
كثيرون لعبوا كرة القدم، وقليلون من تألقوا وفازوا بالألقاب، وأقل منهم هؤلاء الذين كانت مشاركتهم في عالم الساحرة المستديرة بمثابة نقطة فارقة في تاريخ اللعبة.
ومنذ بداية ممارسة كرة القدم بشكلها الحالي في النصف الثاني من القرن قبل الماضي وحتى توقفها مؤخرًا بسبب تفشي وباء كورونا، مرّت على اللعبة الأكثر شعبية في العالم وجوه غيّرت من مفاهيمها، وثارت دون ضجيج على قواعدها المتعارف عليها والمسلّم بصحتها.
نرصد في هذا التقرير بعض هذه الوجوه الخالدة في تاريخ اللعبة:
1- بيليه
يعد البرازيلي بيليه واحدًا من أفضل لاعبي الكرة عبر تاريخها الطويل. جذب الأنظار إليه بسبب مهاراته الكبيرة وسرعته الفائقة في عصر لم يعتد المتابعون مشاهدة لاعب بهذه الصفات.
وبالإضافة إلى سجله الحافل بالأهداف، وتتويجه بكأس العالم 3 مرات أعوام 1958 و1962 و1970 ساهم بيليه حين انتقل إلى نيويورك كوزموس عام 1975 في زيادة شعبية اللعبة في أمريكا الشمالية بشكل كبير.
2- مارادونا
لا ينتهي الحديث عن دييغو أرماندو مارادونا. قاد الأسطورة الأرجنتيني بلاده للتويج بمونديال 1986 الذي احتضنته المكسيك، وقدم خلال هذه البطولة أحد أفضل الأداءات الفردية في تاريخ اللعبة أمام إنجلترا في الدور ربع النهائي.
وبعيدًا عن حياته الصاخبة المتقلبة. ثار دييغو على أحد المفاهيم الكروية الراسخة التي تنص على عدم قدرة لاعب واحد على قيادة فريق ضعيف نحو القمة. رحل مارادونا عن برشلونة وانتقل إلى نابولي في جنوب إيطاليا. وتمكن الأرجنتيني المشاغب من النهوض بالفريق وقيادته للتتويج بخمسة ألقاب محلية مختلفة بين عامي 1984 و1991.
3- يوهان كرويف
كان يوهان كرويف أو الهولندي الطائر كما أطلق عليه العنصر الأهم في مفهوم الكرة الشاملة الذي طبقه منتخب بلاده في سبعينيات القرن الماضي، حيث التحرك السريع دون الكرة والانسيابية وعدم التقيد بالمراكز داخل الملعب. ابتكر الفكرة وطورها رينوس ميشيلز ولم يكن المنتخب الهولندي لينجح في تنفيذها لولا كرويف.
نقل كرويف أفكاره إلى الدوري الإسباني حين انتقل إلى برشلونة كلاعبٍ، ثم طوّر هذه الأفكار عقب اعتزاله وتوليه تدريب الفريق، وجعلها من السمات المميزة له حتى يومنا هذا.
4- بيكنباور
في تاريخ كرة القدم، لم ينجح أحد في التتويج بكأس العالم لاعبًا ومدربًا إلا فرانز بيكنباور وديدييه ديشامب.
توّج بيكنباور باللقب مع ألمانيا كلاعب عام 1974، وكمدرب عام 1990.. لكنّ الأهم في مسيرة بيكنباور ليس الألقاب التي حقهها بل طريقة لعبه.
كان بيكنباور يشارك كقلب دفاع، وهو من ابتكر دور الليبرو في كرة القدم. حيث اتسم أداؤه بالتحرر من الرقابة الفردية للمهاجمين لكنه كان قادرًا على حماية زملائه في خط الدفاع. وكان بيكنباور يتقدم إلى الأمام ويقود الهجمات المرتدة لفريقه.
5- ليف ياشين
يعتبر ليف ياشين من أفضل حراس المرمى في تاريخ الكرة. قبل ياشين كان الحراس يقبعون بين الخشبات الثلاث وينتظرون المنافسين لكن الحارس الذي لعب بقميص الاتحاد السوفيتي بين عامي 1954 و1967 قرر أن يخرج من مرماه ويتقدم إلى الأمام.
