذتهم حمية الفوز ولم يتورّعوا عن إهانة فرنسيين.

ديشان وبنزيما

كريم بنزيما رفقة المدرب ديدييه ديشان في حصة تدريبية لمنتخب فرنسا - 27 مايو 2021
كريم بنزيما رفقة المدرب ديدييه ديشان في حصة تدريبية لمنتخب فرنسا - 27 مايو 2021 - reuters

في المقابل، يخرج مدرب فرنسا ديدييه ديشان مُدمّى من البطولة، إذ كان المنتخب باهتاً ومستواه متذبذباً، مفوّتاً فرصة تاريخية لحصد لقب ثالث.

هل يُعقل أن يبدأ الفريق مباراة نهائية بهذه الطريقة الكارثية، كما لو أنه لم يشأ الدفاع عن لقبه؟

ربما ثمة مسائل "غير كروية" مسّت أداءه، لا سيّما ملف كريم بنزيما الذي يثير تساؤلات كثيرة، علماً أن ثمة تكهنات بخلافات متجددة مع ديشان، وبأن عودة لاعب ريال مدريد إلى المنتخب بعد غياب سنوات، لم ترُق للاعبين بارزين، بينهم هوغو لوريس وأنطوان غريزمان.

كان غريباً أن ديشان لم يستدعِ أحداً مكان بنزيما، الذي اتضح لاحقاً أنه كان جاهزاً للمشاركة في مباراتَي نصف النهائي والنهائي.

هل كانت مشاركة بنزيما في النهائي ستبدّل النتيجة؟ الأمر متروك لعلم الغيب، كما أن الزمن كفيل بكشف حقيقة ما حدث في معسكر المنتخب، علماً أن من حق مشجعيه أن يطالبوا بتفسير لهذه المعمعة.

ليس المقصود تحميل ديشان المسؤولية، بل محاولة تبيان حقيقة الأمر، ولماذا لم يجد لاعبون مهمون، مثل فيرلان ميندي، مكاناً في تشكيلة من 26 لاعباً.

ربما على ديشان أن يراجع بعمق خياراته المثيرة للجدل، قبل أن يتخذ قراراً بشأن تمديد عقده. قد تكون حقبته انتهت، بعدما أكمل عقداً في منصبه، فيما يحتاج المنتخب إلى روح جديدة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات