قدمت هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" تحليلاً شاملاً حول التأثير الإيجابي المتوقع الذي سيخلفه انتقال نجوم كرة القدم الإفريقية إلى الدوري السعودي للمحترفين، على المستوى العام لبطولة كأس أمم إفريقيا المقرر انطلاقها في ساعة متأخرة من مساء اليوم السبت 13 يناير 2024 على الأراضي الإيفوارية.
دعمت BBC تقريرها بآراء وتصريحات خاصة من بعض اللاعبين الأفارقة المحترفين بالفعل بين صفوف أندية الدوري السعودي، قائلة في مستهل التقرير "إن تأثير المملكة العربية السعودية على كرة القدم يتزايد بصورة متسارعة، خاصةً بعدما نجحت في جذب نجوم اللعبة من القارة العجوز".
تابعت "وجد اللاعب الإفريقي نفسه في الدوري السعودي سريعاً بعدما كان يواجه معضلة كبيرة في أوروبا خلال منتصف الموسم لإقناع ناديه بفكرة السفر للمشاركة مع منتخب بلاده في كأس أمم إفريقيا".
وهذه المرة سيتواجد 25 لاعباً من الدوري السعودي في البطولة الإفريقية التي ستلعب في ساحل العاج للمرة الثانية في التاريخ والأولى منذ عام 1984، ويتزامن إقامتها مع كأس آسيا، بالتالي فلن تتأثر أندية الدوري السعودي بغياب اللاعبين الأفارقة لحصولها على فترة راحة طويلة.
واختار حارس مرمى المغرب الأول وبطل الدوري الأوروبي الموسم الماضي "ياسين بونو" أحد أفضل حراس العالم، أن ينتقل إلى الهلال السعودي بدلاً من مواصلة اللعب في أوروبا، بهدف تفادي الدخول في صدام تفضيل المنافسة الأوروبية على منتخب بلاده الذي يبحث عن أول تتويج بكأس إفريقيا منذ سبعينيات القرن الماضي.
ويُزامل بونو في الهلال المدافع الشهير كاليدو كوليبالي القادم من تشيلسي، بينما يتواجد في النصر أفضل لاعب كرة قدم إفريقي مرتين "ساديو ماني"، وكوليبالي وماني كلاهما لاعبان رئيسيان في حملة السنغال للدفاع عن كأس أمم إفريقيا.
عدد مضاعف من الأفارقة
تضاعف عدد اللاعبين الأفارقة المحترفين في الدوري السعودي عما كان عليه الحال في عام 2021، على الرغم من أن بعض النقاد زعموا أن دوري روشن السعودي هو خطوة إلى الوراء مقارنة بالاحتراف في أوروبا، لكن لا يزال نجم النصر كريستيانو رونالدو، على سبيل المثال لا الحصر، يقود خط هجوم أحد أكبر منتخبات أوروبا "البرتغال" ويلعب بصفة أساسية حتى الآن.
الأمر ذاته يخص النجم الجزائري رياض محرز الذي التحق بصفوف أهلي جدة ولم تتأثر حظوظه سواء في اللعب مع منتخب الثعالب أو في حمل شارة القيادة رغم المنافسة الشرسة على المراكز.
ونقلت بي بي سي البريطانية تصريحاً لمهاجم منتخب زامبيا فاشيون ساكالا، يؤكد خلاله تحسن مستواه منذ انتقاله إلى منطقة الشرق الأوسط قادماً من العملاق الاسكتلندي "غلاسكو رينجرز".
وقال البالغ من العمر 26 عاماً لبي بي سبورت النسخة الإفريقية "يتوقع الناس أن مستواي قد انخفض، أو أن مستويات اللاعبين الأفارقة الأخرين قد انخفضت، الأمر ليس كذلك بالنسبة لي، أعتقد أن أدائي أصبح أفضل".
ومن المؤكد أن سكالا وجد فرقاً كبيراً خلال فترة وجوده مع نادي الفيحاء بعد أن قضى فترات مختلفة في روسيا وبلجيكا واسكتلندا.
أضاف سكالا "من الصعب دائماً التكيف، ففي بعض الأحيان تقوم بسباق قصير (سبرينت) وبعده تشعر بتعب حقيقي، ثم تبدأ بسؤال نفسك عما إذا كنت لائقاً بما يكفي للعب المباريات، لكن بعد ذلك تدرب أن الأمر مُجرد طقس ومناخ غير مناسب لك".
نفاق وانتقادات غير عادلة
شاطره اللاعب الكاميروني الدولي السابق سيباستيان باسونغ الرأي نفسه، حين قال "اللاعبون الذين انتقلوا إلى الدوري السعودي مؤخراً سيكونون مُستعدين ذهنياً للمنافسة مع بلدانهم في كوت ديفوار، لأنهم يتمتعون بميزة على نظرائهم الذين يلعبون في أوروبا، فيما يخص التأقلم مع الأحوال المناخية في ساحل العاج، إنهم يلعبون في درجة حرارة مختلفة".