كان ياشين بارعًا في تشتيت الكرات وإبعادها عن مرماه. وهذه الاستراتيجية يطبقها بدقة عالية الحارس الألماني مانويل نوير في أيامنا الحالية.
6- رينيه هيغيتا
ينتمي الحارس الكولومبي الشهير رينيه هيغيتا إلى المدرسة السابقة حيث الخروج المتكرر من المرمى ومحاولة لعب الكرة بقدميه والتقدم إلى الأمام.
وحث أسلوب هيغيتا الاتحاد الدولي لكرة القدم على إعادة التفكير في وظائف حارس المرمى، ومن هنا جاء التعديل الذي يمنع الحارس من الإمساك بالكرة بيديه إذا مررها زميل له بالفريق. وأحدث هذا القرار ثورة في وظائف ودور الحارس وعلاقته بخط دفاعه.
7- ديفيد بيكهام
امتاز ديفيد بيكهام بالدقة البالغة في تمرير الكرات العرضية بقدمه اليمنى، بالإضافة إلى تنفيذ الركلات الثابتة بأسلوب خاص. لكنّ تأثير اللاعب الإنجليزي الدولي كان أبعد من ذلك بكثير.
بيكهام من أوائل اللاعبين الذين خلقوا مفهوم الشهرة والنجومية في عالم المستديرة. اهتمامه البالغ بمظهره وأناقته جعل عدسات الكاميرات تتابعه في كل مكان. وجعل العلامات التجارية تتهافت لتوقيع عقود إعلانية معه.
8- كريستيانو رونالدو
طوال تاريخ الكرة كان نادرًا أن يجمع لاعب بين القوة البدنية والمهارة الفنية، ويصل في كل منهما إلى أقصى درجة ممكنة حتى جاء البرتغالي كرستيانو رونالدو.
يعد رونالدو مثالًا للاعب المتكامل. فهو سريع ومهاري وقوي البنية ويلعب بالقدمين اليمنى واليسرى ويجيد ضربات الرأس ويتقن الكرات الثابتة. وما زال البرتغالي يقدم أداءً مميزًا رغم تقدمه في العمر وبلوغه 35 عامًا.
9- رونالدينيو
يتجاوز أثر البرازيلي رونالدينيو الألقاب التي حققها في مسيرته سواءً مع منتخب البرازيل أو الاندية التي لعب بقميصها.
الساحر البرازيلي يعد من أهم وأبرز المراوغين في تاريخ الكرة. واعتمد رونالدينيو في مراوغاته على أداء استعراضي غير مسبوق على الإطلاق. وما زالت مراوغات اللاعب البرازيلي عصيّة على أغلب اللاعبين الذين يحاولون تقليدا حتى يومنا هذا.
10- ليونيل ميسي
ينتمي ليونيل ميسي إلى مدرسة دييغو أرماندو مارادونا حيث المهارة الفائقة والسرعة الكبيرة، وإن كان ليو لم يخض مغامرة شبيهة بمغامرة دييغو مع نابولي ولم يقد منتخب بلاده لمنصات التتويج إلا أنه أحد هؤلاء الثوار على المفاهيم التقليدية في كرة القدم.
الشائع في كرة القدم أن اللاعبين أصحاب المهارات الكبيرة لا يستطيعون اللعب لفترات زمنية طويلة. المهارة الفائقة كانت قرينًا للمزاجية وعدم الانضباط لعقود طويلة في كرة القدم حتى جاء ميسي.
وفضلًا عن ظهوره بمستويات استثنائية لفترة زمنية اقتربت من 15 عامًا، فإن ميسي لم يكتفِ بالأدوار التقليدية لصاحب القميص رقم 10 الذي يراوغ ويصنع الأهداف لزملائه بغزارة في حين تتراجع معدلاته التهديفية لكنّه على النقيض من ذلك يسجل ويصنع ويراوغ بجودة واحدة.