في مدينة طبرق أقصى الشرق الليبي، وفي مطلع عشرينات القرن الماضي، بدأت مسيرة نادي الصقور لكرة القدم، لكنه بات اليوم طي صفحات التاريخ، تخلو خزائنه من بطولات الدوري الممتاز، ولا توجد في رصيده إلا مشاركة إفريقية واحدة.
وعلى الرغم مما آل إليه حال الفريق الليبي، إلا أنه ظل رقمًا صعباً، ونداً قوياً، تصعب مجاراته، خصوصاً خارج المستطيل الأخضر عندما تنتقل المنافسة إلى المدرجات، حيث يحظى بشعبية كبيرة جذبت إليه الآلاف من المشجعين والأنصار.
وبحسب جماهير النادي، فإن الرواية المتداولة حول تأسيسه، تشير إلى أنه أنشئ قبل 9 عقود، ما يجعله عميد الأندية الليبية.
هذه الرواية يؤكدها الصحافي الرياضي أنور محمد، الذي قال لـ "الشرق"، إن "النادي الحالي امتداد لفريق كرة قدم أنشئ في عام 1922 بمبادرة من شباب مدينة طبرق، وبمشاركة بعض الأجانب (ربما 2 أو3 من إيطاليا وبريطانيا)، وهذا ما تثبته صورة موجودة على جدران النادي".
وتعليقاً على ما يقال من أن ليبيا كانت في ذلك الوقت تعيش عدم استقرار بسبب الاحتلال الإيطالي، أكد محمد أن حقبة العشرينات من القرن الماضي، شهدت توقيع بعض الاتفاقيات بين الإيطاليين و"المجاهدين"، ما أدى إلى استقرار الأوضاع نسبياً في البلاد، وطبرق بشكل خاص كون العمليات العسكرية كانت تدور خارجها.
جدل التأسيس
وبالعودة لحقبة تأسيس النادي في عام 1922، أشار محمد إلى أن جريدة "بريد برقة" التي وثقت لتلك الفترة، أوردت نبأ تشكيل كرة القدم بالنادي في أحدد أعدادها الصادرة خلال العام ذاته.
وهوما أكده المؤرخ الرياضي الليبي، فيصل فخري، في أحد كتبه. علماً أنه توجد 3 نسخ من الصحيفة تحوي أخباراً عن النادي تعود إحداها لعام 1922، وواحدة عام 1934، وأخرى لعام 1937، بحسب محمد.
وكشف الصحافي الرياضي الليبي إنه التقى 3 شخصيات عاصرت تلك الفترة وهم: المرحوم عمر النيبو، والمرحوم صالح هيوب، إضافة إلى أحمد صويدق، وهو آخر وزير رياضة في فترة المملكة السنوسية، والذي لعب في صفوف فريق النادي خلال أربعينات القرن الماضي. وقال: "أعتقد أن من حق جماهير الصقور أن تفخر بأن ناديها هو أقدم الأندية الليبية".
تحيز نظام القذافي
وأوضح المسؤول الإعلامي السابق في نادي الصقور، صلاح فؤاد، أن فريق النادي لكرة القدم يعتبر من أقدم الفرق الرياضية في ليبيا، مشيراً إلى وجود صورة فوتوغرافية تضم العديد من اللاعبين من مدينة طبرق، مع بعض اللاعبين الإنجليز، إذ كان هناك قاعدة عسكرية بريطانية في المدينة، وكذلك بعض الجاليات الإيطالية التي استوحى أحد أعضائها شعار "الصقور" بالأحمر والأسود، من شعار نادي "انتر ميلان" الإيطالي.
ويرجع فؤاد عدم اعتماد تاريخ تأسيس الفريق الحقيقي (عام 1922) في السجلات الوطنية واستبداله بعام 1957، إلى سيطرة نظام الرئيس السابق معمر القذافي على قطاع الرياضة والاتحاد الليبي لكرة القدم، وتحيزه لبعض الفرق.
وتابع: "أيضاً لم تكن هناك مؤسسة رياضية عندما تأسس النادي؛ لعدم تأسيس الدولة، ولم تعتمد أغلب الأندية إلا بعد عام 1957".
وأشار المسؤول الإعلامي السابق لـ "الصقور" إلى أنه عندما مثل الفريق البلاد في البطولة الإفريقية بعد تصدره مسابقة كأس ليبيا، ولعب مع نادي المريخ السوداني عام 1990 ذهابًا وإيابًا، لم تسجل مشاركته في سجلات اتحاد كرة القدم الليبي، على الرغم من أنه مثل البلاد أفريقياً.
أزمة مع اتحاد كرة القدم
وحول الوضع الراهن للفريق الأول لكرة القدم، قال نائب رئيس النادي عبد الله هاشم: "نجحنا في تقديم مستوى مميز، ولكننا تعرضنا للظلم من اتحاد كرة القدم في ليبيا".
وشبه هاشم ما يتعرض له "الصقور" هذه الأيام بأحداث العام 2011، عندما كان النادي قريباً من الفوز ببطولة الدوري الممتاز، إلا أن الاتحاد قام بإلغاء الدوري بسبب اندلاع "الثورة الليبية".
ونوه إلى أن اتحاد كرة القدم تعمد عدم الرجوع إلى النتائج السابقة، وألغى مسابقة الدوري، على الرغم من أن النادي تقدم بعدد من الطعون، لكنها رفضت جميعها.
وأضاف نائب رئيس "نادي الصقور"، أن النادي نجح خلال الموسم السابق، في تحقيق العديد من الانتصارات في دوري كره القدم من دون أي خسارة، وتصدّر ليصل إلى الدوري الممتاز، لكن اتحاد الكرة قام بإيقاف جميع الأنشطة الرياضية بسبب الحرب في طرابلس، على الرغم من أنها بعيدة كل البعد من المنطقة الشرقية.
وطالب هاشم اتحاد الكرة بعدم تكرار الخطأ الذي حدث في عام 2011 وبضرورة اعتماد النتائج والدوري، وبالتالي عودة "الصقور" إلى مكانه الطبيعي في الدوري الممتاز.