أوضح نجم توتنهام السابق "أعتقد أن الطقس ميزة بالنسبة لهم، لأنهم لن يضطروا إلى التكيف من البرد إلى مستوى الحرارة المرتفع في ساحل العاج".
من جانبه أكد ساكالا أن الانتقادات التي تتعرض لها البطولة السعودية من بعض النقاد الرياضيين في أوروبا تندرج تحت "النقد غير العادل"، مشدداً على أن مثل هذه الآراء مُتناقضة وتصل إلى حد "النفاق" بسبب أسعار انتقالات اللاعبين ورواتبهم الأسبوعية في الدوري الإنجليزي الممتاز تحديداً.
وقال المهاجم الزامبي "لم أر مطلقاً أي لاعب يلعب بالمجان في أوروبا، إذا تحدثت عن الدوري الإنجليزي فهو يعتبر أفضل دوري بسبب الأموال التي تُنفق عليه، إنه الدوري الأعلى من حيث الأجور في أوروبا".
السعودية وشراكات ضخمة في إفريقيا
مع ضمان السعودية لحق استضافة كأس العالم 2034، دخلت المملكة أيضاً في شراكات كروية قوية في جميع أنحاء إفريقيا، مثل رعاية الدوري الإفريقي لكرة القدم، واستقبال مباراة كأس السوبر الإفريقي بين الأهلي المصري واتحاد العاصمة الجزائري الصيف الماضي، واستضافة المعسكر التدريبي لمنتخب غامبيا قبل كأس أمم إفريقيا.
كما وقعت اتحادات كرة القدم في رواندا وتنزانيا اتفاقات طويلة الأمد مع المملكة العربية السعودية، وسط رغبة لجذب المزيد من عقود الرعاية، وضم الأندية للمزيد من نجوم كرة القدم وعلى رأسهم قائد منتخب مصر محمد صلاح الذي انهار انتقاله إلى اتحاد جدة في اللحظات الأخيرة من الميركاتو الصيفي الماضي.
واعترف فاشيون ساكالا خلال حديثه مع BBC بأن الحضور الجماهيري المنتظم هي المشكلة الوحيدة التي تواجه الدوري السعودي، قائلاً "عندما تذكر الحضور الجماهيري، أعتقد أن هذه هي المشكلة الوحيدة التي نواجهها، لكن الاتحاد السعودي يبذل جهداً كبيراً لتحسين هذا الجانب، لقد غيروا الكثير من الأشياء في فترة زمنية وجيزة".
وشدد ساكالا "لا تتوقع أن يبدأ الناس في القدوم إلى الملعب على الفور، أعتقد أن الأمر يحتاج إلى وقت، لكن المستوى الفني في تصاعد، كانت مسيرتي المهنية تتدهور بقوة في غلاسكو رينجرز بعد رحيل ستيفن جيرارد من تدريب الفريق، ولم أستمتع بها على الإطلاق لأنني لم أكن ألعب بالقدر الكافي، ثم جاء مدرب آخر ولم أكن في أفضل حال، لكن بالنظر هنا في الدوري السعودي، لعبت كل مباراة، وأنا واثق من أنني سأقدم المزيد للفريق".
ختم اللاعب حديثه المثير "اكتسبت الثقة من جديد في السعودية التي ساعدتني على مواصلة العمل بجهد أكبر".
تحدث أيضاً قائد منتخب المغرب "رومان سايس" عن تجربته ما بين الملاعب الإنجليزية مع ولفرهامبتون وتجربته الجديدة في الدوري السعودي رفقة نادي الشباب.
وقال سايس لبي بي سي سبورت أفريقيا "معظم اللاعبين في السعودية يأتون من أوروبا الآن، وهم لاعبون في جميع الخطوط، لا سيما الدفاع والهجوم، وبالنسبة لي هذا أمر جيد لأنه ساعدني أيضاً على البقاء قادراً على المنافسة لأنني أستطيع اللعب ضد أفضل اللاعبين مثل بنزيما ورونالدو".
واعترف رومان سايس بأنه كان يُفضل الاستمرار في أوروبا عند مغادرة نادي بشكتاش التركي، وأوضح قلب الدفاع صاحب الـ 33 عاماً أنه كان على مقربة من الالتحاق بصفوف أولمبيك مارسيليا، قائلاً "لسوء الحظ لم يتحقق الأمر في نهاية المطاف، كان علينا إيجاد حل آخر، ثم أُتيحت لنا فرصة المجيء إلى الشباب السعودي، وأنا كمسلم من الجيد أن أعيش في بلد مثل السعودية، وهذا أمر جيد أيضاً لعائلتي، والعقد جيد".
لمعرفة آخر الأخبار... تابعوا حساب الشرق رياضة على Whatsapp
