
عندما سقط سون هيونغ مين على أرضية ملعب ستاديوم أستراليا في يناير 2015، لم تكن دموعه مجرد ردّ فعل على خسارة لقب كأس آسيا مع كوريا الجنوبية أمام منتخب أستراليا، بل كانت دموع نجم يدرك أنه قد لا تتكرر له فرصة كهذه في عمره الدولي.
لكن يشاء القدر أن يُعوض سون ويفوز بلقب قاري في أوروبا رفقة نادي توتنهام الإنجليزي الذي لا يفوز بالألقاب الكبرى منذ 63 عاماً، وتحت قيادة الرجل نفسه الذي سبب له الألم قبل 10 أعوام.
في تلك الليلة، وبينما كانت الأضواء تُسلط على تتويج الكنغر الأسترالي، التفت مدربهم أنجي بوستيكوغلو نحو سون هيونغ مين المنهار من أجل مواساته.
الصور واللقطات المختلفة أظهرت الروح الرياضية الكبيرة التي يتمتع بها بوستيكوغلو، حيث احتضن سون، وشد من آزره، في لقطة خُلدت في الذاكرة وصار لها أهمية كبرى اليوم فقد تحول الرجل الذي أبكى سون بعد عقدٍ من الزمن إلى شريكه في لحظة انتصار تاريخية على حساب أحد عمالقة إنجلترا وأوروبا مانشستر يونايتد.
ليلة بلباو.. كرة القدم تكتب فصلاً درامياً لا يُصدق
يوم الأربعاء 21 مايو 2025، على ملعب “سان ماميس” في مدينة بلباو الإسبانية، كان أنجي بوستيكوغلو على الخط يُوجّه ويصرخ ويشجع… وسون جواره على دكة البدلاء، قبل أن يحصل على فرصة للتواجد في قلب المعركة بعد مشاركته محل ريتشارلسون المصاب خلال الشوط الثاني.
ارتدى سون شارة القيادة وأجاد في جميع الأدوار التي كُلف بها من أجل الحد من خطورة أماد ديالو ودالوت على الجهة اليسرى لتوتنهام مع شن بعض المرتدات التي أهدرت الوقت على الشياطين الحمر، ليقود توتنهام في نهاية المطاف نحو المجد الأوروبي.

اكتفى توتنهام بهدفٌ يتيم في هذه الأمسية ليُسقط مانشستر يونايتد في نهائي الدوري الأوروبي، ويمنح توتنهام أول لقب قاري في تاريخه الحديث، وتأهل مباشر إلى مرحلة الدوري في دوري أبطال أوروبا الموسم المقبل 2026/2025، فضلاً عن أرباح مالية إضافية من البث التلفزيوني والمشاركة في مباراة كأس السوبر الأوروبي.
سون لم يبكِ هذه المرة، بل ركع على العشب باسماً، رافعاً يديه نحو السماء ليشكر الظروف التي جعلت الرجل الذي أبكاه قبل سنين مدرباً له في توتنهام.

لم يحتج أنجي بوستيكوغلو الكثير من الوقت ليُثبت للعالم أن فلسفته تصلح في ملاعب إنجلترا. لكنه في عيون “سون”، لم يكن فقط مدرباً ناجحاً، بل منحه ما عجزت عنه أجيال من المدربين في كوريا وتوتنهام.

أثبتت قصة سون وبوستيكوغلو أن أجمل نصوص الحياة تُكتب على عشب الملعب، بأقدام اللاعبين وقلوب العاشقين، وما حدث كان يشبه لحد ما الموقف المتناقض الذي عاشه مع محمد صلاح قبل أيام قليلة مع جمهور ليفربول.
في 2014 كان صلاح سعيداً لسقوط ليفربول باحتفاله مع لاعبي تشيلسي بانزلاق ستيفن جيرارد في أنفيلد بعد تسجيل ديمبا با لهدف تسبب في خسارة ليفربول للقب الدوري، وبعد مرور 11 عاماً عاد صلاح لنفس الزاوية في ملعب أنفيلد لكن للاحتفال هذه المرة مع جمهور ليفربول بحصوله على صورة تذكارية "سيلفي" بعد قيادة الفريق نحو التتويج بلقب الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الـ 20 في التاريخ.