يلعب مارتن بايس لنادي دالاس (FC Dallas) في الدوري الأميركي للمحترفين، لكنه يستطيع السير في أي شارع مزدحم في دالاس، تكساس، دون أن يلاحظه أحد، رغم كونه حارس المرمى الأساسي للفريق.
ولكن الوضع يختلف تماماً على الإنترنت أو في إندونيسيا، إذ يجد بايس نفسه، مثل زملائه في المنتخب الإندونيسي، محاطاً بالمعجبين عندما يزور البلاد، حيث يتمتع بقاعدة جماهيرية ضخمة على وسائل التواصل الاجتماعي، تفوق بكثير ما يُتوقع من لاعب لم يصل بعد إلى قمة عالم كرة القدم، وفق "The Athletic".
وأوضح الموقع الأميركي أن بايس، البالغ من العمر 26 عاماً، وُلد في هولندا، لكنه أصبح مواطناً إندونيسياً في أبريل الماضي. وفوجئ بايس من النمو السريع لقاعدته الجماهيرية على وسائل التواصل الاجتماعي، حيث بلغ عدد متابعيه على منصتي "إنستغرام" و"تيك توك" 1.7 مليون و1.2 مليون متابع على التوالي.
وقال بايس للموقع: "أنت تعرف بالفعل ما سيحدث قبل أن يحدث، لأنك شاهدته يحدث مع لاعبين آخرين. إنه بلد كبير للغاية، وجميعهم يعشقون كرة القدم".
وعرف بايس أنه مؤهل للعب مع إندونيسيا منذ عدة سنوات، ولكن في نهاية العام الماضي، أعاد المنتخب التواصل معه. وقال: "في ذلك الوقت، كانت حالة جدتي الصحية تتدهور".
وأضاف: "هي من هناك، وتحدثت معها كثيراً حول هذا الموضوع. كان بإمكاني القيام بشيء يجعلها سعيدة في نهاية حياتها، وكان ذلك مهماً جداً بالنسبة لي. قالت لي: سأكون سعيدة للغاية إذا فعلت ذلك. لذا، شجعتني، وكان شرفاً لي أن أحقق هذا الأمر من أجلها".
وتغيرت حياة بايس بعد انتشار خبر انتقاله إلى إندونيسيا. وقال: "عندها شعرت أنني بحاجة إلى التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي بطريقة مختلفة، حيث يمكنني الابتعاد عنها لفترة لأنها قد تكون مرهقة بعض الشيء. إنه شعور غريب أن تحظى بإعجاب الكثير من المتابعين وبهذا العدد الهائل من الجمهور".
ولعب بايس، الذي مثّل هولندا في منتخب الشباب، أول مباراتين له مع المنتخب الإندونيسي في فترة التوقف الدولي الأخيرة. ووصف التعادل السلبي مع أستراليا، التي تتفوق على إندونيسيا بفارق 109 مراكز في تصنيف الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، أمام أكثر من 70 ألف مشجع في ملعب جيلورا بونج كارنو بأنه كان تجربة مدهشة.
ووصف بايس لحظته تلك قائلاً: "كان الأمر أشبه بالمرة الأولى التي أدرك فيها حجم الأمر. تشاهد ذلك على الإنترنت، وترى الأرقام، لكنك لا تستطيع استيعابها حقاً. ثم أصبحنا غير قادرين على مغادرة الفندق دون حراسة".
مشاهدات كثيرة
ونادراً ما يحقق نادي أكسفورد يونايتد، الذي يحتل المركز التاسع في دوري الدرجة الأولي الإنجليزي "تشامبيونشيب"، تفاعلاً كبيراً على وسائل التواصل الاجتماعي. ومع ذلك، حقق فيديو نشره النادي على "إنستغرام" في أغسطس 5.2 مليون مشاهدة.
وفي الدوري الأسترالي، شهد فريق بريزبان رور زيادة ملحوظة في تفاعل الجماهير عبر وسائل التواصل الاجتماعي هذا الشهر. فمثله مثل أكسفورد، عادةً ما تحقق مقاطع الفيديو التي ينشرها بريزبان على إنستجرام مشاهدات تقدر بالآلاف. ومع ذلك، حققت مقاطع فيديو متتالية على انستجرام نحو 6 ملايين مشاهدة.
