انقضت بطولة كأس العالم 2022، ليلة أمس الأحد على الأراضي القطرية، بتتويج الأرجنتين بالكأس للمرة الثالثة في التاريخ، وللمرة الأولى في مشوار الأسطورة الخالدة، ليونيل ميسي، الذي ختم أخيرًا لعبة كرة القدم بعدما فاز بكل شيء ممكن وغير ممكن.
أراد العالم بأسره هذه النهاية السعيدة لليونيل ميسي بهزيمة فرنسا في نهائي ملعب لوسيل في ليلة الأحد 18 ديسمبر التاريخية، بما في ذلك بعض الفرنسيين الذين كانوا بجانبه أيضًا باعتراف مدرب الديوك الزرقاء «ديديه ديشان» في المؤتمر التقديمي للمباراة.
لا تسأل كيف حدث ذلك، لكنه حدث بالفعل في نهائي دراماتيكي أبكى الجميع، الأمهات والأباء والأبناء واللاعبين، في مقدمتهم أنخل دي ماريا الذي مزقته الدموع على دكة البدلاء، الكل تضامن كي يجد ميسي ضالته ويعانق الكأس التي استعصت عليه وعلى الأرجنتين لسنين طوال.
لقطات وأحداث وذكريات خاصة خلفها لنا مونديال قطر، سيُحب أن يدونها ويوثقها «كاتب التاريخ» في مُفكرته المُكتظة عن بكرة أبيها منذ أول نسخ المونديال عندما سقطت الأرجنتين أمام أوروجواي في نهائي 1930 حتى أكمل ميسي اللعبة في معركته العنيفة مع كيليان مبابي.
وفي سياق هذا التقرير يرصد لكم «الشرق رياضة» أهم مفاجآت مونديال 2022، وقصة الحصان الأسود، وصاحب أكبر خيبة أمل، بالإضافة إلى أفضل اللاعب والمدرب والمزيد..
صفعة اليابان للألمان والإسبان
يُعد المنتخب الياباني صاحب أكبر مفاجآت مونديال 2022 بتحقيقه للتأهل كمتصدر للمجموعة الخامسة برصيد 6 نقاط من فوزين حققهما أمام الثنائي الكبير «ألمانيا وإسبانيا» ليجد نفسه في الدور ثمن النهائي لمواجهة وصيف المجموعة السادسة «كرواتيا».
ودخلت اليابان المونديال وهي غير مُرشحة لأي شيء، حيث خسرت في التصفيات على أرضها أمام سلطنة عُمان 1/صفر، وأخفقت في تصدر المجموعة الآسيوية أمام السعودية.
لكن بعد بدء البطولة تحولت اليابان إلى واحدة من أكثر المنتخبات المثيرة للإعجاب، فقد قامت بقلب الطاولة على ألمانيا في اللقاء الأول، وكررت الشيء نفسه أمام إسبانيا في الجولة الثالثة لتبلغ المرحلة التالية وسط دهشة الجميع، وتُرسل إسبانيا لملاقاة المغرب.
كادت مفاجأة الكومبيوتر الياباني أن تستمر في البطولة عندما حقق رفاق «ريستو دوان وتاكوما أسانو» التقدم بهدف على كرواتيا، إلا أن فريق المدرب داليتش عدل النتيجة وتمكن من الفوز بفارق ركلات الجزاء الترجيحية بفضل تدخلات الحارس المُخيف دومينيك ليفاكوفيتش.
رجال أطلس..الحصان الأسود
استحق منتخب المغرب لقب «الحصان الأسود» لكأس العالم 2022 عن جدارة، بعد تأهله للدور نصف النهائي على حساب منتخبات لها باع طويل في المونديال أمثال بلجيكا وإسبانيا والبرتغال، قبل أن يودع بصعوبة أمام فرنسا في نصف النهائي بعد تدخل عدة عوامل.
لم يراهن أي أحد على تواجد المغرب في الدور ربع أو نصف النهائي، لكنه فعلها وسط ذهول الجميع، تمامًا مثلما يفعلها الحصان الأسود الذي يخشى الجميع المراهنة عليه في سباقات الخيول.
تصدر المغرب المجموعة السادسة الحديدية المكونة من منتخبات بلجيكا وكرواتيا وكندا، وجميعها فرق قوية تتمتع بمهارات فردية وقوة بدنية وتضم نجوم أندية الصفوة في أوروبا، فضلاً عن الاستقرار الفني الذي تعيشه منذ مدة طويلة، على النقيض من المغرب الذي كان قد غَير مدربه قبل 3 أشهر فقط من بدء البطولة.
