لم يكن اسم آرني سلوت معروفاً لدى معظم جماهير ليفربول عندما انتشرت تكهنات بوسائل الإعلام حول تعيينه خلفاً للمدرب الأسطوري يورغن كلوب.
وكان سلوت لاعباً مغموراً، حيث بدأ مشواره التدريبي قبل عقد من الزمن، ولم يعمل أبداً خارج حدود هولندا.
لكن النادي الإنجليزي العريق وضع ثقته في المدرب البالغ عمره 45 عاماً ليحمل إرثاً ثقيلاً للألماني المحبوب كلوب الذي هتف بنفسه باسم "سلوت" أمام جمهور أنفيلد في مباراة وداعه أمس الأحد لتقديم دفعة معنوية له.
وبعد تراجع مفعول صدمة إعلان كلوب لرحيله في نهاية الموسم بهدف الحصول على راحة ذهنية وجسدية بعد تسع سنوات شاقة، رأت جماهير ليفربول أن اللاعب السابق بالنادي تشابي ألونسو كان الخيار الأمثل لتولي القيادة الفنية بعد إنجاز استثنائي بالتتويج بلقب الدوري الألماني رفقة نادي باير ليفركوزن دون أي خسارة، قبل بلوغ نهائي الدوري الأوروبي أمام أتالانتا الإيطالي.
غير أن المدرب الإسباني الشاب فضل البقاء في نهاية المطاف رفقة ليفركوزن، ليتردد من بعده اسم البرتغالي الشاب روبن أموريم الذي قدم مستويات مبهرة مع فريق سبورتنغ لشبونة.
وبعد سلسلة من التكهنات بشأن المدرب المستقبلي، استقر ليفربول على الهولندي آرني سلوت الذي قدم أوراق اعتماده كمدير فني واعد رفقة فينورد روتردام.
هل تُعقد المقارنات بين كلوب وسلوت؟
أيقظ كلوب العملاق النائم بقيادة ليفربول لألقاب عديدة أبرزها الدوري الإنجليزي ودوري أبطال أوروبا، ولن يتجنب سلوت الضغوط والمقارنات مع سلفه بالتأكيد، لكن سيرته الذاتية في هولندا ربما تدعو للتفاؤل.
ذاع صيت سلوت في هولندا في أول موسم كامل له مع ألكمار في 2019-2020 بعد تحوله من مساعد إلى مدرب رئيسي، وخاض صراعاً شرساً مع أياكس أمستردام بقيادة إريك تن هاغ، مدرب مانشستر يونايتد الحالي، وتساوى معه في عدد النقاط بالقمة قبل إلغاء الموسم بسبب فيروس كورونا.
وفي ديسمبر 2020 عين مدربا لفينوورد، حيث تسلم الفريق في المركز الخامس، وكان الأسوأ له بالدوري خلال عقد، ليقوده إلى التتويج بالدوري في 2022-2023 بعد غياب ست سنوات. أما في الموسم الحالي احتل المركز الثاني خلف البطل أيندهوفن، لكن أسلوب لعبه وتشابهه في بعض الأمور مع كلوب جذب ليفربول أكثر من نتائجه.
كيف يلعب سلوت وما هو تكتيكه؟
يعتمد سلوت على الضغط القوي عند امتلاك أو فقدان الكرة، ولا ينشغل كثيراً بالاستحواذ مثل مانشستر سيتي أو أرسنال، حيث يبلغ متوسط استحواذه على الكرة 62% هذا الموسم، ويفضل اللعب المباشر على المرمى.
ولا توجد طريقة لعب ثابتة لسلوت، لكنه يفضل غالباً طريقة 4-2-3-1 نظرياً، وتتغير حسب مجريات اللعب.
ويفضل استغلال الظهيرين في التوغل للعمق بأدوار هجومية كما كان يفعل كلوب مع ترينت ألكسندر أرنولد وآندي روبرتسون لتتحول الخطة إلى 2-4-1-3 أو 2-3-2-3 أو 3-2-4-1.
وارتفع متوسط أهداف فينوورد من 2.2 هدف كل مباراة في الدوري إلى 2.7 خلال ثلاثة مواسم.
ويتشابه فينوورد مع ليفربول أيضاً في التنافس مع أندية أكثر سخاء في الصفقات ورواتب اللاعبين، لذا ركز الناديان على استخراج مواهب الأكاديمية بشكل أكبر من منافسيهم.
واعتمد كلوب على ناشئي ليفربول، وصعدهم للفريق الأول أكثر من أي مدرب آخر في مسابقات الصفوة الأوروبية، وعلى الأرجح سيستمر سلوت في هذا النهج.
خليفة كلوب في اكتشاف النجوم
اشتهر كلوب بقدرته على تطوير المهارات الفردية للاعبيه وتحويلهم إلى نجوم من الصف الأول، وسيحتاج سلوت إلى استعراض قدراته في تطوير اللاعبين إذا اضطر لفقدان نجوم مثل محمد صلاح الهداف الأول للفريق.
لكن يتوقف نجاح سلوت على قدرته على تحمل ضغوط الدوري الإنجليزي الممتاز ووسائل الإعلام المحيطة به وجماهيره، ويجب أن يتعلم الدرس من مواطنه تن هاغ الذي عانى كثيراً في يونايتد.
ففي الدوري الإنجليزي من الممكن التعثر أمام أي فريق، بخلاف الدوري الهولندي الذي تنحصر فيه المنافسة بين فريقين أو ثلاثة فرق دائماً دون مقاومة شرسة من بقية الأندية.
ويتعين على سلوت إيجاد التوازن بين أسلوبه الهجومي وتشكيل دفاع صلب بمساعدة مواطنه والقائد فرجيل فان دايك، الذي لعب ضده في أواخر فترته بالملاعب.