وأوضح "The Athletic" أن السبب وراء هذه الزيادة في المشاهدات يرجع إلى انضمام اثنين من نجوم المنتخب الإندونيسي، وهما اللاعبان الشابان مارسيلينو فردينان ورافائيل سترويك.
ووقع فردينان، لاعب الوسط الهجومي البالغ من العمر 20 عاماً، مع أكسفورد الشهر الماضي قادماً من نادي ديينز الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية البلجيكي. في حين انضم سترويك، المهاجم البالغ من العمر 21 عاماً، إلى بريزبان (المملوك لمجموعة باكري الإندونيسية) هذا الشهر، من نادي أدو دين هاج، الذي يلعب في دوري الدرجة الثانية الهولندي.
ولم يكن اللاعبان معروفان عندما انتقلا إلى فريقيهما الجديدين، على الأقل في أوروبا أو أستراليا، ولم يكونا في أندية تتمتع بشهرة واسعة.
وارتفع عدد متابعي أكسفورد على إنستغرام بشكل ملحوظ من 83 ألف إلى 226 ألف متابع في غضون أيام من انضمامه. وعلى نفس المنوال، كان عدد التعليقات على منشورات بريزبان السابقة أقل من 10، بينما حقق إعلان انضمام سترويك 9000 تعليق.
تأثير إندونيسيا
وقال "The Athletic" إن ذلك هو تأثير إندونيسيا، حيث يتجاوز عدد سكانها 280 مليون نسمة، وتُعتبر كرة القدم الرياضة الأولى. ويظهر هذا الشغف بوضوح في الإعجاب بلاعبي المنتخب الوطني وهوس الجماهير بهم على الإنترنت وفي الحياة الواقعية.
ونقل التقرير ذاته بعض الإحصائيات لمقارنة التشكيلة الأساسية لإندونيسيا مع نظيرتها لمنتخب الولايات المتحدة. ولم تركز هذه الإحصائيات على عدد الأهداف المتوقعة أو التمريرات، ولكن على عدد المتابعين على إنستجرام.
وتجاوز عدد متابعي لاعبي المنتخب الإندونيسي الأساسيين في مباراة تصفيات كأس العالم ضد أستراليا مجتمعين 26.9 مليون متابع على إنستغرام. وبلغ إجمالي عدد متابعي حسابات الأندية الـ 11 التي يلعبون فيها أقل من 10 ملايين متابع على نفس المنصة.
وفي المقابل، بلغ عدد متابعي لاعبي المنتخب الأميركي الأساسيين في مباراته الودية أمام نيوزيلندا متجمعين 1.4 مليون متابع فقط. وكان من الممكن أن يتفوق المنتخب الأميركي، لكن كريستيان بوليسيتش، مهاجم إيه سي ميلان الذي يملك 7.8 مليون متابع على انستغرام، كان يجلس على مقاعد البدلاء.
وتسلط المقارنة بين التشكيلتين الأساسيتين الضوء على مستوى الدعم المقدم للاعبي إندونيسيا مقارنةً بدولة يزيد عدد سكانها عن 335 مليون نسمة وستستضيف كأس العالم للرجال في عام 2026.
وقال "The Athletic" إن اللاعبين الوحيدين في التشكيلة الأساسية لإندونيسيا أمام أستراليا اللذان لديهما عدداً أقل من المتابعين مقارنة بالنادي الذي يلعبان له هما ريزكي ريدو، الذي يلعب في مركز قلب الدفاع لفريق بيرسيغا جاكرتا في دوري الدرجة الأولى الإندونيسي، وجاستن هوبنر، الذي يلعب في ولفرهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز.
وانضم جاستن هوبنر، البالغ من العمر 21 عاماً، إلى صفوف شباب ولفرهامبتون في عام 2020. ورغم أنه لم يشارك بعد مع الفريق الأول ويقضي معظم مبارياته في أكاديمية النادي، إلا أنه مع المنتخب الوطني يُعامل كما لو كان يلعب أسبوعياً مع ريال مدريد، نظراً لحجم الاحتفاء الجماهيري الذي يلقاه عبر الإنترنت وفي الحياة الواقعية.
