لم ينجح أي مدرب على الإطلاق في الفوز بألقاب الدوري في الدول الخمس الكبرى في عالم كرة القدم، سوى كارلو أنشيلوتي، أو زعيم العلاقات الإنسانية، صاحب الحلول الواقعية والإنجاز دون شكوى.
فاز كارليتو بألقاب الدوري في إنجلترا رفقة تشيلسي، وفي إسبانيا مع ريال مدريد، وفي إيطاليا مع ميلان، وفي ألمانيا مع بايرن ميونيخ، وفي فرنسا مع باريس سان جيرمان.
ولا يزال الإيطالي المخضرم يتربع على عرش أكثر المدربين تتويجاً بدوري أبطال أوروبا برصيد 4 ألقاب، وسيبحث عن إضافة اللقب الخامس عندما يلاقي بوروسيا دورتموند يوم السبت 1 يونيو على ملعب ويمبلي في العاصمة لندن.
لم ينجح أي مدرب على مر العصور في بلوغ نهائي دوري أبطال أوروبا ست مرات إلا أنشيلوتي، لذا فنجاحه لا يقتصر على بطولات النفس الطويل، بل إنه أستاذ في منافسات خروج المغلوب، وهذا لم يكن ليفعله أبداً دون تمتعه بأدوات وقدرات خاصة جعلت منه مدرباً مختلفاً عن البقية.
مواصلة النجاح الهادئ
المدرب الإيطالي المخضرم البالغ عمره 64 عاما سيبحث عن حصد لقب دوري الأبطال للمرة الخامسة في مسيرته الحافلة عندما يقود ريال مدريد، وهو المرشح الأوفر حظا، في المباراة النهائية ضد بروسيا دورتموند في استاد ويمبلي في لندن مساء السبت.
وبعد كتابة تاريخ من الصعب تكراره في تدريب ميلان وتشيلسي وباريس سان جيرمان وريال مدريد وبايرن ميونيخ، توقع كثيرون أن تكون مرحلة أنشيلوتي قد ولت بعد انتقاله إلى تدريب نابولي في 2018.
وما ضاعف هذا الشعور أن أنشيلوتي من أصحاب المدرسة الكلاسيكية في التدريب، ويأتي ذلك في ظل سطوع نجم العديد من المدربين الشبان أصحاب النهج الحديث. وزاد الأمر باستمرار تراجع أسهم المدرب صاحب الشعر الأبيض والذي اعتاد مضغ العلكة في هدوء، بغض النظر عن نتيجة المباراة، بعد الانتقال إلى تدريب إيفرتون.
وعاد أنشيلوتي بشكل مفاجئ إلى ريال مدريد في 2021 وبدا وأنه سيقود مرحلة انتقالية مع العلاق الإسباني مع رغبة فلورنتينو بيريز رئيس النادي في ضخ مئات الملايين في تجديد استاد سانتياغو برنابيو بدلا من جلب أبرز نجوم اللعبة.
وكعادة أنشيلوتي، الذي يشتهر بقدرته على التأقلم والعمل في أي ظروف دون أي شكوى، أظهر براعته، وأعاد اكتشاف نفسه، وقاد ريال للفوز بالدوري الإسباني ودوري الأبطال في موسم 2021-2022.
ورغم إنهاء الموسم الماضي بلقب كأس الملك فقط، وبعد خسارة الدوري لمصلحة برشلونة والخروج من دوري الأبطال أمام مانشستر سيتي الذي توج باللقب لاحقا، فإن بيريز أظهر ثقته في أنشيلوتي.
وكان أنشيلوتي عند حسن الظن، بل وفاق التوقعات، واستعاد لقب الدوري الإسباني عن جدارة، وشق طريقه نحو نهائي دوري الأبطال، بينما يستعد الفريق وفقا لتكهنات عديدة بتعزيز صفوفه والتعاقد مع كيليان مبابي في صفقة ضخمة في خلال الأيام القليلة المقبلة.
تطوير المواهب
لم تتوقف قدرة أنشيلوتي على اللعب بالتشكيلة المتاحة، رغم رحيل القائد والهداف كريم بنزيمة وعدم تعويضه بلاعب مماثل، بل إنه استخرج أفضل ما لدى لاعبه الجديد جود بيلينغهام ووظفه في مركز المهاجم المتأخر، وهو القرار الذي أتى بثماره وأصبح اللاعب الإنجليزي هداف ريال هذا الموسم، ومن أبرز المرشحين لنيل جائزة الكرة الذهبية.
وليس ذلك فحسب، بل نجح أنشيلوتي في تطوير العديد من لاعبيه مثل فينيسيوس جونيور ورودريغو، وأجاد تطبيق سياسة التناوب بشكل جعل أغلب اللاعبين يشعرون بالرضا، لدرجة أن لاعبا بخبرة لوكا مودريتش بدا سعيدا بالجلوس على مقاعد البدلاء وأظهر رغبته في تمديد التعاقد وعدم الرحيل.
"العلاقات الشخصية أهم من المهنية"
لم يكن غريبا أن يحاول أنشيلوتي توضيح سبب علاقته الرائعة بأغلب لاعبي ريال قائلا إن العلاقات الإنسانية مهمة جدا وبدرجة تفوق العمل.
وقال أنشيلوتي في حوار مفتوح مع الصحفيين قبل خوض النهائي الأوروبي "الأمر الجوهري في حياتنا هو العلاقة بين الأشخاص والعلاقات مع العائلة وأصدقائك وهذا هو الأهم".
وأضاف "علاقتك مع الجميع يجب أن تكون على أساس الاحترام. أنا أكون سعيداً عندما أقوم بذلك وأتمنى أن يفهم من حولي هذا الأمر، لذا العلاقة الشخصية أهم من العلاقة المهنية".
وتابع المدرب الإيطالي الذي ألمح إلى رغبته في اعتزال التدريب بعد نهاية مشواره مع ريال "أقضي وقتا مع اللاعبين أطول من الوقت مع عائلتي وزوجتي، لذا يجب أن تكون العلاقة رائعة مع اللاعبين".
وكان عقد أنشيلوتي ينتهي مع ريال بنهاية الموسم الجاري، وسط تكهنات باسم المدرب البديل، لكن بيريز تمسك بتمديد التعاقد بين الطرفين في يناير كانون الثاني الماضي وحتى صيف 2026.