موسيس سوايبو يكشف قصته مع تجنيد اللاعبين للتلاعب في النتائج

كرة الدوري الإنجليزي الجديدة عام 2025 - متداول
كرة الدوري الإنجليزي الجديدة عام 2025 - متداول
دبي-محمود ماهر

"كان مقدراً لي أن أصبح نجماً في الدوري الإنجليزي الممتاز.. لكن بدلًا من ذلك، جنيت الملايين من التلاعب بنتائج المباريات". هكذا بدأ موسيس سوايبو اعترافاته عبر وسائل الإعلام باستخدام العديد من الحيل للتلاعب بنتائج المباريات، وكيف كان يجنّد لاعبين آخرين، مؤكداً أن ما فعله جزء لا يتجزأ من كرة القدم العالمية حالياً "أكثر مما يدركه أحد".

لا يزال لاعب كرة القدم المحترف السابق (موسيس سوايبو) يتذكر بوضوح لحظة لقائه بالسنغافوري تان سيت إنغ، زعيم أكبر شبكة تلاعب بنتائج المباريات حول العالم، عندما كان سوايبو مدافعاً يبلغ من العمر 23 عاماً، ويتنبأ له الجميع بمستقبل عظيم.

اختير موسيس سوايبو أفضل لاعب شاب في كريستال بالاس عام 2007، وكان مرشحاً للانتقال لأحد أكبر أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، لكن استقر به الحال الآن في غرفة فندق خمس نجوم في مايفير، يُطلب منه خسارة مباراة اليوم التالي بين فريقه بروملي وفريق إيستبورن.

ويقول سوايبو عن اجتماعه بظ تان سيت إنغ في أغسطس 2012: "ملأ حضور تان الغرفة دون أي حاجة لرفع صوته. كان بإمكانك الشعور بسيطرته، من طريقة إمساكه بسيجارته، ومن طريقة مراقبته لك. كان بمثابة وعدٍ بكسب المال بسهولة. قال لي: إذا خسرتُ المباراة، فسيدفعون 20 ألف جنيه إسترليني". بهذا العرض المشؤوم، يدّعي سوايبو أنه استُدرج إلى عالم التلاعب غير القانوني بنتائج المباريات.

موسيس سوايبو تعمد استقبال الأهداف

على مدار الاثني عشر شهرًا التالية من العرض، تلاعب موسى سوايبو بالمباريات عن طريق تعمده استقبال أهداف ليجني ملايين الجنيهات الإسترلينية من مموليه في أسواق المراهنات الآسيوية.

موسيس سوايبو لاعب كريستال بالاس السابق
موسيس سوايبو لاعب كريستال بالاس السابق - bbc

جنى من عمله السري أرباحاً طائلة، وبعد سبع مباريات، ربح أكثر من مليون جنيه إسترليني وقاد سيارة فيراري ظهر بها في أنحاء وسط لندن، لكنه كان قد أدمن على وعود الثراء، ولم يُنصت لتحذير العصابة المُكرر: "الجشع لا يُرى جيداً".

بعد اجتماعٍ غير مُوفق مع عصابة إجرامية أخرى، والتي - دون علم سوايبو - كانت تحت مراقبة الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، أُلقي القبض عليه وحُكم عليه بالسجن 16 شهراً عام 2015.

كانت تجربته في السجن مُريعة، مُقاسة بإعادة بثّ برامج تلفزيونية مُملة وهجمات عنيفة بين السجناء كادت إحداها أن تُودي بحياة زميله في الزنزانة، لكن زيارة ابنته تاليا، البالغة من العمر عامين آنذاك، هي التي دفعته لتغيير حياته.

وقال موسيس في حديث نشرته صحيفة DailyMail البريطانية "كل الأموال التي حصدتها من التلاعب بنتائج المباريات كانت لا تُقارن برؤية ابنتي تضطر إلى دخول السجن لرؤيتي. أردت ألا أشعر بهذا الشعور مجدداً".

كتاب Fixed وشركة استشارية

وثق لاعب كريستال بالاس كل ما عاشه في سيرته الذاتية المنشورة حديثًا بعنوان "Fixed"، بعد أن قرر تكرّيس حياته لإدارة شركة "Gamechanger 360" الاستشارية التي أسسها عام 2023.

وتعمل الشركة مع هيئات رياضية مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) واللجنة الأولمبية الدولية لمنع لاعبين آخرين من الوقوع في فخّ إغراءات التلاعب بنتائج المباريات.

