موسم الخذلان يفجر الغضب داخل المريخ والاتحاد السوداني يتدخل

تشكيلة فريق المريخ السوداني - 10 يوليو 2025 - x@Almerrikh08
تشكيلة فريق المريخ السوداني - 10 يوليو 2025 - x@Almerrikh08
بورتسودان -مها التلب

أسدل المريخ الستار على موسم كارثي بانسحابه من نهائي كأس السودان، ليهدي لقباً مجانياً لغريمه الهلال، بعد أيام من الخسارة أمامه بنتيجة قاسية في مباراة حسم لقب دوري النخبة.

وبعد الخروج مبكراً من دوري أبطال إفريقيا وإنهاء الموسم المحلي خالي الوفاض صب جمهور المريخ غضبه على إدارة النادي، ما دفع مجلس الإدارة لتقديم استقالة جماعية، تشمل رئيس النادي عمر النمير.

وكان المريخ بحاجة لتعادل فقط أمام الهلال ليتوج بلقب دوري النخبة بنظامه الاستثنائي بعد العودة للعب في السودان، لكنه خسر 4-0، ليذهب اللقب لغريمه التاريخي.

وقرر المريخ الانسحاب من نهائي كأس السودان في بورتسودان، ليساعد الهلال في تحقيق ثنائية محلية، ما أقحم "المارد الأحمر" في أزمة إدارية قد تكون الأخطر في تاريخه العريق. 

التخبط الإداري يسود منذ سنوات في المريخ مع تعاقب العديد من الرؤساء في فترة زمنية قصيرة، وتناوب القيادة بين عمر النمير وأيمن أبو جيبين وآدم سوداكال وحازم مصطفى، وربما زعم أحدهم بأنه "الرئيس الشرعي" في وجود رئيس آخر. 

كما أسفرت الحرب السودانية عن خسائر فادحة، وانتقل نجوم بالفريق إلى الدوري الليبي، كما غادر حارس منتخب السودان محمد المصطفى إلى تنزانيا.

ولم يكن مستوى المحترفين الأجانب مقنعاً لمعظم مشجعي المريخ.

وتوترت الأجواء داخل مجلس الإدارة وسط اتهامات متبادلة بعدم التخطيط، وغاب الاستقرار الفني مع كثرة تغيير المدربين، وكان آخرهم المصري شوقي غريب. 

طوق النجاة 

استدعى هذا التخبط تدخل لجنة الحوكمة في الاتحاد السوداني لكرة القدم لإلقاء طوق نجاة.

واتخذت اللجنة قرارات صارمة تهدف لمنع انهيار النادي قبل انطلاق "الميركاتو" الصيفي في أغسطس الحالي، ومنها تكليف طارق عثمان الطاهر بإدارة النادي، إلى جانب لجنة تسيير لإعادة ترتيب "البيت الأحمر"، وجلب تمويل عاجل ينقذ المريخ من وضع لا يُحسد عليه.

مريخ بلا أنياب

عُرف المريخ على مدار تاريخه، الذي يمتد لأكثر من 100 عام، بالأداء القتالي والحماس المتقد، وقدّم للكرة السودانية نجوماً ساطعة مثل كمال عبد الوهاب، الفاضل سانتو، حامد بريمة، فيصل العجب، كمال عبد الغني، جمال أبو عنجة، وغيرهم.

لكنه تحول في نظر كثيرين الآن إلى فريق وديع، لا يقاتل من أجل الفوز، ويتجرع الهزائم بسهولة، وبات بلا نجوم كبار قادرين على صنع الفارق، لتسود الروح الانهزامية. 

وقال لاعب في المريخ، فضّل عدم ذكر اسمه لـ"الشرق"، إنه حزين للغاية على ما يدور داخل أسوار "القلعة الحمراء"، مشيراً إلى أن الوضع الإداري والغضب الجماهيري أثّرا كثيراً على تركيز اللاعبين.

وأضاف: "نحاول التركيز في الملعب، لكن الوضع خارجه يزعجنا. نحتاج بيئة مستقرة لنؤدي بشكل جيد. البيئة الحالية تجلب لنا الهزائم وتحول دون إسعاد قاعدتنا الجماهيرية".

ويرى بعض النقاد الرياضيين أن المريخ فرّط في أبرز لاعبيه الدوليين دون إحلال وتبديل يليق بالنادي، بعد هجرة نجومه إلى الدوري الليبي أو التنزاني. 

وكشف مساعد رئيس الاتحاد السوداني، محمد سيد أحمد أحمد الجكومى، لـ"الشرق" أن اللجان العدلية في نادي المريخ فقدت شرعيتها القانونية بانتهاء دورتها الانتخابية التي بدأت في مارس 2021، واكتملت مدتها المحددة بأربع سنوات (2022–2025)، وفقاً للنظام الأساسي لدى الاتحاد.

وأوضح الجكومى أن أي قرارات تتعلق بتعيين لجان تسيير أو تطبيع تقع ضمن اختصاص الجهات المخوّلة قانونياً، وينبغي أن تتم وفق الإجراءات المنصوص عليها في النظام الأساسي للاتحاد السوداني لكرة القدم.

