رمضان صبحي.. قصة "ابن النادي" بين الأهلي وبيراميدز

time reading iconدقائق القراءة - 2
رمضان صبحي خلال مباراة بين الأهلي وأورلاندو بايرتس - Getty Images
رمضان صبحي خلال مباراة بين الأهلي وأورلاندو بايرتس - Getty Images
القاهرة-محمد فتحي

أصابت إدارة النادي الأهلي المصري خيبة أمل كبيرةٍ بعد تعثر مفاوضاتها مع رمضان صبحي لاعب هيدرسفيلد الإنجليزي، الذي فضل الانتقال إلى بيراميدز، أحد أبرز منافسي الأهلي المحليين، بداية من الموسم المقبل. 

وسبق لبيراميدز الحصول على توقيع الثنائي شريف إكرامي وأحمد فتحي من صفوف الأهلي بشكل مباشر، بالإضافة إلى عبدالله السعيد الذي رحل إلى الأهلي السعودي ثم عاد سريعًا إلى بيراميدز، ويتألق السعيد حاليًا ويتصدر ترتيب هدافي الدوري المصري برصيد 16 هدفًا. 

ويختلف انتقال صبحي إلى بيراميدز عن الثلاثي السابق، بسبب صغر سن اللاعب، حيث لم يتجاوز 23 عامًا في حين انتقل السعيد وإكرامي وفتحي إلى الفريق الثري في منتصف عقدهم الرابع، كما أن صبحي كان يُضرب به المثل خلال الأعوام الست الماضية، منذ تصعيده إلى الفريق الأول، كـ"رمزٍ للانتماء للنادي الأهلي والوفاء لقيمه ومبادئه" .

وتدرج صبحي أو ابن النادي كما كانت تلقبه جماهير الأهلي، في قطاع الناشئين بالقلعة الحمراء وشارك مع الفريق الأول وعمره 17 عامًا فقط. وانتقل في صيف 2016 إلى ستوك سيتي الإنجليزي، وبعد عامين، انتقل إلى هدرسفيلد لكنّه لم يستمر معه أكثر من ستة أشهر ليعود إلى الأهلي مجددًا على سبيل الإعارة لمدة ستة أشهر، قبل أن يجدد الأهلي الإعارة عامًا إضافيًا.

وخلال الأشهر الأخيرة، خاض الأهلي مفاوضات مكثفة مع النادي الإنجليزي انتهت بموافقة هدرسفيلد على عرض النادي المصري وبدلًا من إتمام الصفقة أعلن الأهلي بشكل مفاجئ تعثر المفاوضات، وخروج صبحي من حساباته لأن "اللاعب يرغب في الانتقال إلى بيراميدز".

وذكرت تقارير صحفية أن بيراميدز عرض على صبحي 80 مليون جنيهًا مصريًا خلال 3 سنوات، فيما لم يتخطَ عرض الأهلي المادي 50 مليونًا. 

مفاوضات في اتجاه واحد

بدأ الأهلي مفاوضاته مع هدرسفيلد خلال فترة التوقف الكروي بسبب تفشي فيروس كورونا المستجد. في البداية كان عرض النادي المصري بعيدًا عن مطالب النادي الإنجليزي الذي ضم اللاعب قبل عامين مقابل 5.7 مليون جنيه إسترليني، وبعد جولات من المفاوضات بدأ النادي المصري يقترب خطوة تلو الأخرى من هدفه.

حاول الأهلي حسم الصفقة مقابل 2.5 مليون جنيه إسترليني لكنّ هدرسفيلد تمسّك بالحصول على 3 ملايين و250 ألف جنيه إسترليني، ووافق الأهلي على هذا المبلغ في نهاية المطاف كما أعلن في بيان رسمي. 

مصدر مقرب من المفاوضات قال إن السبب الأساسي لأزمة رمضان يتمثل في تركيز الأهلي على إنجاح المفاوضات مع هدرسفيلد دون النظر إلى المطالب المادية للاعب الشاب، وقال المصدر لـ"الشرق" إدارة الأهلي بذلت جهدًا كبيرًا في المفاوضات مع النادي، لكنّها لم تبذل جهدًا مماثلًا مع رمضان، تعاملت مع استمراره في صفوف النادي على أنه من المسلّمات، وهو أمر خاطئ.

ويضيف: "وكيل اللاعب تحدث من قبل علانية عن وصول عروض من أندية مصرية للاعب بمبالغ ضخمة،  لكنّ إدارة الأهلي لم تنتبه إلى ذلك. تعاملت بحسن نيّة، وظنت أن رحيل صبحي إلى أي فريق منافس أقرب إلى المستحيل، خاصة بعد أن دفع الأهلي ما يقرب من 2.5 مليون جنيه إسترليني لاستعارة اللاعب لمدة 18 شهرًا فقط".

