أثار المنتخب والأندية السودانية الكثير من "علامات الاستفهام" مؤخراً، بسبب النتائج المتواضعة والمستويات التي ظهرت بها الكرة السودانية.
المستويات وُصفت بغير المسبوقة خلال العام 2024، خاصة بالنسبة لـ"صقور الجديان"، حيث كان المنتخب السوداني الأوفر حظاً في مجموعته التي تضم السنغال، والكونغو الديمقراطية، وجنوب السودان، وتوغو، وموريتانيا، في التأهل لنهائيات كأس العالم.
وتأهل بالفعل إلى نهائيات إفريقيا للمحليين "شان"، ونهائيات إفريقيا في المغرب "كان"، بعد مستويات رائعة قدمها أمام غانا والسنغال في بادئ الأمر، بل والحق في "شان" هزيمة تاريخية بنيجيريا برباعية.
لكن أداء المنتخب السوداني تراجع كثيراً، ولحقت به هزائم متتالية من السنغال والكونغو الديمقراطية، وقبلهما، تعادل مع جنوب السودان، ليخرج من تصفيات المونديال خالي الوفاق.
ولم يكن حال الأندية أفضل حالاً، فالمريخ الذي لطالما كان فريقاً مرعباً لكبار القارة الإفريقية، خرج من الأدوار التمهيدية لبطولة الأندية الإفريقية الأبطال، وكذا الزمالة أم روابة والأهلي ود مدني، من كأس الاتحاد الإفريقي، فيما بقي الهلال يصارع وحيداً في البطولات القارية، إنما بشك يحيط بأدائه أيضاً بعد خروجه صفر اليدين من بطولة شرق ووسط إفريقيا للأندية "سيكافا"، هذا بعد تألق لافت في إفريقيا، العامين الماضيين.
هذه المحصلة الصفرية للكرة السودانية طرحت أسئلة عدة بشأن "التفاوت" في المستويات والنتائج، والمسؤولية عن الخسائر، بعيداً عن الحرب التي تلقي ظلالها على النشاط الرياضي.
فالمنتخب السوداني، رعته السعودية ووفرت له معسكراً إعدادياً في الطائف، والهلال والمريخ، شاركا في الدوري الموريتاني الموسم الماضي.
اتحاد الكرة: لسنا مسؤولين عن التقهقر
قال مساعد رئيس الاتحاد السوداني لكرة القدم، محمد سيد أحمد "الجكومي" لـ"الشرق"، إن اتحاده لا يتحمل مسؤولية الإخفاقات، راداً أسبابها إلى غياب الأكاديميات التي تعنى باللاعبين، وتؤهلهم من المراحل السنية إلى الناشئين ثم الشباب فالأندية والمنتخب.
علاوة على شح الإمكانات المالية لدرجة أن "المنافسة مقتصرة فقط على الهلال والمريخ"، مشيراً إلى أن الإنفاق في الأندية يقع غالباً على عاتق رئيس النادي وعضوين أو ثلاثة، وبالتالي "فإن النادي يكون قلعة خاصة به وبحاشيته، يديره كيفما شاء".
ولفت الجكومي إلى أن الاتحاد لا يملك موارد، في مقابل إحجام الدولة على الصرف على قطاع الرياضية. وكشف عن مقترحات تقدم بها الاتحاد لدعم أندية الممتاز، والأندية التي تشارك في منافسات قارية.
وقال إن الدولة ساهمت، في ظل الحرب، بالطيران ودفع رواتب المدرب الأجنبي للمنتخب الأول، لكنها مسائل "قائمة على العلاقات الشخصية حيث لا توجد رؤية للدولة تجاه هذا القطاع".
ولفت إلى أن اتحاده نجح مع المنتخب في الوصول إلى نهائيات "كان" و"شان" والمنافسة على مقعد لنهائيات المونديال، رغم توقف الدوريات السودانية.
وأوضح أن معظم الأندية تلجأ لجلب محترفين، وتقوم بتجنيس بعضهم ما أضعف وجود السودانيين في الملاعب، بل وأضعف مستويات حراس المرمى لدرجة لم يبرز أي لاعب، خلال السنوات الماضية سوى حارس الهلال الحالي والمنتخب، محمد المصطفى، مطالباً بتجريم التعاقد مع حراس مرمى أجانب.
كواسي أبياه يشكو
من ناحيته، شكا المدير الفني لـ"صقور الجديان"، الغاني، كواسي أبياه، لـ"الشرق" من "الكثير من المشكلات المالية منذ قرابة عام لا أريد الخوض في تفاصيلها حاليا"، مشيراً إلى أن جهازه الفني ولاعبيه "يقدمون تضحيات عظيمة". وعبّر عن حزنه كونه لا يحصل شخصيا على التقدير الملائم لما بذله مع المنتخب.
