"إدمان" ميسي وكرة القدم "الأسيرة"

time reading iconدقائق القراءة - 2
الأرجنتيني ليونيل ميسي بعد نيله جائزة الكرة الذهبية في باريس - 30 أكتوبر 2023 - X/@ballondor
الأرجنتيني ليونيل ميسي بعد نيله جائزة الكرة الذهبية في باريس - 30 أكتوبر 2023 - X/@ballondor
دبي-إيلي هيدموس

ما اعتقد كثيرون بأنه مجرد سراب ومزحة سمجة، تحقق الاثنين بعد منح النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي جائزة الكرة الذهبية للمرة الثامنة، في رقم قياسي ربما يستحيل تحطيمه.

ميسي أسطورة قد لا تتكرّر قبل عقود، وكان في مرحلة ما من مسيرته لاعباً يستحيل كبحه، ويثير رعباً لدى الأندية المنافسة.

يتذكّر مشجعو كرة القدم المعارك التي خاضها مع برشلونة ضد ريال مدريد، وكيف كان يتلاعب بلاعبيه أحياناً ويمرّ مثل البرق بينهم.

لكن ذلك مجرد تاريخ، تحفظه سجلات اللعبة بوصفه ماضياً جميلاً وذكرى عطرة. ماض جميل يأبى أن يرحل، ويتشبّث بما بات خيالاً.

هل يُعقل أن يفوز ميسي بالكرة الذهبية عام 2023؟ وهل يستحق 3 جوائز أكثر من النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو؟

ميسي لم يعُد يشبه نفسه، بل لا يزال يستند إلى هالته وعظمته وماضيه المجيد، مدفوعاً بجمهور يأبى الإقرار بالواقع والخروج من أسره.

إنه "إدمان" ميسي، متحدّياً الحسّ السليم والتفكير المنطقي في القرن الواحد والعشرين.

دييغو مارادونا

نظرة سريعة إلى أرقام اللاعب عام 2023 تؤكد أنه لم يتفوّق بأيّ حال على منافسيه، لا سيّما النرويجي إيرلينغ هالاند والفرنسي كيليان مبابي.

قد يقول قائل إن ميسي قاد الأرجنتين لإحراز كأس العالم عام 2022، للمرة الأولى منذ عام 1986، ويضعونه في مصاف الراحل دييغو مارادونا.

لكن مَن تابع مونديال المكسيك عام 1986 يُدرك أن إنجاز مارادونا يفوق بسنوات ضوئية ما حققه نجم إنتر ميامي في قطر.

أداء أسطورة نابولي آنذاك قد يكون الأعظم للاعب في بطولة دولية، ناهيك عن كأس العالم، وهي محفورة في ذاكرة كلّ عاشق للكرة المستديرة.

ميسي؟ لو لعب في حقبة مواطنه الراحل ربما لاعتزل مبكّراً، نظراً إلى العنف المفرط الذي كان يعاني منه الأخير في الملاعب.

في المقابل، حظي ميسي بشبكة حماية شاملة، على كل المستويات، منذ بدء مسيرته في برشلونة، التي شهدت في سنواتها الأخيرة سقطات مروّعة في دوري أبطال أوروبا، كان النجم الأرجنتيني شاهداً على كلّ منها.

لمعرفة آخر الأخبار... تابعوا حساب "الشرق رياضة" على "Whatsapp"

كأس العالم

مونديال 2022 هو الذريعة لمنح ميسي الجائزة هذا العام، علماً أن معايير التصويت بحسب مجلة "فرانس فوتبول" باتت تعتمد أولاً على الأداء الفردي، يليه الأداء الجماعي للفريق وألقابه، ثم اللعب النظيف، مشددة على أن سمعة اللاعب وأداءه في السنوات الماضية يجب ألا يؤثرا في التصويت.

في هذا الصدد، يستذكر المرء أن ميسي نال الجائزة أيضاً عام 2010، حين لم يسجل هدفاً واحداً في كأس العالم بجنوب إفريقيا، وخرجت الأرجنتين من ربع النهائي بهزيمة مذلّة أمام ألمانيا 0-4.

والحجّة آنذاك كانت أنه سجل 47 هدفاً في 53 مباراة مع برشلونة ذاك الموسم، علماً أن زميليه السابقين في النادي الكاتالوني أندريس إنييستا وتشافي هرنانديز حققا الألقاب التي أحرزها معه، إضافة إلى مونديال 2010 مع منتخب إسبانيا. لكنهما اكتفيا بالمركزين الثاني والثالث في الجائزة.

ناهيك عن الهولندي ويسلي شنايدر، الذي بلغ نهائي كأس العالم وكان هدافاً مشاركاً للبطولة، كما أحرز ثلاثية تاريخية مع إنتر ميلان بقيادة جوزيه مورينيو، بما في ذلك دوري أبطال أوروبا. ولم يشفع له ذلك بأكثر من المركز الرابع.

وفي الموسم الماضي، حطّم هالاند كل الأرقام القياسية الممكنة، وبدا كأنه خارج من أساطير الفايكينغ، مسجلاً 56 هدفاً في 57 مباراة، بما في ذلك 52 في 53 لقاءً مع مانشستر سيتي، محرزاً ثلاثية تاريخية مع ناديه.

لكنه حلّ ثانياً بعد ميسي ومُنح جائزة ترضية لرفع العتب.

روبرت ليفاندوفسكي

ميسي "أُهدي" الجائزة أيضاً عام 2021، على حساب البولندي روبرت ليفاندوفسكي، وكانت الذريعة آنذاك أنه أحرز أول ألقابه مع منتخب الأرجنتين، في كوبا أميركا.

في العام ذاته، رحل خائباً عن برشلونة وحقق موسمين عاديين مع باريس سان جيرمان، قبل انتقاله إلى إنتر ميامي، في ما يشبه اعتزالاً غير معلن.

جائزة الكرة الذهبية التي كان مشجعو كرة القدم ينتظرونها بتلهّف وشغف، كفّت منذ سنوات عن أن تكون مرجعاً في اللعبة، وفقدت قيمتها وصدقيتها وبريقها، وباتت مجرد أضحوكة وحفلة بروباغندا وعلاقات عامة، مثل نظيرتها التي يمنحها الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا".

كذلك فقد ميسي منذ فترة طويلة جداً صفته كلاعب خارق، لكن أنصاره يمتنعون عن الإقرار بذلك، وهو لا يزال ينال جوائز، تكرّم الأسطورة لا اللاعب.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات