كريستيانو رونالدو ضحية لكبريائه وأخطائه... ومعسكره

time reading iconدقائق القراءة - 2
كريستيانو رونالدو بعد خسارة البرتغال أمام المغرب - 10 ديسمبر 2022 - Reuters
كريستيانو رونالدو بعد خسارة البرتغال أمام المغرب - 10 ديسمبر 2022 - Reuters
دبي-إيلي هيدموس

الدموع التي ذرفها كريستيانو رونالدو كانت مؤلمة، إذ تُجسّد نهاية حقبة في تاريخ كرة القدم، بعد هزيمة البرتغال أمام المغرب في ربع نهائي كأس العالم.

لرونالدو مريدوه وخصومه، لكن التشكيك بكونه واحداً من أساطير كرة القدم، ليس سوى نزعة فئوية لا تميّز بين تشجيع منتخب أو نادٍ، والإقرار بعظمة لاعب أياً يكن.

المشكلة أن رونالدو ربما لا يزال يعتبر نفسه الأفضل في العالم، أو من الأفضل، ولا يحتاج المرء لأن يكون عبقرياً مثل ألبرت أينشتاين، ليدرك أن كريستيانو في خريف مسيرته، إن لم يكن في شتائها.

إذا استعدنا مباريات البرتغال في الآونة الأخيرة، نرصد بسهولة أن مستوى رونالدو لا يؤهله لأن يكون أساسياً في المنتخب، وأن عليه إتاحة المجال للاعبين آخرين، كي يجدوا حيّزهم الخاص في الفريق ويبنوا مسيرتهم الكروية، كما فعل كريستيانو عام 2003 على حساب لاعبين آخرين.

لكن اعتداد رونالدو بنفسه، وأناه المتضخّمة، يمنعانه من إدراك أن حقبته في المنتخب انتهت، أقلّه بوصفه لاعباً أساسياً، وأن مكانته في الأندية لم تعُد كما كانت قبل سنوات.

جورجي منديش

لعلّ أسوأ ما يحصل مع رونالدو، أن معسكره الذي يُفترض أن ينبّهه إلى مسائل تفوته، أو يأبى عن الإقرار بوجودها، يؤدي دوراً معاكساً تماماً، إذ لا يكفّ عن تأجيج غضبه ويمتنع عن إطلاعه على الواقع كما هو، لا كما يتخيّله اللاعب.

وهنا يبرز دور وكيل أعمال كريستيانو، جورجي منديش، الذي قد يتحمّل المسؤولية الأساسية في ما آلت إليه أحوال اللاعب في السنوات الأخيرة، منذ رحيله عن ريال مدريد وانضمامه إلى يوفنتوس، وصولاً إلى عودته لمانشستر يونايتد، بعدما أوشك على التوقيع لغريمه مانشستر سيتي.

هذه القرارات الخاطئة قوّضت مسيرة رونالدو، وسبّبت اضطرابها، في مرحلة كان يحتاج فيها إلى استقرار كروي يواكب نهاية رحلته مع الكرة، لا سيّما أنه سيبلغ 38 عاماً في فبراير المقبل.

تحدي ريال مدريد

لكن كريستيانو، بدفع من منديش، اعتقد بأنه يستطيع أن يتعامل مع ريال مدريد ورئيسه فلورنتينو بيريز، كما كان يفعل الأرجنتيني ليونيل ميسي مع برشلونة ورئيسه السابق جوسيب ماريا بارتوميو.

تناسى رونالدو أن بيريز ليس بارتوميو، إذ أنه لن يسمح لأحد بأن يعتقد بأنه أكبر من النادي، محاولاً فرض شروطه عليه. وكرّر فلورنتينو الأمر ذاته لاحقاً مع أسطورة أخرى في النادي، سيرخيو راموس، حين حاول ابتزازه.

رونالدو وراموس ربما لا يعلمان أن الرئيس الأسطوري لريال مدريد، سانتياغو برنابيو، طرد الأرجنتيني ألفريدو دي ستيفانو، أيقونة النادي وباني أمجاده في الملعب، عام 1964، بعدما خيّره بينه وبين المدرب آنذاك ميغيل مونيوز.

وفي يوفنتوس، اعتقد كريستيانو بأنه سيكرّر إنجازاته مع ريال مدريد في دوري أبطال أوروبا، متجاهلاً أن نجوماً آخرين في النادي الأبيض، ساهموا معه في إحراز تلك الألقاب، لن يرافقوه في الفريق الإيطالي، الذي ضمّ تشكيلة جلّها من اللاعبين المخضرمين، ولا يزال يحتاج إلى تغيير جلده.

أما عودته إلى يونايتد، فلم تكن عن اقتناع، والدليل أنه تفاوض مع سيتي، واحتاج إلى اتصال هاتفي من المدرب الأسطوري للنادي، السير أليكس فرغيسون، لردعه عن ارتكاب خطأ جسيم. لكن تلك العودة لم تكن سوى "زواج مصلحة"، إذ أن كريستيانو أراد الرحيل عن يوفنتوس بأي ثمن، كما أن يونايتد اعتقد بأنه يستعيد "مجداً ضائعاً".

البرتغال وكأس العالم

أرقام رونالدو تتحدث عنه، وقد يمرّ وقت طويل قبل تحطيمها، كما أنه مثال يُحتذى في الحفاظ على لياقته البدنية، علماً أن ذلك لا يجنّبه تجنّياً مُستغرباً من شريحة واسعة.

تُرى، لو فعل كريستيانو ما فعله ميسي في "حربه" ضد منتخب هولندا، ماذا كان سيقول أولئك الذي لا يرون عيباً في النجم الأرجنتيني؟

كما أن منتقديه وأولئك الذين يتفنّنون في محاولة تقويض مكانته بوصفه لاعباً تاريخياً قد لا يتكرّر، ربما لا يدركون أن منتخب البرتغال، الذي شارك في نهائيات كأس العالم للمرة السادسة على التوالي، خمس منها مع كريستيانو، لم يتأهل في تاريخه إلى البطولة سوى مرتين قبل رونالدو، عام 1966 خلال حقبة اللاعب الأسطوري أوزيبيو، وعام 1986. كذلك قاد المنتخب للفوز بأول لقب بارز له، في كأس الأمم الأوروبية عام 2016.

يمكن الاستنتاج أن كريستيانو ساهم في وضع منتخب البرتغال على "خريطة" كرة القدم في العالم، إن لم يكن القوة الدافعة لذلك.

لكن هذا الأمر لا يحجب أن على رونالدو أن يتخذ قراراً واعياً بشأن مستقبله، يتجاوز كبرياءه الشخصي، بما لا يبدّد إرثه التاريخي في اللعبة.

هل "قتل" مدرب المنتخب فرناندو سانتوس رونالدو، كما قالت شقيقة الأخير إلما؟ بالطبع لا. وهل صحيح أنه بات "رجل الأمس"، كما كتب آدم كرافتون في موقع "ذي أثلتيك"؟ ربما، لكن اسم رونالدو "محفور بالفعل في تاريخ" كرة القدم، كما كتب دان شيلدون ولوري ويتويل في الموقع ذاته.

وذكّرا بتسجيله 24 هدفاً مع مانشستر يونايتد الموسم الماضي، 18 منها في الدوري الإنجليزي و6 في دوري أبطال أوروبا، وبأنه يحمل الرقم القياسي في الأهداف المسجلة مع المنتخبات، 118 في 196 مباراة.

اقرأ أيضاً:

تصنيفات