مع ذلك جمع المنتخب المغربي 7 نقاط خلال دور المجموعات، حيث افتتح مشواره بالتعادل مع كرواتيا دون أهداف، وحصد 6 نقاط من فوزين على بلجيكا وكندا، دون أن تهتز شباكه سوى مرة وحيدة بنيران صديقة من المدافع نايف أكرد في الجولة الثالثة أمام كندا.
وشهد ثمن النهائي تفوق المغرب على الجارة إسبانيا بفارق ركلات الجزاء الترجيحية بعد تصدي الحارس ياسين بونو لركلتين من سولير وبوسكيتس، وسط دهشة النقاد الرياضيين الذين لم يتوقعوا أكثر من تكرار المغرب لإنجاز 1986 بالتواجد في دور الـ 16 فقط.
لكن الحصان الأسود فعل ما هو أكثر من المتوقع بالتواجد في الدور ربع النهائي كأول فريق عربي يترشح لهذه المرحلة المتقدمة، وكرابع فريق أفريقي يفعلها بعد الكاميرون 1990 والسنغال 2002 وغانا 2010.
ورغم حفاظ المغرب على نظافة شباكه أمام الهجوم الإسباني، رفض البعض توقع ترشحه لنصف النهائي على حساب البرتغال التي فازت على سويسرا بنتيجة عريضة قوامها 6 أهداف لهدف في ثمن النهائي.
غير أن إرادة رفاق اللاعب رقم 8 «عز الدين أوناحي» كانت أقوى من طموحات رفاق كريستيانو رونالدو، من أجل صناعة تاريخ جديد.
انتصروا على البرتغال بهدف يوسف النصيري وحققوا التأهل للدور نصف النهائي لأول مرة في تاريخ قارة أفريقيا والعرب.
في نصف النهائي انتهى الحلم أمام فرنسا بسبب أكثر من إصابة على مستوى خط الدفاع، مع بعض الأخطاء التحكيمية من الحكم المكسيكي سيزار راموس، لتنتقل الرحلة للمنافسة على المركز الثالث الذي آل لكرواتيا بعدما غلب الارهاق الفريق العربي العنيد.
البرازيل أكبر خيبة أمل
خَيب المنتخب البرازيلي الآمال بقوة في مونديال 2022 تحت قيادة مدربه الوطني «تيتي» فلا يمكن لفريق متكامل مثله، يمتلك لاعبين بمهارات فردية هي الأعلى بين جميع المنتخبات المشاركة في البطولة، ويتمتع بلياقة بدنية وجاهزية جسدية، يودع البطولة أمام فريق في طور البناء والإحلال والتجديد مثل كرواتيا.
ضمت تشكيلة البرازيل في هذه النسخة لاعبين أمثال «نيمار دا سيلفا وفينسيوس جونيور رودريجو جوس وريتشارلسون وجابريل جيسوس ورافينيا وكاسيميرو وفريد».
لعب منتخب السامبا أجمل وأمتع كرة خلال مرحلة دور المجموعات أمام صربيا وسويسرا والكاميرون ثم أمام كوريا الجنوبية في الدور ثمن النهائي برباعية كانت قابلة للزيادة.
لكنهم افرطوا في الاحتفال معتقدين أن طريقهم نحو النهائي مفروشًا بالورود، فتلقوا عقوبة فورية من كرواتيا في الدور ربع النهائي الذي ودعوه بفارق ركلات الجزاء الترجيحية لتتبقى لهم الدموع!.
الحارس الأفضل..مُنقد أحلام ميسي
اعترف حارس مرمى الأرجنتين إيميليانو مارتينيز بخضوعه لعلاج نفسي بعد تلقيه لهدفين في المباراة الأولى للمونديال التي خسرتها بلاده أمام المنتخب السعودي، ويبدو أن هذا العلاج كان له أثر بالغ الأهمية، فقد أنقذ الأرجنتين بعدها في 3 مناسبات أمام أستراليا في ثمن النهائي، وهولندا في ربع النهائي، وفرنسا في النهائي.
خلال مباراة المكسيك في الجولة الثانية من دور المجموعات، وُضع إيميليانو مارتينيز في أكثر من اختبار، سواء بالكرات العرضية أو الثابتة، ليمنح زملائه الطمأنينة ليسجلوا هدفين في الشوط الثاني بقيادة ميسي.
ولم يتعرض إيميليانو مارتينيز سوى لتهديد واحد أمام بولندا في الجولة الثالثة عندما انتصرت الأرجنتين 2-0.
وظلت الكرة بعيدة مناطق الأرجنتين في مباراة ثمن النهائي أمام أستراليا، حتى حصل اللاعب البديل «كول» على كرة عرضية في الوقت المحتسب بدل من ضائع، سددها بتركيز، لكنه وجد إيميليانو مارتينيز الذي مد يديه وقدميه على طريقة العنكبوت ليمسك بالكرة ويُنقذ هدفًا مُحققًا.
وأمام هولندا بالدور ربع النهائي، واصل إيميليانو مارتينيز التألق بالتصدي لأكثر من فرصة خطيرة في الدقائق الأخيرة من الشوط الثاني ثم لركلتي جزاء ترجيحيتين ليقود الأرجنتين للعبور لمواجهة كرواتيا في نصف النهائي الذي لم يواجه فيه رفاق ميسي صعوبات حقيقية حين فازوا بثلاثية نظيفة.
وتعاظم دور إيميليانو مارتينيز في تتويج الأرجنتين بلقب البطولة أثناء المباراة النهائية، سواء بإبعاد تسديدات مبابي أو تورام وكولو مواني في الشوط الثاني والأشواط الإضافية من اللقاء أو خلال ركلات الجزاء الترجيحية التي عرفت تألقه بالتصدي لركلتين.
ونال إيميليانو مارتينيز من اللجنة الفنية للفيفا جائزة القفاز الذهبي على إجمالي ما قدمه في 7 مباريات بالبطولة وليس على تألقه في مباراة واحدة كما في حالة ياسين بونو أو في مباراتين كما في حالة دومينيك ليفاكوفيتش.
المدافع الأفضل..مستقبل كرواتيا
تعرضه للمراوغة من ليونيل ميسي في لعبة الهدف الثالث للأرجنتين في مباراة نصف النهائي لا يمكن أن تقلل أبدًا مما قدمه عملاق كرواتيا الجديد، جوسكو جفارديول، على مدار مشاركته في المونديال.
قدم جوسكو جفارديول أداءً ثابتًا منذ الجولة الأولى في المونديال، وساهم في الحفاظ على نظافة شباك كرواتيا في مباراتين خلال دور المجموعات أمام المغرب وبلجيكا.
وكانت مباراة البرازيل في ربع النهائي هي الأهم له في البطولة، نظرًا لتغلبه على لاعبين مهرة مثل نيمار وريتشارلسون وفينسيوس جونيور يصعب إيقافهم.
وكلل جوسكو جفارديول مجهوداته في البطولة بتسجيل أحد أروع وأجمل الأهداف برأسية عبقرية أمام المغرب.
ومن المتوقع تلقي جوسكو جفارديول لعروض قوية لضمه من دينامو زغرب خلال الميركاتو الشتوي 2023 خاصةً من جانب تشيلسي الإنجليزي.
أفضل وسط..رمانة الميزان الفرنسية
ما فعله أنطوان جريزمان على مدار مباريات كأس العالم في عملية مساندة الدفاع والربط بين خطوط المنتخب الفرنسي، جعله رمانة الميزان الأهم في البطولة وأفضل لاعب وسط من الناحيتين البدنية والفنية.
صنع جريزمان 3 أهداف، وتحصل على 9 أخطاء من الخصوم، وقام بـ 5 مراوغات صحيحة، وقدم 8 تمريرات عرضية شكلت خطورة على مرمى الخصم بدقة 75٪، ووصل إجمالي تمريراته الصحيحة لـ 285 بدقة 83.9٪، بمعدل 47 تمريرة صحيحة كل 90 دقيقة.
كل أرقام جريزمان كانت مثالية بالنسبة للاعب وسط، ونزيد من الشعر بيت الأدوار الدفاعية، حيث قام بـ 8 اعتراضات سليمة، ومنع 3 تسديدات على مرمى فرنسا، وقام بتمشيط منطقة الجزاء في 7 مرات، وربح 57٪ من تدخلاته باستخلاص ناجح دون أخطاء ضد الخصم.
وكان مدرب منتخب الأرجنتين، ليونيل سكالوني، على يقين بأنه لو عزل جريزمان عن باقي زملائه، فلن تشكل فرنسا خطورة حقيقية على إيميليانو مارتينيز، وهو ما كان، الأمر الذي دفع ديديه ديشان نحو الاستغناء عن جريزمان مضطرًا لأول مرة في المونديال، لتغيير أسلوب اللعب وتحقيق التعادل.
تستغرب أن جريزمان قدم كل هذا العمل الرائع مع منتخب فرنسا بعد موسمين غاية في السوء مع برشلونة وأتلتيكو مدريد، لكن هذا دليل آخر على أن هناك أمور تحتاج لتغيير في أتلتيكو مدريد!.
أفضل مهاجم..بيليه الفرنسي
فاز كيليان مبابي بلقب هداف كأس العالم 2022 برصيد 8 أهداف، من بينهم هاتريك في المباراة النهائية، وهو الإنجاز الذي يحدث للمرة الأولى منذ نهائي 1966 الذي شهد تسجيل الإنجليزي جيف هيرست لثلاثية في شباك ألمانيا الغربية ليقود بلاده لحصد أول لقب في التاريخ.
استحق مبابي تلقيبه بـ «بيليه الفرنسي» بعد المستوى الخارق الذي قدمه في البطولة، وتحقيق لإنجاز لم يحدث منذ عام 2002 عندما سجل الظاهرة رونالدو 8 أهداف لمنتخب البرازيل في نسخة مونديال كوريا الجنوبية واليابان، فماذا سيفعل مبابي عندما يصل لعمر رونالدو أو ميسي؟ مؤكد سيكون هو صاحب لقب "ملك اللعبة"!
قاد مبابي المنتخب الفرنسي خلال مونديال قطر 2022 للفوز على أستراليا في الجولة الأولى من دور المجموعات، بتسجيل هدف من رباعية، وأضاف لرصيده هدفين في مباراة الجولة الثانية ضد الدنمارك، ومثلهما في مباراة دور الـ 16 أمام بولندا.
وغاب حامل لقب مونديال 2018 عن التسجيل أمام إنجلترا بعد تعرضه لرقابة لصيقة من كايل ووكر، ثم أمام المغرب بسبب رقابة صديقه أشرف حكيمي، لكنه صنع هدف تأكيد الفوز في نصف النهائي عندما مرر كرة حاسمة أمام اللاعب البديل كولو مواني.
ورغم غيابه معظم الوقت عن أجواء مباراة النهائي أمام الأرجنتين، إلا أن مبابي انتفض انتفاضة غير عادية مسجلاً 3 أهداف (هاتريك).
وأحرز نجم باريس سان جيرمان ثنائية صادمة في دقيقة واحدة (80 و81) قاد بها فرنسا للتعادل 2/2 والانتقال لأشواط إضافية عرفت تسجيله للهدف الثالث من علامة جزاء بعد تنفيذ ببرودة دم وبأعصاب حديدية في الدقيقة 118، كما كرر نفس المشهد في ركلات الجزاء الترجيحية حين سدد الركلة الأولى بنجاح، لكن زملائه لم يساعدوه لتخسر فرنسا اللقاء بنتيجة 2/4 في ركلات الترجيح.
نجم المونديال..الملك ميسي
احقاقًا للحق هي بطولة ليونيل ميسي، فقد كان هو القائد والمحرك الرئيسي للأرجنتين منذ الجولة الأولى عندما خسر أمام السعودية وحتى اللقاء الختامي أمام فرنسا.
لم يشغل ميسي تفكيره بأي شيء قبل كأس العالم 2022، وقلل من ظهوره الإعلامي، وأظهر تركيزه الكامل في قيادة بلاده نحو المجد الكروي المفقود منذ عام 86، وإعادة الفرحة إلى شوارع بوينس آيرس البائسة منذ وفاة الأسطورة مارادونا.
حارب ميسي واجتهد قدر المستطاع لإعادة المجد للأرجنتين فصعد لمنصة التتويج في المشهد الختامي عن جدارة.
سجل ميسي في 7 أهداف في المونديال من بينهم هدفين في النهائي، كما قدم 3 تمريرات حاسمة لرفاقه في المباريات الماضية، ما جعله اللاعب الأكثر تأثيرًا في البطولة من حيث التسجيل والصناعة معًا.
لدى ميسي 3 أهداف من الـ 7، مؤثرة وحاسمة للغاية، جاءوا من لعب مفتوح أمام المكسيك خلال الجولة الثانية من دور المجموعات، ثم أمام أستراليا في دور الـ 16، وفرنسا في النهائي، أما باقي الأهداف فقد جاءت من ركلات جزاء.
ووصل إجمالي تمريرات ليونيل ميسي في البطولة إلى 347 بنسبة دقة 85٪، بمعدل 45 تمريرة صحيحة كل 90 دقيقة.
كما نال ميسي 22 خطأ من الخصوم، ولم يرتكب سوى 10 أخطاء خلال السبع مباريات.
أفضل مدرب..رأس لافوكا
كانت مهمة وليد الركراكي أو كما يُلقب في المغرب بـ «رأس لافوكا» هي الأصعب والأكثر تعقيدًا بين جميع المدربين الذين شاركوا في كأس العالم 2022، فلم يحصل على الوقت الكافي لتحضير الفريق، ومع ذلك حقق به أفضل إنجاز ممكن للمنتخبات العربية والأفريقية بالتأهل للدور نصف النهائي على حساب بلجيكا وإسبانيا والبرتغال.
تولى الركراكي المسؤولية خلفًا للمدرب البوسني الفرنسي وحيد خليلوزيتش الذي ترك خلفه صدعًا فنيًا يصعب التعامل معه، بعد أشهر قليلة من انتهاء عقده مع نادي الوداد الذي تُوج رفقته بلقب دوري أبطال أفريقيا والدوري المحلي.
راهن رئيس الاتحاد المغربي لكرة القدم، فوزي لقجع، على نجاح التجربة، واضعًا كامل ثقته في وليد الركراكي لحل المشاكل التي تسبب فيها خليلوزيتش وإعادة التناغم لصفوف المنتخب في غضون الـ 3 أشهر المتبقية قبل بداية المونديال بواسطة بعض المعسكرات والمباريات الودية التحضيرية أمام منتخبات لها وزنها مثل تشيلي وباراجواي.
استطاع الركاركي حل أزمة الترابط بين الخطوط ليلعب منتخب المغرب ضد تشيلي كمجموعة واحدة للمرة الأولى، بفضل إعادته السريعة لحكيم زياش ونصير مزراوي.
ناهيك عن اختياره للاعبين صغار في السن لتعويض اللاعبين الذين أصيبوا قبل أسابيع من بدء البطولة، في مقدمتهم نجم أولمبيك مارسيليا أيمن حارث، واللاعب الموهوب طارق تيسدوالي.
كان وليد الركراكي مطالبًا كذلك بالتعامل مع التحديات الثقافية والاجتماعية المختلفة في أكثر المنتخبات تعقيدًا حول العالم، واتقانه للإنجليزية والفرنسية والإسبانية مع بعض الأمازيغية والعربية ساعده في عملية توحيد الصف وخلق الغيرة على الوطن بين كافة العناصر بما في ذلك الذين ترعرعوا في أوروبا أمثال حكيم زياش وأشرف حكيمي وسفيان بوفال وغانم سايس وياسين بونو.
لم يكتف المدرب الوطني المغربي بما قدمه من نجاحات على صعيد توحيد المنتخب وتكوين أسلوب لعب واضح يعتمد على التمركز الصحيح والإلتزام بالأدوار، فقد نجح نجاحًا كبيرًا في الاختبارات التكتيكية والفنية التي وضع فيها أمام مدربين أكثر خبرة وتجربة منه في البطولات الكبرى أمثال «داليتش وروبرتو مارتينيز ولويس إنريكي وفرناندو سانتوس».
أكمل الركراكي اللوحة الفنية الرائعة التي قدمها حين أحرج نظيره الفرنسي ديديه ديشان بالاستحواذ على الكرة لأكثر من 60٪ خلال مباراة الدور نصف النهائي، وكاد في أكثر من لقطة أن يسجل المغرب لولا تألق القائم والحارس هوجو لوريس بالتزامن مع الأخطاء الفادحة من الحكم المكسيكي سيزار راموس.
لا يوجد أي مدرب في مونديال قطر 2022 تصرف بحكمة وحرفية مع مشاكل الإصابات كما فعل وليد الركراكي، الأمر الذي جعل المغرب ينفرد برقم قياسي كأكثر فريق أشرك لاعبيه في البطولة برصيد 24 لاعبًا.
ويُعد حارس مرمى الوداد، أحمد رضا التكناوتي، الوحيد الذي لم يحظ بشرف لعب دقيقة واحدة رغم جاهزيته البدنية، ويليه أمين حارث للإصابة بقطع في الرباط الصليبي.
هذه كانت أبرز العلامات الرئيسية الأكثر تأثيرًا في مونديال 2022، وبالتأكيد هناك المزيد من التفاصيل التي سنسردها لكم في تقارير لاحقة.
