مدير الأبحاث في ليفربول يعترف: كلوب لم يكن يريد ضم محمد صلاح

كشف مدير قسم الأبحاث في ليفربول، إيان غراهام، خلال حديث خص به هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي، عن عدم اقتناع المدير الفني السابق للريدز، يورغن كلوب، بالتعاقد مع النجم المصري محمد صلاح في بداية مرحلة دراسة الصفقة صيف 2017، حيث طالب بضم لاعب آخر بدلاً من "مو" كان جوليان براندت من نادي باير ليفركوزن الألماني.

وأكد إيان غراهام أن جميع مَن حضروا الاجتماعات الخاصة بمناقشة إمكانية ضم محمد صلاح، من بينهم أعضاء فريق التحليل الرياضي، اتفقوا على أن أرقام وإحصاءات ومقاطع الفيديو الخاصة بالنجم المصري تثبت أنه الرجل المناسب، باستثناء مدرب الفريق يورغن كلوب الذي كان الوحيد المعارض للصفقة.

الخيار الأول بالنسبة ليورغن كلوب آنذاك في مركز الجناح الأيمن ولاعب الوسط المهاجم كان التعاقد مع اللاعب الألماني جوليان براندت، بسبب تألقه اللافت رفقة باير ليفركوزن، وهو ما شاهده بنفسه أثناء فترة تدريبه لبوروسيا دورتموند.

وحول الخلاف الذي نشب بين فريق تحليل الأداء ويورغن كلوب بشأن الصفقة، قال إيان غراهام، المدير السابق لقسم الأبحاث في ليفربول، خلال جزء من فيلم وثائقي عن رحلة النادي العريق نحو التتويج بدوري أبطال أوروبا 2018-19: “يورغن كان يفضل براندت على صلاح، لا شك أنه لاعب رائع، وقد تابعه جيدًا خلال فترته في البوندسليغا، كما كان يعرف السوق الألماني عن ظهر قلب، لكن من وجهة نظر التحليل الرقمي، لم يكن هناك مجال للمقارنة مع صلاح".

أوضح “براندت كان موهبة واعدة، لكن صلاح كان شيئاً آخر تماماً. الأرقام أكدت لنا أنه كان أفضل جناح شاب في أوروبا، بلا منازع، وروما كان يعاني مالياً ويحتاج لبيع بعض اللاعبين، وصلاح كان متاحاً بسعر رائع”.

ورغم الاعتراف الصادم لمحبي يورغن كلوب من مدير الأبحاث السابق لليفربول، إلا أن غراهام دافع عن المدرب الألماني واصفاً إياه بالرجل الديمقراطي الذي يجيد الاستماع لآراء الغير.

أضاف بقوله "كانت هناك عوامل أخرى لعبت لصالح ليفربول، فأسلوبه كان يتناسب مع احتياجات الفريق أكثر من براندت الذي كان أقرب إلى لاعب وسط هجومي منه إلى جناح صريح، وكلوب كان منفتحاً للنقاش وأراد أدلة لتغيير رأيه، قال لنا: أقنعوني أن صلاح أفضل. هذا يحسب له".

ولم يحتج الألماني وقتًا طويلًا للاقتناع، فبحلول يونيو 2017، حسم ليفربول الصفقة مقابل 34 مليون جنيه إسترليني.

كان رهانًا على مستقبل لاعب رأى النادي فيه “نجماً قادماً”. وبعد سبع سنوات، أثبت المصري أنه لم يكن مجرد نجم قادم، بل أسطورة خالدة في تاريخ الريدز على كافة الأصعدة.

صلاح.. من “رهان رقمي” إلى أسطورة أنفيلد

غراهام، الذي شغل منصب مستشار في توتنهام بين 2007 و2012، قبل أن ينضم إلى مشروع “المال الذكي” في ليفربول تحت مظلة مجموعة فينواي سبورتس، كان جزءًا أساسيًا من ثورة البيانات داخل النادي، وتسبب رأيه في تحويل صلاح من رهان رقمي إلى أسطورة أنفيلد بأرقام فلكية ستُخلد في تاريخ كرة القدم.

سجل صلاح حتى كتابة هذا التقرير ما مجموعه 243 هدفًا وقدم 109 تمريرات حاسمة، في 393 مباراة، محققاً 6 بطولات كبرى، أبرزها دوري الأبطال والبريمييرليغ.

ومع ذلك، يبقى مستقبل النجم المصري مجهولاً، حيث لم يوقع على عقد جديد مع ليفربول بعد انتهاء موسمه الحالي، مما يجعل الجمهور يعيش حالة من التأهب.

وعن المكسب الذي حققه ليفربول من التعاقد مع صلاح، قال إيان غراهام “كان علينا دائماً أن نجد قيمة أكبر مقابل كل جنيه إسترليني ننفقه، لنتمكن من منافسة الأندية التي تمتلك ميزانيات ضخمة".

منذ 2012، توسعت قاعدة بيانات ليفربول بشكل كبير، حيث بدأ النادي بجمع وتحليل بيانات من سبع أو ثماني دوريات فقط، لكن بحلول 2023، كانوا يستمدون البيانات من 60 دوريًا حول العالم، مما منحهم قدرة خارقة على اكتشاف اللاعبين المناسبين.

وكان غراهام يعمل تحت قيادة المدير الرياضي مايكل إدواردز، أحد العقول المدبرة في ثورة ليفربول الحديثة، والذي غادر النادي في 2022 قبل أن يعود هذا العام رئيسًا تنفيذيًا لكرة القدم في مجموعة فينواي.

مرونة يورغن كلوب وتحجر بريندان رودجرز

قبل يورغن كلوب، كان ليفربول يعيش صراعات داخلية حول كيفية إدارة التعاقدات. المدير السابق، بريندان رودجرز، لم يكن مقتنعًا تمامًا بمنهج التحليل الرقمي، وكان يرى أن الخبرة في الدوري الإنجليزي هي العامل الأهم عند اختيار اللاعبين.

وكشف غراهام عن طريقة اختيار الصفقات في ليفربول بقوله لقناة بي بي سي “كنا نجتمع مع المدرب، ونصل إلى قرار توافقي بشأن أفضل اللاعبين للتعاقد معهم، وبريندان رودجرز لم يكن مقتنعًا بالبيانات.. كلوب كان القطعة المفقودة”.

زاد “بريندان كان يأتي برؤية مسبقة عن اللاعب الذي يريد التوقيع معه، وكان من الصعب جدًا إقناعه بغير ذلك. بينما رأينا نحن أن بعض اللاعبين كانوا يُبالغ في تقييمهم لمجرد أنهم يلعبون في البريمييرليغ، بينما آخرون مثل محمد صلاح وروبرتو فيرمينو كانوا أقل سعراً منهم وأعلى من حيث الجودة".

وعن مرونة يورغن كلوب أكد بقوله: "كان مختلفًا تمامًا. يورغن كان القطعة المفقودة. كان يرى ما تراه البيانات، وكان منفتحًا على المناقشة. لم يكن يتمسك برأيه لمجرد أنه رأيه، وكان مستعدًا للاستماع إلى الحجج العلمية".

يضحك غراهام وهو يتذكر: “أحيانًا كنا نُجهض صفقات لم تكن منطقية، وكان ذلك يسبب نقاشات حادة داخل النادي. لكن مع مرور الوقت، أدرك كلوب أننا كنا على حق، وكان يشكرنا على ذلك".

توج كلوب عمله في ليفربول بحصد دوري الأبطال 2019، وهو اللقب الذي كان نقطة تحول في تاريخ المشروع، حيث لعبت البيانات دورًا رئيسيًا في التعاقد مع 9 من أصل 11 لاعبًا شاركوا في النهائي ضد توتنهام، الذي انتهى بفوز الريدز 2-0، ويقول غراهام عن ذلك الإنجاز: “النادي كان بحاجة لهذا اللقب، وكذلك نهج البيانات كان بحاجة إليه كإثبات على نجاحه.”