سام مرسي.. حين يسطع النور في آخر النفق

495 مباراة لعبها المصري سام مرسي في الدرجات الأدنى الإنجليزية، قبل أن يحصل على تذكرة اللعب مع الكبار.

قبل 4 أشهر من عيد ميلاده الـ33، حمل لاعبو إبسويتش تاون قائدهم المخضرم على الأعناق ضمن احتفالاتهم الصاخبة بالتأهل إلى الدوري الإنجليزي الممتاز للمرة الأولى منذ 22 عاماً، يوم السبت.

حقق سام، المولود في إنجلترا، حلمه الشخصي بالتواجد في المسابقة الأقوى في عالم كرة القدم، بعدما توقّع كثيرون أن تنتهي مسيرة اللاعب الذي شارك مع الفراعنة في مونديال 2018، دون أي مباراة في الدوري الممتاز.

رحلة طويلة في الظل

سامي سيد مكاوي سعيد مرسي هو الاسم الكامل للاعب المولود في العاشر من سبتمبر عام 1991 لأب مصري وأم إنجليزية.

مسيرته الكروية بدأت في عام 2008 مع نادي بورت فالي. وبعد فترة في قطاع الناشئين حصل سام على فرصة اللعب مع الفريق الأول في فبراير 2010 ضمن منافسات الليغ 2 (الدرجة الرابعة). 

لعب الموسمين التاليين أساسياً في فرقته، قبل أن ينتقل إلى تشيسترفيلد الذي قضى معه موسماً في الليغ 2 قبل الصعود إلى الليغ 1 (الدرجة الثالثة) واختير في موسم الصعود أفضل لاعب في الفريق.

موسم واحد في الدرجة الثالثة كان كافياً بلفت الأنظار للاعب الوسط المدافع الذي يقدم بين الحين والآخر إضافات هجومية مميزة. كاد تشيسترفيلد يحقق المعجزة بالصعود إلى التشامبيونشيب (الدرجة الثانية) في هذا الموسم لكنّ الفريق أخفق في جولات تحديد الصاعدين.

بعد 6 أشهر، نجح ويغان أتلتيك في ضم المصري إلى صفوفه في يناير 2015 بعدما باءت محاولته الأولى في الصيف بالفشل حيث رفض تشيسترفيلد عرضاً بقيمة 400 ألف جنيه إسترليني لبيع اللاعب. 

حين أخفق ويغان في الصعود إلى التشامبيونشيب، مدّ نادي بارنسلي يده لانتشال المصري الذي تجاوز الخامسة والعشرين من عمره، ليظهر للمرة الأولى في الدرجة الثانية على سبيل الإعارة لمدة موسم واحد.

وبعد نهاية الموسم، كان ويغان قد صعد للمسابقة نفسها ليعود مرسي إلى صفوفه ويكمل مسيرته في الدرجة الإنجليزية الثانية. 

83 مباراة شارك فيها لاعب الارتكاز المصري مع ويغان في التشامبيونشيب، حظى خلالها باستدعاء للمنتخب المصري الأول مع المدرب هيكتور كوبر، الذي أدرج اللاعب في قائمة مصر بمونديال روسيا، ومنحه شرف اللعب في مباراة أوروغواي منذ مطلع الشوط الثاني. 

خاض مرسي تجربة أخرى في التشامبيونشيب مع نادي ميدلزبروه الذي لعب له من قبل المصريين أحمد حسام "ميدو" ومحمد شوقي.

خطوة للخلف.. وخطوتان للأمام

في خطوة مفاجئة، قرر مرسي العودة إلى الدرجة الثالثة (لييغ 1) مطلع موسم 2021-2022 مع فريق إبسويتش تاون الذي كان يقوده حينها المدرب باول كوك الذي درّب مرسي مرتين سابقاً.

العودة للوراء كانت بمثابة إعلان نهاية حلم اللعب في البريميرليغ لصاحب الـ30 عاماً.

بعد شهرين من انضمامه للفريق، منح إبسويتش لاعبه المصري شارة القيادة ليبدأ رحلة مثيرة مع الفريق العريق. 

كان لافتاً أن مرسي المشهور بتدخلاته القوية ونزعته الدفاعية زادت فاعليته الهجومية بشكل واضح. سجل 7 أهداف وقدم 11 تمريرة حاسمة في موسمين قضاهما الفريق بالدرجة الثالثة قبل الصعود إلى التشامبيونشيب. 

في موسم 2022-2023 حصد إبسويتش 98 نقطة وسجل 100 هدف في "إنجاز لا يُصدق" على حد وصف سام الذي اختير في فريق الموسم. 

لم يكن إبسويتش من بين المرشحين للمنافسة على صدارة التشامبيونشيب بالنظر إلى كونه صاعد حديثاً للمسابقة لكنّ المعجزة حدثت في نهاية المطاف. 

تسلل الفريق بهدوء إلى القمة ولم يتزحزح عنها. وحجز بطاقة التأهل المباشرة إلى البريمرليغ بعدما جاء في المركز الثاني برصيد 96 نقطة خلف البطل ليستر سيتي الذي تفوق عليه بنقطة واحدة.

في رحلة الصعود من دوري البطولة الإنجليزية، المسمى الحديث للدرجة الثانية الإنجليزية، كان القائد سام حاضراً وبقوة. 

شارك في 42 مباراة من 46 لعبها الفريق بالمسابقة. سجل هدفين وصنع 7 من بينها هدف في مباراة الجولة الأخيرة الحاسمة أمام هدرسفيلد تاون. 

حمل لاعبو الفريق قائدهم المخضرم على الأعناق بعد التتويج وطافوا به أرض الملعب في مشهدٍ توقع كثيرون أن تنتهي مسيرة مرسي دون أن يتحقق.

لم ييأس مرسي. أبصر نوراً في آخر النفق وظلّ يُلاحقه 14 عاماً حتى تجاوز الظلام.

بات صاحب الـ33 عاماً ثاني لاعب مصري يصعد مع فريقه إلى الدوري الإنجليزي الممتاز بعد أحمد المحمدي مع هال سيتي. 

وإذا استمر مع إبسويتش وحمل شارة القيادة الموسم المقبل، سيكون أول مصري وعربي يقود فريقاً بالدوري الإنجليزي الممتاز.