ووفقًا للمصدر ذاته، فإن بيراميدز بدأ الاتصالات مع وكيل اللاعب قبل أشهر، ولم يغلق اللاعب الشاب باب الانتقال إلى الفريق القاهري ولكنه قال إن الأولوية للاحتراف ثم للأهلي إذا تقدم بعرض مادي مناسب. 

وحاول رمضان عقب ذلك، خلال جلساته مع محمود الخطيب رئيس الأهلي وأمير توفيق مسؤول التعاقدات الوصول إلى أفضل مقابل مادي ممكن، في ظل ضعف عروض الاحتراف المقدمة إليه من الأندية الأوروبية، لكنّه لم يتحدث خلال تلك الجلسات عن مفاوضات بيراميدز، وأكد لإدارة الأهلي أن الأولوية ستكون لاستمراره داخل القلعة الحمراء إذا لم يحترف في أوروبا. 

مؤخرًا، بدأت إدارة بيراميدز جولة أخرى من المفاوضات مع اللاعب لكنها لم تتم عبر وكيله الرسمي نادر شوقي الذي يفضّل انتقاله إلى الأهلي، بل عبر وسيط آخر، وعرض الأخير على رمضان مبلغًا ماليًا ضخمًا للانتقال إلى بيراميدز، ورحب رمضان بالعرض لكنه طالب الوسيط ومسؤولي بيراميدز بالتمهل وعدم التقدم رسميًا بعرض لهدرسفيلد، ظنًا منه أن عرض الأهلي لن يرتقي لمطالب النادي الإنجليزي المادية. ويضيف المصدر: "رمضان كان حريصًا على علاقته بجماهير الأهلي. أراد أن يُصَوَر لهم أن انتقاله إلى بيراميدز جاء كأمر واقع أُجبر عليه بسبب ضعف المقابل المادي الذي عرضته إدارة النادي الأحمر، لكنه فوجئ بقدرة الأهلي على تخفيض مطالب هيدرسفيلد، وتوصل الطرفان إلى اتفاق، وهنا لم يكن أمامه سوى المماطلة أولًا بإبلاغ الأهلي بحاجته إلى وقت للتفكير في العروض الاحترافية، ثم إبلاغهم بعد ذلك بموافقته على عرض بيراميدز".

وحاول نادر شوقي وكيل اللاعب التدخل لإيقاف مفاوضات رمضان مع بيراميدز، وأحضر للاعب عرضًا من أحد أندية الدوري التركي لكنّ صبحي رفضه بسبب ضعف المقابل المادي.

تضحية وتجاهل

لم ينجح رمضان في فرض نفسه على التشكيل الأساسي لهدرسفيلد في موسم (2018-2019) حين كان الفريق ينافس في الدوري الإنجليزي الممتاز، قبل هبوطه إلى الدرجة الأولى، لذا كانت العودة إلى الأهلي بمنزلة فرصة أمام اللاعب لاستعادة تألقه من جديد. 

اتفق الأهلى على استعارة رمضان لمدة 6 أشهر، واتفق أيضًا ألا يتحمل هدرسفيلد شيئًا من راتب اللاعب المقدر بـ27 ألف جنيه إسترليني أسبوعيًا (1.4 مليون إسترليني سنويًا) خلال فترة الإعارة لكنّ النادي المصري في المقابل لم يكن بمقدوره دفع هذا الراتب الضخم، لذا اتفق مع صبحي على تخفيض راتبه. وخلال فترتي الإعارة مع الأهلي حصل اللاعب على ما يقرب من مليون دولار. 

وفي حديث تليفزيوني سابق، قال نادر شوقي وكيل اللاعب إن رمضان ضحّى بجزء كبير من راتبه للتواجد مع الأهلي، وإن إدارة النادي يجب أن تقدّر الأمر بصورة صحيحة خلال الفترة المقبلة، في إشارة إلى ضرورة تعويض اللاعب ماديًا إذا أراد الأهلي ضمه بصورة نهائية. ورغم ذلك، لم يرفع الأهلي عرضه لضم اللاعب واكتفى بمحاولة تعويضه بإعلانات تليفزيونية بمقابل مادي ضعيف. 

ووفقًا لمصادر قريبة من المفاوضات فإن رمضان لم يشعر بالتقدير المناسب معنويًا أو ماديًا، وهو الأمر نفسه الذي اشتكى منه لاعبون سابقون بالأهلي آخرهم أحمد فتحي الذي وقع على عقود الانضمام إلى بيراميدز، ومن المنتظر انضمامه إليه عقب نهاية الموسم الحالي.

