كيف تؤثر الحرارة والرطوبة على اللاعبين في كوت ديفوار؟

time reading iconدقائق القراءة - 2
سفيان أمرابط لاعب منتخب المغرب بعد انتهاء المواجهة أمام الكونغو الديموقراطية - 21 يناير 2024 - AFP
سفيان أمرابط لاعب منتخب المغرب بعد انتهاء المواجهة أمام الكونغو الديموقراطية - 21 يناير 2024 - AFP
أنس عياش - الرباط-الشرق

تشهد كوت ديفوار حيث تقام منافسات كأس الأمم الإفريقية، درجات حرارة مرتفعة مع رطوبة عالية، تؤثر على أداء اللاعبين، وتثير تشنجات تطورت أحياناً إلى مناوشات بين اللاعبين أو مع الحكام.

يرى خبراء في المجال الصحي أن الحرارة الرطبة تخلف أضراراً بالجملة على الصحة والأداء الرياضي وتؤثر على الحالة الذهنية للاعبين، وتدخل في حالة التهيج والغضب.

حرارة قاتلة

خلال المباراة التي جمعت بين المنتخب المغربي والكونغو الديمقراطية الأحد 21 يناير، على سبيل المثال، كانت درجة الحرارة تتراوح بين 31 و32 درجة، لكن الشعور بها يصل إلى 39 درجة، في ظل نسبة رطوبة تتجاوز 70%.

جانب من اشتباكات لاعبي المغرب والكونغو الديمقراطية في كأس أمم إفريقيا - 21 يناير 2024
جانب من اشتباكات لاعبي المغرب والكونغو الديمقراطية في كأس أمم إفريقيا - 21 يناير 2024 - AFP

يقول الدكتور الطيب حمضي، الخبير في النظم الصحية، إن الحرارة "تصبح قاتلة" في 35 درجة مئوية عندما يكون الهواء مشبعاً بالرطوبة، مؤكداً أن للرطوبة العالية آثاراً خطيرة على الصحة، يمكن أن تكون قاتلة بالنسبة للرياضيين الذين يدخلون المسابقات، وكذلك للجمهور غير المعتاد على هذا المناخ، دون الإلمام بشروط الوقاية.

في مقابلة مع "الشرق" أوضح الدكتور حمضي أن قياس درجة الحرارة بـ"المحرار الرطب" الذي يقيس درجة الحرارة عن طريق ربطها بالرطوبة، أثبت من خلال الدراسات العلمية أن الحرارة تصبح قاتلة عند 35 درجة مئوية، في ظل هواء مشبع بالرطوبة بشكل تام (100%). بالتالي فإن الحرارة في المناطق التي ترتفع فيها نسبة الرطوبة تصبح مضاعفة كلما ارتفعت نسبة الرطوبة. إذ يمكن البقاء على قيد الحياة في درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية في الهواء الجاف، لكن الحرارة تصبح قاتلة في 35 درجة مئوية عندما يكون الهواء مشبعاً بالرطوبة.

تضاعف العياء

تؤثر الحرارة الرطبة سلباً على أداء الرياضيين، وتؤدي إلى إضعاف أدائهم الحركي والذهني، وتحدث تغييراً في حالتهم الذهنية ومهام الإدراك واتخاذ القرار.

كأس أمم إفريقيا - مباراة تونس وجنوب إفريقيا - 24 يناير 2024
كأس أمم إفريقيا - مباراة تونس وجنوب إفريقيا - 24 يناير 2024 - REUTERS

في دراسة علمية أجريت على مجموعة من الدراجين المتسابقين، يقول الدكتور حمضي إن النتائج أظهرت تضاعف العياء كلما ارتفعت وتراجع قدرة المتسابقين على التحمل كلما ارتفعت نسبة الرطوبة.

في حرارة مستقرة عند 30 درجة، مع نسبة رطوبة تصل 23%، شعر اللاعبون بالعياء في 12 دقيقة، ومع ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 50% شعروا بالعياء بعد 8 دقائق. ومع ارتفاع نسبة الرطوبة إلى 70% لم يستطع المتسابقون التحمل أكثر من 6 دقائق.

تسبب الحرارة المرتفعة في العادة الجفاف وضربة الشمس، لكن الرطوبة العالية تجعل آثار الحرارة أسوأ بكثير، حيث يصبح الهواء غير قابل للتنفس.

يقول الخبير في النظم الصحية إن ضربة الشمس أو ارتفاع حرارة الجسم يحدث عندما لا يستطيع جسمنا تبديد الحرارة ويفشل التبريد الذاتي. عندها تبدأ درجة حرارة الجسم في الارتفاع، مما يؤثر على جميع وظائف الجسم.