وقال هوبنر لموقع "The Athletic": "لا أستطيع مغادرة فندقي (في إندونيسيا) لأن هناك أشخاصاً ينتظرونني ويركضون نحوي. أينما ذهبت، يكون الأمر جنونياً".
وأضاف: "إذا دخلت متجراً ثم خرجت، قد أجد نحو 100 شخص ينتظرونني. أنا بالنسبة لهم نجم، لذا ينتظرونني من أجل الصور والتوقيعات".
ووُلد هوبنر في هولندا ولعب إلى جانب تشافي سيمونز (النجم على انستجرام منذ أن كان مراهقاً في برشلونة، حيث حصل على مليون متابع قبل بلوغه 14 عاماً، وهو الآن يلعب مع نادي لايبزيغ الألماني) في فرق الشباب للمنتخب الهولندي.
وأوضح "The Athletic" بأن عدداً متزايداً من لاعبي المنتخب الوطني يحملون الجنسية المزدوجة، نظراً لأن إندونيسيا كانت مستعمرة هولندية سابقاً.
وقال هوبنر: "كان لدي حوالي 5000 متابع على إنستغرام، وعندما اكتشف المشجعون أنني لدي أصول إندونيسية، ارتفع العدد إلى 30 ألفاً، والآن لدي 2.7 مليون متابع".
وأضاف: "من ناحية وسائل التواصل الاجتماعي، كل شيء نمى بسرعة كبيرة، بما في ذلك صفقات العلامات التجارية. هناك الكثير من الأشياء تحدث لي الآن. الأمر أشبه بحلم".
وعلى سبيل المزاح، قال هوبنر إن الكثير من زملائه في الفريق يسألونه عما إذا كان بإمكانهم الانضمام إلى المنتخب الإندونيسي. وأضاف: "لكن الأصدقاء هنا يدعمونني ويشعرون بالسعادة من أجلي. هم أيضاً يريدون المتابعين لأن وجودهم رائع، لكن الأمر ليس متعلقاً بالمتابعين، الأهم هو أنني ألعب للمنتخب الوطني وما يأتي مع ذلك هو أمر جميل حقاً".
وانتقل هوبنر الموسم الماضي على سبيل الإعارة إلى نادي سيريزو أوساكا الياباني، ويقول إنه كان هناك دائماً مشجعون إندونيسيون يشاهدونه. ولكن عند عودته إلى إنجلترا بعد مباراتي تصفيات كأس العالم ضد السعودية وأستراليا، لم يحظ اللاعب باستقبال حافل كما كان يحدث في مطار جاكرتا. وعاد إلى شقته وحده دون الحاجة إلى تأمين.
ويصف هوبنر حياته الهادئة في ولفرهامبتون قائلاً: "إنه عالم مختلف. عندما أعود إلى أوروبا أشعر وكأنني أعيش حياتي الخاصة، بلا ضغوط. في إندونيسيا، هناك جانب مجنون. لا توجد لديك خصوصية، أينما ذهبت هناك دائماً أشخاص يقومون بالتقاط صور. الأمر جميل، لكنه أيضاً لطيف العودة إلى مساحتك الخاصة وخصوصيتك".
وأضاف اللاعب: "عندما وصلت إلى إندونيسيا، حاولت إخفاء نفسي بارتداء قبعة وقناع، لكنهم تعرفوا عليّ على الفور. حتى أفراد الأمن والشرطة أرادوا التقاط صور معي. كان هناك من 50 إلى 60 شخصاً يرغبون في التقاط الصور".
وتابع: "عائلتي أصبحت مشهورة أيضاً الآن. أنشأت حساباً على إنستغرام لوالدتي، ولديها الآن ما يقرب من 50 ألف متابع. الجميع يعرفها. في المرة الأولى التي زارت فيها إندونيسيا، كانت تسأل لماذا يريد الناس التقاط الصور معها".
* هذه المادة مترجمة من طرف SRMG