أفكار قديمة.. وعصر جديد

"التوقيع على بياض".. لسنوات طويلة ترددت هذه الجملة داخل النادي الأهلي، في إشارة إلى قيام العديد من نجوم النادي بالتوقيع على عقودهم، مع ترك إدارة النادي تحدد التفاصيل المالية للتعاقد من رواتب ومكافآت إلى غير ذلك، في إشارة إلى ثقتهم المطلقة بالإدارة وفخرهم بالانضمام للبطل التقليدي للدوري المصري.

وخلال فترة التسعينيات والعقد الأول من القرن الحالي، كان بإمكان الأهلي الفوز بأغلب الصفقات التي يتنافس فيها مع غريمه الزمالك استنادًا إلى عاملين؛ قوته الشرائية وجماهيريته الطاغية. 

وفي السنوات الأخيرة تغيرت المعادلة، حيث اقتحم المشهد منافس ثري هو بيراميدز الذي رفع سقف التعاقدات والرواتب إلى حد لم يستطع الأهلي أو الزمالك الاقتراب منه، كمّا أن غياب الجماهير عن الملاعب أفقد الفريق الأحمر قدرًا كبيرًا من سطوته على المنافسين وعلى لاعبيه على حدٍ سواء. 

لذلك، لم ينجح الأهلي في مفاوضات التجديد مع أحمد فتحي الذي فضل الانتقال إلى بيراميدز، ولم ينجح من قبل في إقناع عبدالله السعيد بالبقاء بين صفوفه، حيث فضل اللاعب الانتقال إلى الزمالك، قبل التراجع عن قراره والانتقال إلى السعودية ثم الاستقرار في بيراميدز. 

وما زالت إدارة الأهلي رغم ذلك، متمسكة بأفكارها القديمة، حيث تعرض على لاعبيها عقودًا بقيمة مادية أقل استنادًا إلى جماهيرية الأهلي أو "قميص النادي" كما يقولون، كما اعتادت إدارة النادي التأخر في التفاوض مع اللاعبين، وكان آخرهم حسام عاشور قائد النادي، وأكثر لاعبي الأهلي عبر تاريخه خوضًا للمباريات بقميص الفريق الأحمر، الذي لم يفاتحه النادي في تجديد تعاقده، ولم يخبره بنبأ الاستغناء عن خدماته حتى نهاية التعاقد. 

وحاول الأهلي تجاوز هذه الأزمة مع رمضان فتحدث مع اللاعب مبكرًا لكنّه استند مجددًا إلى جماهيريته وإلى "انتماء اللاعب" فخسر الرهان. 

احتمالات أخرى

ورغم اتفاق بيراميدز مع رمضان على تفاصيل العقد، إلّا أن النادي الثريّ قد يواجه صعوبة في التفاوض مع هيدرسفيلد، إذ إن موافقة النادي الإنجليزي على تخفيض مطالبه المالية للأهلي كان من ضمن أسبابها حصوله على 2.4 مليون جنيه إسترليني من الفريق المصري لاستعارة اللاعب خلال الفترة الماضية، بالإضافة إلى تكفل النادي المصري براتبه طوال تلك الفترة دون تحمل هدرسفيلد أي أعباء مالية، لكن بعدما تعثرت مفاوضات الأهلي واللاعب، رفع النادي الإنجليزي مطالبه.

وقال مارك ديفلين المدير التنفيذي للنادي في تصريحات صحفية، أمس الخميس، إن بيراميدز تقدم مؤخرًا بعرض رسمي، وإن النادي رفضه بسبب ضعف المقابل المادي. وشدد ديفلين على أن ناديه "يرغب في الحصول على 7 ملايين جنيه إسترليني" مقابل الاستغناء عن اللاعب المصري الشاب. ولم يشر ديفلين إلى قيمة عرض بيراميدز. ومن المرجح أن تتجاوز قيمته حاجز الـ4 ملايين جنيه إسترليني. 

وكشف المدير التنفيذي للنادي الإنجليزي الذي ينافس حاليًا في الدرجة الأولى بإنجلترا عن وصول عروض أخرى للنادي لضم رمضان، وأن النادي سيفاضل بينها خلال المرحلة المقبلة لاختيار الأنسب. 

خلال ساعات يطير صبحي إلى هدرسفيلد للانتظام في تدريبات الفريق استعدادًا للموسم الجديد، وخلال أيام قليلة قد يعود، في الأغلب، حاملًا حقائبه إلى القاهرة مجددًا ولكن ليرتدي قميص بيراميدز بلونيه الأبيض والأزرق، بدلًا من قميص الأهلي الأحمر الذي اعتاده منذ الطفولة.