
منذ أن وطأت أقدام كيليان مبابي أرض ملعب سانتياغو برنابيو، وسط ضجيج لم يعرفه النادي منذ قدوم كريستيانو رونالدو من مانشستر يونايتد عام 2009، ومدرب النادي كارلو أنشيلوتي يواجه تساؤلاً دائماً حول مدى قدرته على خلق توليفة هجومية مُتوازنة بين مبابي وفينيسيوس جونيور ورودريغو غوس وجود بيلينغهام؟
طوال الموسم، لم يتوقف أنشيلوتي عن الإلحاح على خطه الأمامي للعمل بدون كرة. طلب وكرر وأعاد ذلك في معظم المؤتمرات الصحفية، ولكن الرسائل لم تجد آذانًا مصغية سوى في ومضات قليلة، ربما بيلينغهام فقط بحكم تمركزه وتوازن أدواره كلاعب وسط مهاجم.
بدا جود بيلينغهام استثناءً هادئًا في هذا الصخب. أما البقية فسيطرت عليهم عبارة "الموهبة وحدها لا تدافع”.
أمام مانشستر سيتي في مرحلة ملحق دوري الأبطال، بدا وكأن شيء ما تغير، فقد قدم ريال مدريد واحدة من أذكى مبارياته التكتيكية أمام بيب غوارديولا، وأكد أنشيلوتي بعد اللقاء أنه عقد جلسة خاصة مع نجومه الكبار، ناقش فيها تفاصيل لا تُروى في العلن. جلسة بدأ أثرها يظهر، قبل أن يتلاشى كل شيء مجدداً بالخسارة أمام أرسنال 3-0 مع الرأفة خلال ذهاب ربع نهائي دوري الأبطال.
عندما قارن أنشيلوتي مبابي بكورتوا
إذا أردت أن تُحدث صدمة إيجابية في نجومك، فقل لهم الحقيقة حتى وإن كانت قاسية. هذا ما فعله أنشيلوتي في فبراير الماضي بعد السقوط المدوي بنتيجة 5-2 أمام برشلونة في نهائي بطولة كأس السوبر الإسباني.

وبحسب ما كشفه راديو ماركا الإسباني فقد جمع المدرب الإيطالي ثلاثي الهجوم مبابي وفينيسيوس ورودريغو، وتحدث إليهم بالأرقام دون تحليلات أو فلسفة، فقط جهد مبذول بالكيلومترات.
أنشيلوتي قرأ أمامهم إحصائيات لاعبي أرسنال في فوزهم 5-1 على مانشستر سيتي، تروسارد وهافرتز ركض كل منهما 10.85 كم، أما ساكا ومارتينيلي فكانا بين 11 و13 كم. ثم التفت إلى إحصائيات لاعبيه في كلاسيكو كأس السوبر، فوجد أن فينيسيوس ركض 8.7 كم، ومبابي 5 كم فقط.
ثم جاء التعليق الساخر منه حين قال إن مبابي ركض أقل من كورتوا، قالها أنشيلوتي، في ضحكة تحمل بين طياتها مرارة مدرب يبحث عن حلول.
الدرس نُسي سريعاً
التحول القصير أمام السيتي والليلة الرهيبة التي عاشها كيليان مبابي حين سجل هاتريك لم تصمد طويلاً، فريال مدريد عاد لينزف النقاط في الليغا ويتلقى الأهداف بسهولة في دوري الأبطال.

الخسارة أمام أتلتيكو مدريد في إياب ثمن النهائي، ثم السقوط المروع أمام أرسنال لم تكن مجرد عثرات عابرة، بل عكست أزمة أكبر، فقد أثبت الفريق عدم قدرته على الاحتفاظ بنظافة شباكه سوى مرتين فقط في آخر 17 مباراة بجميع المسابقات.
صحيح أن هجوم ريال مدريد كان خارقاً، لكن دون درع يحمي الظهر، بالتالي فلن يذهب الفريق أبعد من ذلك في دوري الأبطال حسب كافة التوقعات، وسيخسر سباقه مع برشلونة في الليغا لا محالة.
لا شك أن أنشيلوتي مدرب لا يؤمن بالصدامات المباشرة، لكنه يُجيد إرسال الرسائل بين السطور. ورسالته كانت واضحة: “إن لم تركض… فاجلس"، لكن الواقع يقول إن الركض وحده لا يكفي، إذا لم يكن مقرونًا بالالتزام، وفي مدريد، لا تُرفع الكؤوس بالمهارات فقط، بل بالعرق أيضاً.