وأضاف موسيس في حديثه الحصري لصحيفة ديلي ميل "عندما تُفكّر في عدد لاعبي كرة القدم الذين يخشون تسريح أنديتهم أو يأتون إلى إنجلترا بحثًا عن فرصة، تجد أنهم عُرضة للتلاعب بنتائج المباريات. علينا تغيير الثقافة، بدءًا من القمة".

من هو أول شريك لسوايبو في التلاعب بالنتائج؟

لفهم قصة سوايبو، من المهم التعرف على طفولته في كرويدون، جنوب لندن، حيث كان رهينة لأب قاسٍ، يزعم أنه كان يمنعه من دخول المنزل بانتظام ويضربه ضربًا مبرحًا، إلا أن والده لم يُعلّق علناً على هذه الادعاءات.

وكانت كرة القدم مصدر تحرر لسوايبو، خاصة عندما تعاقد معه نادي كريستال بالاس للشباب في السادسة عشرة من عمره، وشارك لأول مرة مع الفريق الأول بعد عامين فقط. ثم أصبح قائدًا لفريق لينكولن سيتي في دوري الدرجة الأولى وهو في الثامنة عشرة من عمره، جاذبًا انتباه كل من برمنغهام سيتي، والأهم من ذلك، أستون فيلا، اللذين قدما عرضين لضمه في عام 2011.

موسيس سوايبو أشهر لاعب متلاعب بنتائج المباريات في إنجلترا بين عامي 2011 و2013
موسيس سوايبو أشهر لاعب متلاعب بنتائج المباريات في إنجلترا بين عامي 2011 و2013 - BBC

ويقول سوايبو الآن "كان ينبغي أن أكون لاعبًا في الدوري الإنجليزي الممتاز. لكن بدلًا من ذلك، اقتنعت بتوقيع عقد جديد مع لينكولن وكانت تلك لحظة حرجة".

وفي وقت لاحق من ذلك العام، دعاه زميله في الفريق، ديلروي فيسي، إلى غرفة فندق للقاء شخص ما. وتبين أن هذا الشخص كان رجل عصابات روسيًا عرض على سوايبو 60 ألف جنيه إسترليني لخسارة مباراة اليوم التالي ضد نورثامبتون، وقال سوايبو لا، لكن ذلك فتح عينيه على عالم جديد مربح محتمل.

بعد عام، كان سوايبو في حالة ذهنية مختلفة. غادر لينكولن وكان يتقاضى 850 جنيهًا إسترلينيًا فقط أسبوعيًا في نادي بروملي للهواة، وكان راتبه يُدفع نقدًا في أكياس ورقية بنية، هذا إن كان قد دُفع أصلًا.

وكانت شريكته آنذاك، كريستال، تنتظر مولودتهما، وبعد أن غُرِّم من قِبل مدير بروملي لتغيبه عن التدريب لحضور موعد مع القابلة، أصبح بحاجة ماسة للمال أكثر من أي وقت مضى.

وفي أغسطس 2012، دعاه لاعب سابق آخر لمقابلة الرجل السنغافوري "تان". هذه المرة، كما زعم سوايبو، كانت إجابته نعم قاطعة، وبصفته قائدًا ولاعب وسط في بروملي، كان سوايبو مُجهزًا بشكل فريد للمساعدة في التلاعب بنتائج المباريات وكان بارعًا في ذلك.

أوضح موسيس "تعلم، الجري التظاهري، عندما كان مهاجمو الفريق المنافس في طريقهم نحو المرمى، لم أكن قادراً على الإمساك بهم أو صدهم أو اعتراضهم. وعند مراقبتهم، كنت أتعمد أن أقف في المكان الخطأ لأتيح لهم المجال للتسديد. ثم كنت أوبخ زملائي في الفريق، بينما كان في الواقع الخطأ مني".

في كل مباراة كان يتلاعب فيها، ضامنًا نتيجة محددة لزعماء جريمة المقامرة التابعين له، كان هو - وهم - يجني عشرات الآلاف. في المجمل، ساعد سوايبو في التلاعب بتسع مباريات في دوري المؤتمر الجنوبي لفريق بروملي، حيث ارتفعت حصته الشخصية من كل تلاعب سريعاً من 20,000 جنيه إسترليني لكل مباراة إلى 150,000 جنيه إسترليني.