وقال لـ"الشرق" إن المنتخب عسكر في الطائف بالسعودية قبل انطلاق تصفيات المونديال وإفريقيا في ظل توقف المنافسات في الداخل، لكنه تجمع قبل 3 أيام فقط لمباريات السنغال وتوغو وموريتانيا وبطولة "الشان"، لافتاً إلى غيابات مؤثرة بداعي الإصابة حرمت المنتخب من جهود محمد المصطفى ومصطفى كرشوم ورمضان عجب وعبد الرحمن كوكو و"التش" وأبو عاقلة عبد الله، ومشدداً أنه "يصعب تعويض الغيابات، نظرا لتوقف المنافسات في الداخل".
وبدا أبياه فخوراً بإنجازاته متحدثاً عن عامين قضاهما معه، وقاده خلالهما للتأهل لنهائي "الكان" ونصف نهائي "الشان". وقال: "فعلت ما بوسعي في ظل ظروف معقدة وصعبة لجعل السودان ثالثاً في مجموعته في تصفيات المونديال، وسألتزم بكل ما يقرره اتحاد كرة القدم السوداني".
وأضاف: "إنه لحظ سيء أن يكون للسودان لاعبان أو 3 فقط من المحترفين، وخضنا كل المنافسات بعيداً عن الأرض والجمهور وبكتيبة تضم لاعبين ينشطون داخل إفريقيا فقط، فالمنتخبات التي تأهلت لنهائيات المونديال استعانت بلاعبين جلهم يلعبون في أندية أوروبية".
وبشأن النجم السوداني هاني مختار، الذي ينشط مع "ناشفيل" في الدوري الأميركي، قال: "كنت أتمنى بشدة أن يساعد هو ولاعبون سودانيون آخرون ينشطون في الدوريات الأوروبية في بناء المنتخب الوطني".
عمّار طيفور: اللوم لا يقع علينا
قال عمار طيفور، نجم المنتخب السوداني المحترف في نادي "الصفاقسي" التونسي، لـ"الشرق" إن التراجع في الكرة السودانية سببه الأساسي غياب التخطيط والرؤية الطويلة المدى، مشيراً إلى ضعف البُنى التحتية وغياب أكاديميات الناشئين.
ورأى طيفور أن الاستقرار في مستوى كرة القدم السودانية ليس صدفة، ما لم توضع خطط واضحة من قبل الدولة واتحاد كرة القدم، حيث "لا يمكن مقارنة السودان بمنتخبات بلغت نهائيات المونديال، وتعمل وفقاً لاستراتيجيات وأنظمة محددة منذ سنوات".
وقال إن اللوم ينبغي ألا يوجه للاعبين، لأنهم مجتهدون وشغوفون بعملهم رغم شح الإمكانات والدعم الفني. وأشار إلى اهتمام الدولة والاتحاد كاف ليعود السودان لمستواه الحقيقي، خاصة أن الشعب السوداني عاشق لكرة القدم، ويستحق أن يرى "صقور الجديان" في أعلى المستويات.
محلل: الدولة والاتحاد مسؤولان عن الفشل
من ناحيته، انتقد المحلل الرياضي، شمس الدين الأمين، بشدة، في حديثه لـ"الشرق"، الدولة واتحاد كرة القدم، محملاً إياهما مسؤولية ما وصفه بـ"الإهمال المتعمد" لدرجة تأخير الحوافز ومستحقات اللاعبين والجهاز الفني، و"كأنما الدولة والاتحاد لا يريدان رؤية صقور الجديان في المونديال"، رغم أن المنتخب كان يمضي بشكل مميز على حد قوله.
وقال إن المنتخب السوداني مرّ بظروف صعبة، لتوقف الدوري، والإصابات التي لحقت بنجومه، محملاً المدير الفني، كواسي أبياه، مسؤولية المشاركة بلاعبين لا يظهرون حتى مع أنديتهم في الدوري الليبي، وإغفال أمر آخرين تألقوا بشكل لافت في دوري "النخبة"، الذي جرت مبارياته داخل السودان مؤخراً.
وقال الأمين إن الاتحاد السوداني لكرة القدم عزل المنتخب تماماً عن الجمهور والإعلام، وكان يدعو اللاعبين إلى المباريات قبل يوم أو يومين فقط.










