مونديال كوريا واليابان 2002... الرياضة تجمع ما تفرّقه السياسة

time reading iconدقائق القراءة - 2
نائب رئيس الفيفا تشونغ مونغ جون (يسار) يسلّم شعار مونديال 2002 لتشوي تشانغ شين، سكرتير اللجنة الكورية المنظمة للحدث - AFP
نائب رئيس الفيفا تشونغ مونغ جون (يسار) يسلّم شعار مونديال 2002 لتشوي تشانغ شين، سكرتير اللجنة الكورية المنظمة للحدث - AFP
دبي- إيلي هيدموس

تُعتبر كأس العالم في قطر الثانية التي تشهدها آسيا، بعد مونديال كوريا الجنوبية واليابان عام 2002، والذي كان الأول الذي تنظّمه دولتان، وجمع بلدين تفرّقهما خلافات تاريخية.

في مايو 1996، أعلن رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) جواو هافيلانج أن اللجنة التنفيذية للاتحاد وافقت بالإجماع على اختيار اليابان وكوريا الجنوبية لاستضافة نهائيات كأس العالم 2002.

جاء هذا التحوّل الدراماتيكي بعدما أبلغ الاتحاد الياباني لكرة القدم هافيلانج موافقته على الأمر، إثر رفضه ذلك بشدة سابقاً. وكانت طوكيو المرشّحة لتنظيم البطولة، لكنها واجهت منافسة شديدة من سيول، فاقترح الأعضاء الأوروبيون في اللجنة التنفيذية أن يتشارك البلدان استضافة الحدث.

واعتبر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (ويفا) أن العرضين ممتازان من الناحية الفنية، لكن هافيلانج قاوم تغيير قاعدة الدولة المستضيفة الوحيدة، قبل تنحّيه عن منصبه.

"تاريخ طويل من الكراهية"

واعتبر الرئيس الكوري الجنوبي آنذاك، كيم يونغ سام، أن التنظيم المشترك للمونديال "سيشكّل فرصة لتعزيز العلاقات الثنائية الودية مع اليابان".

لكن ذلك ليس سهلاً، إذ أن العلاقات شائكة بين الدولتين، نتيجة الاستعمار العسكري الياباني لشبه الجزيرة الكورية (1910-1945)، والذي لا تزال تداعياته تسمّم روابطهما، رغم أنهما حليفان للولايات المتحدة في آسيا.

وأشار لين بيونغ تايك، الناطق باسم اللجنة المنظمة لكأس العالم في كوريا الجنوبية، إلى أن لدى سيول وطوكيو "تاريخاً طويلاً من الكراهية والتنافس"، مضيفاً: "هذا لن يصلح العلاقات بنسبة 100%، (لكنه) يمكن أن يشكّل زخماً لعلاقات أكثر ودية".

أما سيباستيان موفيت، مُعدّ كتاب "القواعد اليابانية" عن كرة القدم في اليابان، فلفت إلى أن "اليابانيين لا يهتمون بكوريا الجنوبية"، وتابع: "فكرة أن كأس العالم ستُصلح العلاقات بين اليابان وكوريا الجنوبية، هي خيال طرحها الساسة".

رئيس الفيفا جواو هافيلانج (وسط) ونائبه لينارت يوهانسون ورئيس الاتحاد الياباني لكرة القدم كين ناغانوما - 24 نوفمبر 1997
رئيس الفيفا جواو هافيلانج (وسط) ونائبه لينارت يوهانسون ورئيس الاتحاد الياباني لكرة القدم كين ناغانوما - 24 نوفمبر 1997 - AFP

"أسوأ سيناريو"

أراد هافيلانج اختيار اليابان، بعد نجاح كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة، لكنه لم يُدرك وقع ذلك على سيول، التي تحرّكت بقوة في أروقة "فيفا" عبر رئيس الاتحاد الكوري الجنوبي لكرة القدم تشونغ مونغ جون، وكان عضواً في اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي للعبة، كما أنه سليل عائلة نافذة تمتلك مجموعة "هيونداي" العملاقة.

واعتبر كثيرون في كوريا الجنوبية أن تنظيم المونديال من حقهم، إذ كانت أفضل مستوى بكثير كروياً من اليابان، وشاركت في نهائيات كأس العالم أعوام 1954 و1986 و1990 و1994. في المقابل، افتقر اليابانيون إلى إرث كروي، ولم يؤسّسوا دوري المحترفين سوى في عام 1993، لكنهم شكوا من أن "فيفا" أرغمتهم على التنظيم المشترك مع كوريا الجنوبية.

ووصف كينجي موري، العضو المنتدب آنذاك للدوري الياباني، الأمر بـ"أسوأ سيناريو"، فيما تحدث كيم غا يونغ، المسؤول في لجنة الترشيح الكورية الجنوبية لتنظيم المونديال، عن "نصر لنا وخسارة لليابان"، لافتاً إلى أن "اليابانيين قبلوا بذلك في اللحظة الأخيرة".

خلاف بشأن اسم البطولة

هذا العداء والتنافر حوّل كل مسألة صغيرة إلى ساحة معركة بين البلدين، لا سيّما بشأن الاسم الرسمي للبطولة. بموجب الترتيب الأبجدي باللغة الإنجليزية، أرادت اليابان اعتماد تسمية "كأس العالم اليابان وكوريا". لكن كوريا الجنوبية أصرّت على اتباع الأبجدية الفرنسية، بما يتماشى مع الجذور الفرنسية لـ"فيفا"، ممّا يضع اسمها قبل ذاك لليابان.

في نهاية الأمر، أبرم الطرفان تسوية، اعتمدت تسمية "كوريا-اليابان"، كما نُظمت المباراة الافتتاحية للبطولة في كوريا الجنوبية، والنهائية في اليابان.

"تأجيج مشاعر قومية كورية"

اتضحت العلاقة بين السياسة وكرة القدم للمرة الأولى في كوريا الجنوبية، خلال عهد الرئيس السابق سينغمان ري (1948-1960)، المعادي لليابان، إذ رفض السماح لمنتخبها بدخول كوريا الجنوبية، من أجل خوض مباراة في إطار تصفيات مونديال سويسرا 1954. فأُقيمت المباراتان في اليابان، وتفيد روايات بأن الرئيس "نصح" لاعبيه بأن يعودوا منتصرين، وإذا لم يحدث ذلك أن "يُغرقوا أنفسهم في البحر الشرقي". واعتُبر اللاعبون أبطالاً قوميين، بعد فوزهم 5-1 في المباراة الأولى وتعادلهم 2-2 في الثانية.

بعد بلوغ المنتخب الكوري الجنوبي نصف نهائي مونديال 2002، "تأجّجت بشكل مفاجئ (المشاعر) القومية الكورية"، كما أن المدرب الهولندي للمنتخب غوس هيدينك نال الجنسية الفخرية لكوريا الجنوبية، كما قال الدكتور جونغ وو لي، وهو محاضر كوري في سياسة الرياضة والترفيه. وأشار إلى أن "الأداء الرائع للفريق الكوري... عزّز ثقة الشعب الكوري وجعله فخوراً بأمّته مجدداً".

تصنيفات