موسوليني يهدّد منتخب إيطاليا في مونديال 1934: النصر أو الموت

time reading iconدقائق القراءة - 2
المنتخب الإيطالي يؤدي التحية الفاشية قبل نهائي كأس العالم 1934 في روما - 10 يونيو 1934
المنتخب الإيطالي يؤدي التحية الفاشية قبل نهائي كأس العالم 1934 في روما - 10 يونيو 1934
دبي- إيلي هيدموس

"النصر أو الموت". هذا كان شعار الزعيم الفاشي في إيطاليا بينيتو موسوليني، خلال كأس العالم لكرة القدم التي استضافتها بلاده عام 1934.

موسوليني لم يكن مشجّعاً للعبة، لكنه أدرك الشغف الذي تثيره وأهميتها في تحفيز مشاعر قومية، والإمكانات السياسية والدعائية التي يمكن أن تؤمّنها له.

وأشار المؤرّخ الإسباني كريستوبال فيلالوبوس إلى "أمثلة كثيرة على كيفية استخدام الأنظمة الديكتاتورية كرة القدم للترويج لمصالحها القاتمة"، معتبراً أن "موسوليني كان رائداً في الاستفادة من كرة القدم وحقق أكبر مقدار من النجاح، ويشهد على ذلك لقبان في كأس العالم"، في عامَي 1934 و1938.

النصر الإيطالي عام 1934 بدأت إرهاصاته خلال مونديال 1930، إذ أن فوز الأوروغواي باللقب دفع موسوليني إلى إرسال موفدين إيطاليين، أقنعوا اللاعب الأرجنتيني لويس مونتي بالتوقيع مع نادي يوفنتوس الإيطالي، بعدما عرضوا عليه راتباً شهرياً يبلغ 5 آلاف دولار، ومنزلاً وسيارة.

كان الهدف من ذلك منحه الجنسية الإيطالية بعد سنوات، مثل لاعبين آخرين قبل مونديال 1934، إذ انضمّ إلى مونتي مواطنوه أتيليو ديماريا وإنريكه غوايتا وريموندو أورسي، إضافة إلى البرازيلي أنفيلوجينو غوارسي، ممّا عزّز قوة المنتخب "الأزرق".

كانت هذه الخطوة لافتة، لتعارضها مع سياسات حكومة فاشية. لكن مدرّب المنتخب فيتوريو بوتسو دافع عن تجنيس لاعبين أجانب، قائلاً: "إذا كانوا يستطيعون الموت من أجل إيطاليا، فيمكنهم اللعب مع إيطاليا".

ودفع ذلك الأرجنتين إلى إرسال تشكيلة ضعيفة إلى مونديال 1934، خشية أن يستميل الإيطاليون لاعبين أرجنتينيين من أصل إيطالي، مثل مونتي والآخرين.

الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني خلال لقائه منتخب كرة القدم الإيطالي الفائز بكأس العالم - 1 يوليو 1938
الزعيم الفاشي بينيتو موسوليني خلال لقائه منتخب كرة القدم الإيطالي الفائز بكأس العالم - 1 يوليو 1938 - AFP

"معركة فلورنسا"

لدى تكليف بوتسو بتدريب المنتخب، قال له موسوليني: "عليك أن تفوز". وأجاب المدرب: "سنحاول ذلك، لا تقلق". فعلّق موسوليني: "أنت لم تفهمني: هذا أمر".

في السياق ذاته، خاطب موسوليني رئيس الاتحاد الإيطالي لكرة القدم، الجنرال جورجيو فاكارو، قائلاً: "لا أعلم كيف ستفعل ذلك، لكن إيطاليا يجب أن تفوز بهذه البطولة". أجابه فاكارو: "سنبذل قصارى جهدنا". وردّ الـ"دوتشي": "أنت لم تفهمني جيداً، يا جنرال... يجب أن تفوز إيطاليا بكأس العالم. هذا أمر".

في ربع النهائي، خاضت إيطاليا معركة ضارية مع إسبانيا، انتهت بالتعادل 1-1 بعد الوقتين الأصلي والإضافي. في اليوم التالي لعب المنتخبان مباراة فاصلة، لم يستطع المشاركة فيها 7 لاعبين إسبان و3 إيطاليين مُصابين. وحسم المنتخب المضيف المباراة، بهدف مثير للجدل سجّله جوزيبي مياتسا، بعد خطأ محتمل ضد حارس المرمى المنافس، وإلغاء هدفين للإسبان، الذي رفعوا شكوى ضد التحكيم.

الخشونة التي ميّزت تلك المباراة دفعت رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) آنذاك جول ريميه، إلى تسميتها "معركة فلورنسا". كما أن الشكوى من أداء الحكم السويسري رينيه ميرسيه، أدت إلى منعه من التحكيم مدى الحياة، سواء من "فيفا" أو الاتحاد السويسري للعبة.

"أنقذتَ حياتنا"

في نصف النهائي، واجه الإيطاليون منتخب النمسا، المرشّح للقب والذي كان يُعرف باسم "فريق العجائب"، بقيادة اللاعب الفذّ ماتياس سينديلار. فاز الإيطاليون 1-0، بهدف اعتبره النمساويون خطأً، رفض الحكم احتسابه.

المباراة أدارها الحكم السويدي إيفان إكليند، الذي تناول العشاء مع موسوليني بقصر الرئاسة في اليوم السابق، والذي أمره بـ"التعاون" بمقدار ما تسمح به قوانين اللعبة. والحكم ذاته سيدير نهائي المونديال بين إيطاليا وتشيكوسلوفاكيا، وسيؤدي التحية الفاشية لموسوليني قبل المباراة.

عشية النهائي، التقى موسوليني لاعبي المنتخب الإيطالي، قائلاً: "إذا لعب التشيكوسلوفاكيون بشكل عادل، فسنلعب بشكل عادل... ولكن إذا أرادوا اللعب بطريقة قذرة، فعلينا نحن الإيطاليين أن نلعب بطريقة قذرة". كذلك حذر اللاعبين الإيطاليين، بقوله: "حظاً سعيداً غداً، ولا تنسوا وعدي"، في إشارة إلى برقية أرسلها إلى بوتسو قبل أيام، وَرَدَ فيها "النصر أو الموت".

بعد التعادل السلبي في الشوط الأول من النهائي، دخل موسوليني غرفة تبديل الملابس وحذر المدرّب أمام لاعبيه، قائلاً: "أعانك الله إذا فشلت".

فاز المنتخب الإيطالي بالمباراة 2-1 في الوقت المحتسب بدل ضائع، بعدما سجّل التشيكوسلوفاكيون أولاً. وقدّم جول ريميه كأس العالم التي تحمل اسمه، إلى الكابتن الإيطالي حارس المرمى جانبييرو كومبي، كما قدّم موسوليني للاعبين "كأس الدوتشي"، ومنحهم "وسام الاستحقاق الرياضي" تقديراً لـ"خدماتهم للوطن". تلك الكأس كانت تزن 75 كيلوغراماً، ويزيد حجمها بست مرات عن كأس جول ريميه.

في اليوم التالي، استقبل موسوليني اللاعبين الإيطاليين، الذي ارتدوا الزيّ العسكري الفاشي.

وبعد عقود، عثر أقارب لحارس مرمى المنتخب التشيكوسلوفاكي فرانتيشيك بلانيكا، على ميدالية ذهبية بين ممتلكات منزل العائلة في براغ، إضافة إلى مذكرة من المهاجم الإيطالي أنجيلو سكيافيو، وَرَدَ فيها: "شكراً لك، أنقذتَ حياتنا".

تصنيفات

نستخدم في موقعنا ملف تعريف

نستخدم في موقعنا ملف تعريف الارتباط (كوكيز)، لعدة أسباب، منها تقديم ما يهمك من مواضيع، وكذلك تأمين سلامة الموقع والأمان فيه، منحكم تجربة قريبة على ما اعدتم عليه في مواقع التواصل الاجتماعي، وكذلك تحليل طريقة استخدام موقعنا من قبل المستخدمين والقراء.