وأشار إلى أن الاتحاد يتابع عن كثب تطورات الأوضاع داخل المريخ، ويجري مشاورات موسعة مع الأطراف المعنية بهدف توافق يفضي إلى تشكيل جبهة موحدة لإدارة النادي خلال المرحلة المقبلة.

وأضاف الجكومى أن الاتحاد السوداني، في حال تعذر التوافق أو غياب الشرعية، يملك وفق النظام الأساسي صلاحية تعيين لجنة تطبيع لمدة ستة أشهر، لضمان الاستقرار الإداري.

وأكد على حرص الاتحاد على دعم نادي المريخ، باعتباره أحد ركائز الكرة السودانية، والعمل على إخراجه من أزمته الحالية بما يحقق تطلعات جماهيره.

رأي الإدارة المستقيلة

برر هيثم كابو عضو مجلس إدارة نادي المريخ المستقيل، ما يجري داخل النادي لـ"الشرق" بأن العمل الإداري داخل الأندية الرياضية، وخاصة في الظروف الاستثنائية التي تمر بها البلاد، "يجب أن يكون مبنياً على روح التطوع والانتماء، وليس على التشبث بالمناصب أو المكاسب الشخصية". 

وأوضح أن العمل في إدارة الأندية "تحركه المحبة ويسنده العشق ويدفعه الانتماء"، مشدداً على أن "أي إداري يجتهد لتقديم الأفضل ضمن منظومة مجلس الإدارة، لا بشكل فردي فقط".

وأضاف كابو أن المطالبات بإتاحة الفرصة لوجوه جديدة في إدارة النادي، لا يجب أن تُقابل بالرفض أو التمسك بالكراسي، بل يجب النظر إليها بموضوعية، "فربما تحقق تلك البدائل نجاحاً أفضل".

 وشدد: "الغاية ليست من يدير النادي، بل أن يستمر الكيان وأن يسعد الجمهور، سواء حدث ذلك عبر إدارة منتخبة أو لجنة تسيير".

وأشار إلى أن "ظروف الحرب تحتم قدراً من الواقعية"، داعياً مشجعي المريخ إلى "التكاتف وعدم الضغط على لجنة التسيير القادمة، لأن العمل الإداري لا يخلو من القصور والإخفاقات، وإيقاد الشموع خير من لعن الظلام"، على حد تعبيره.

وتطرق كابو إلى ما وصفه بـ"القرار التاريخي" الذي اتخذه مجلس إدارة النادي في يناير 2023 بتعيين عمر النمير رئيساً للمريخ، "كخطوة استراتيجية لتحقيق ثلاثة أهداف محورية، هي استمرار النشاط الرياضي رمزاً لبقاء السودان وهويته الثقافية والرياضية، ولمّ شمل اللاعبين الذين شتتهم نيران الحرب، وإعادة تأهيلهم فنياً ومعنوياً، والبحث عن دوري بديل في دولة إفريقية لحماية عقود اللاعبين وضمان مشاركة الفريق قارياً" وحدث ذلك بالانتقال للعب في الدوري الموريتاني.

واختتم بالقول إن "الغاية الأسمى هي بقاء اسم المريخ والسودان، حتى تعود الحياة لطبيعتها ويحين وقت تقييم النتائج وتوجيه النقد البناء".

فشل متراكم

أرجع الصحفي عطاف محمد مختار، رئيس تحرير صحيفة "السوداني"، والمقرب من المريخ، في حديثه لـ"الشرق" تراجع النادي وتفريطه في البطولات المحلية والقارية إلى "غياب الإدارة الفعالة".

 وأكد: "المريخ كان قريباً من الفوز أو على الأقل التعادل في مباراة الهلال، لولا الأخطاء الإدارية المتكررة التي ساهمت في ضياع الفرص".

ويرى مختار أن الأزمات التي يعيشها النادي "ليست وليدة اللحظة، بل نتيجة تراكمات ساهم فيها أعضاء من المجلس المستقيل ممن سبق لهم العمل في إدارات سابقة"، مشيراً إلى أنهم "لعبوا دوراً مباشراً في تدهور أوضاع الفريق".

كما اتهم الإدارة المستقيلة "بالافتقار لأبسط مقومات الاحترافية".

وأوضح: "إدارة كرة القدم أصبحت علماً يُدرّس في الجامعات، وتُنظَّم له دورات وشهادات دولية معترف بها من قبل فيفا، ولم يعد مقبولاً أن يقود الأندية من يفتقرون إلى الكفاءة، اعتماداً فقط على حبهم للفريق"، منتقداً اعتماد بعض الإداريين على "نثريات شحيحة لتحفيز اللاعبين، هذا لا يليق بنادٍ كبير كالمريخ".

ودعا مختار إلى تبني نموذج حديث واحترافي في الإدارة بتحويل النادي إلى شركة مساهمة عامة أو مؤسسة رياضية، تُمكن الجماهير من الإسهام في تمويله وتطويره، مع التركيز على الاستثمار وبناء موارد مالية ثابتة عبر الرعاية والمتاجر والمنتجات.

وأقر بأن السودان، رغم كونه من مؤسسي الاتحاد الإفريقي "كاف"، "لا يزال متأخراً إدارياً ورياضياً"، لذا طالب بضرورة "استقطاب الكفاءات السودانية العاملة في الخارج وتوظيف خبراتها في تطوير كرة القدم المحلية".

تصنيفات

قصص قد تهمك