يعد التعرق من بين أقوى الطرق لتبريد جسم الإنسان، لكن الرطوبة، وهي الهواء المشبع بالماء، تمنع تبخر العرق وبالتالي تمنع تبريد جسم الإنسان.

كيف يؤثر ذلك على قدرات اللاعبين؟

يشتغل جسم الإنسان بشكل طبيعي في درجة حرارة عند 37 درجة، لذا عندما يصاب الإنسان بالحمى وارتفاع درجات الحرارة يبدأ في المعاناة وقد يصل إلى الهذيان، لذلك عندما ترتفع الحرارة والرطوبة يعمد الجسم إلى توجيه قدراته نحو الأعضاء الأساسية لمواجهة خطر الموت.

محمد صلاح قائد منتخب مصر بعد إصابته أمام غانا في كأس أمم إفريقيا - 18 يناير 2024
محمد صلاح قائد منتخب مصر بعد إصابته أمام غانا في كأس أمم إفريقيا - 18 يناير 2024 - AFP

يوضح الدكتور حمضي أن الجسم في هذه الحالة يعمل على خفض ضخ الدم والأوكسجين نحو بعض الأعضاء التي يعتبرها غير أساسية مثل العضلات وغيرها، فيرفع دقات القلب وإيقاع التنفس، ما يؤدي لتراجع عدد من وظائف الجسم.

يصبح الجسم مرهقاً وتظهر أعراض مثل التشنج، تعب غير عادي، صداع، غثيان، عطش شديد، مشاكل انتباه، ارتعاش، مشاكل في التوازن وفقدان التركيز. لذا قد نلاحظ أن الشخص المصاب بارتفاع الحرارة يصبح تدريجياً سريع الانفعال، مرتبكاً، عدوانياً.

أشار الدكتور حمضي إلى أن بعض هذه الأعراض تمت ملاحظتها على اللاعبين في عدد من المباريات التي شهدتها البطولة، من قبيل اتخاذ قرارات خاطئة، ضربات كرة ضعيفة، أو غير موجهة بشكل صحيح، نتيجة القصور الحاصل في الوظائف الحسية المسؤولة عن التقييم واتخاذ القرارات.

ما الذي ينبغي فعله؟

ينصح الدكتور حمضي، خبير النظم الصحية بتجنب المسابقات الرياضية خلال فترات الحرارة والرطوبة العالية، خاصة في حالة عدم وجود رياح، تعمل عادة كعنصر ملطف في حال هبوبها. ويقدم عدداً من النصائح للاعبين وكذلك الجماهير.

بالنسبة للرياضيين ينصح الدكتور حمضي باتباع ما يسمى بـ"التبريد المسبق" وكذلك خلال وبعد المنافسات.

  • يعزز تبريد الجسم قبل المنافسة القدرة على التحمل.
  • يساعد أثناء المنافسة على الاستمرار.
  • يساهم بعد المنافسة في التعافي ويعزز القدرة على الاستئناف.

ويتم استخدام العديد من التقنيات للتبريد المسبق، من خلال سترات التبريد، الاستحمام البارد، غرف التبريد، مسبح التبريد، مروحة التبريد، والخيام المحمولة المكيفة.

أما بالنسبة للجماهير، فينصح الدكتور حمضي بـ:

  • شرب الماء بانتظام، وتجنب المشروبات السكرية والشاي والقهوة.
  • تناول الطعام في وجبات صغيرة مقسمة خصوصا الخضار والفواكه.
  • تبليل الجسم والملابس عدة مرات.
  • اختيار أماكن الظل واستخدام مراوح.
  • ارتداء ملابس خفيفة وفاتحة اللون، مع قبعة ونظارات شمسية.
  • تجنب المجهود البدني.

ودعا الدكتور حمضي الهيئات المشرفة على التظاهرات الرياضية إلى اختيار الوقت المناسب لتنظيم المنافسات، وتوفير الأماكن المظللة وأجواء الترطيب في المدرجات.

وأوصى الخبير في النظم الصحية بضرورة "تفهم" ما قد يصدر عن اللاعبين، وما يحدث من مناوشات بينهم وبين الحكام في ظل هذه الظروف وما ينتج عنها من "استثارة" بسبب ارتفاع درجة الحرارة.

وتعد "الحرارة الرطبة" إحدى المشكلات الناتجة عن التغيرات المناخية التي تهدد البشرية، إذ هناك مناطق في العالم ستصبح غير قابلة للحياة في أفق 2050، بسبب ارتفاع درجات الحرارة والرطوبة.

تصنيفات