جون غوتي على واتساب.. والأرباح في مطعم صيني

تواصلت العصابة عبر واتساب باستخدام أسماء مستعارة لمناقشة المباراة التالية. أُشير إلى سوايبو باسم "جون غوتي" تيمّنًا بزعيم المافيا النيويوركي، وأُسندت إليه مسؤوليات متزايدة. بالإضافة إلى تلاعبه الشخصي بنتائج المباريات، واصل سوايبو تجنيد العديد من اللاعبين الآخرين وترتيب توزيع الأموال.

كان ماله الخاص مُخبأً في غرفة خلف مطعم صيني في دالستون، شرق لندن، على صلة بالعصابة. عندما أراد سوايبو سحب أموال، كان يركن سيارته - التي كانت آنذاك من طراز أستون مارتن - في شارع جانبي، ويتظاهر بطلب الطعام من الكاونتر، فيُسلم حقيبة مليئة بالأوراق النقدية.

وأكد اللاعب في اعترافاته أنه بحلول الموعد السادس، بلغ حجم المال الذي كونه في الغرفة السرية طول جذعه، وبحلول الموعد السابع، وصل المبلغ إلى مليون جنيه إسترليني. لكن سوايبو، الذي كان سعيداً براتب 80 جنيهًا إسترلينيًا أسبوعيًا في كريستال بالاس، كان لا يزال يرغب في جني المزيد والمزيد.

ووصف موسيس أن أسلوب حياته كان أشبه بأفلام السينما، قائلاً إنه كان عضوًا في مجموعة تُدعى "أولاد فيراري"، الذين كانوا يستأجرون سيارات رياضية باهظة الثمن ويتسابقون بها في أنحاء لندن، عابرين نهر التايمز عبر نفق روذرهيث.

وكان السفر بالقطار دائمًا من الدرجة الأولى، وأصبحت فنادق الخمس نجوم في مايفير مكانًا اجتماعيًا منتظمًا.

وبعد عملية التلاعب الثامنة، حصل على 300 ألف جنيه إسترليني، لكنه اعترف بأنه شعر "كمدمن مخدرات، يتوق إلى جرعته التالية".

بحلول عام 2013، بدأت الشكوك تظهر وتحيط بحياة موسيس، وكان فريقه بروملي بحاجة إلى الخسارة 4-2 أمام ميدنهيد، وكان متأخرًا 3-2 قبل دقائق فقط من النهاية. ولضمان نجاح عملية التلاعب وشيك راتبه غير المشروع، اضطر سوايبو إلى السماح لميدنهيد بتسجيل هدف آخر.

بينما اندفع أحد لاعبيهم نحو المرمى، قال سوايبو إنه كان "واضحًا" أنه لم يحاول إيقافه، مضيفاً "لقد سدد الكرة بقوة في الشباك - وتم التلاعب". ومع ذلك، شعر زملاؤه في الفريق بالاشمئزاز منه، لدرجة أن سوايبو قرر التوقف عن اللعب - مع الاستمرار في المشاركة في التلاعب بنتائج المباريات من الناحية التنظيمية.

لقد ثبت أن ذلك كان سبباً في هلاكه. في نهاية عام 2013، تلقى اتصالاً من جهة اتصال تُفيد بأن وسيطين سنغافوريين يرغبان في مقابلته للتخطيط لعملية احتيال، ما لم يكن يعلمه أيٌّ منهما هو أن الشريكين كانا مُلاحقين من قِبل محققين يُدبّرون عمليةً سريةً للشرطة.

بعد مشاهدة مباراة بين ويمبلدون وداجنهام، ذهب سوايبو والوسيطان لتناول وجبة صينية، حيث ألقت الشرطة القبض عليهم. حُكم على سوايبو بالسجن 16 شهرًا (قضى منها أربعة أشهر فقط)، بينما حُكم على ديلروي فاسي، الذي حاول تجنيده طوال تلك السنوات السابقة، بالسجن عامين ونصف خلال المحاكمة نفسها في محكمة برمنغهام كراون، أما تان، الذي يواجه تهم التلاعب بنتائج المباريات في عدة دول أوروبية، فقد أُلقي القبض عليه عدة مرات في موطنه سنغافورة، لكنه لم يُحاكم قط، ولم يُجب على ادعاءات سوايبو، لكنه أنكر سابقًا ارتكاب أي مخالفات.

تصنيفات

قصص قد تهمك