من حياة مليئة بالصخب والمنافسات الدولية والسفر حول العالم، إلى البقاء في المنزل والاكتفاء بمساحة صغيرة للتدريب.. هكذا تحولت حياة السباحة المصرية الأولمبية فريدة عثمان، التي عادت إلى بلدها مؤخراً من الولايات المتحدة، بعد تفشي وباء كورونا المستجد (كوفيد-19) بشكل كبير هناك.
توقف كامل
فريدة عثمان قالت لـ"الشرق" إنها كانت تعيش بمفردها في ولاية فيرجينيا وكانت تتمرن لما بين 4 إلى 5 ساعات يومياً على يد مدرب أميركي، لكن "الوضع تغير بالكامل منذ أواخر مارس الماضي". وأضافت السباحة المصرية أن انتشار وباء كورونا المستجد بشكل كبير في الولايات المتحدة جعلها تشعر بالخوف، لكن "المطارات كانت أغلقت بالفعل، وتوقفت كل الرحلات الجوية، ومعها أُغلقت الأنشطة كلها في غالبية الولايات".
وتقول فريدة إنها تواصلت مع وزيرة الهجرة المصرية وشركة الطيران المصرية (مصر للطيران) والخطوط الجوية الأردنية، و"طلبت إعادتي لأكون في بلدي ووسط أهلي، وبالفعل عدت على متن أول رحلة إجلاء مصرية من واشنطن في الثالث من أبريل الجاري، إلى مركز الحجر الصحي في مدينة مرسى علم على الساحل الغربي للبحر الأحمر".
مخاوف ومشاعر متضاربة انتابت السبّاحة الأولمبية المعروفة خلال تلك الرحلة، بدءاً من القلق وانتهاء بالحزن على تأجيل البطولة الأولمبية التي كانت تعقد آمالاً عريضة عليها، قائلة: "أواظب على التدريب في المنزل يومياً، ولكن بالتأكيد ليس بالشكل المعتاد في الأيام الطبيعية، التي أذهب فيها لبركة السباحة وصالة التدريب، وما إلى ذلك".
أولمبياد طوكيو
كان من المقرر عقد دورة الألعاب الأولمبية في طوكيو في الفترة بين 24 يوليو و4 أغسطس المقبل، إلا أن تفشي وباء كورونا دفع اللجنة المنظمة لتأجيلها إلى العام المقبل. وعلقت فريدة بالقول: "في البداية، شعرت بالإحباط لتأجيل الأولمبياد لأنني على أتم استعداد للمشاركة، وبذلت مجهوداً كبيراً، وتدربت بشكل قوي، وكنت أخشى ضياع هذا المجهود، لكنني أعدت التفكير سريعاً بأن صحة الناس أهم، والآن لدّي سنة إضافية لأتدرب فيها بشكل أكبر".
خلال أسبوعي الحجر الصحي في مرسى علم، كانت فريدة تتابع تدريباتها المعتادة للحفاظ على ما حققته في السابق، مضيفة: "أتمرن بشكل يومي، أمارس الركض لمدة ساعة أو أكثر، وتمرينات البطن والظهر واللياقة البدنية واليوغا، للحفاظ على مستواي"، موضحة أنها حالياً تستخدم في بيتها المسبح المنزلي لمدة ساعة يومياً "حتى لا أفقد أياً من المهارات التي اكتسبتها".
وعن مرحلة ما بعد الإغلاق وتوقف الحياة الرياضية، تقول فريدة: "أحاول الحفاظ بقدر المستطاع على مستواي الحالي، حتى لا أبذل مجهوداً كبيراً بعد العودة للملاعب، أمارس بعض الرياضات المختلفة حالياً، ألعب كيك بوكسينغ كذلك، أركض حول المنزل، وتمرينات من هذا القبيل".
فريدة –25 عاماً– كانت قد حصدت العديد من الميداليات، وحققت أرقاماً تاريخيةً من بينها أعلى رقم لسباح إفريقي في أولمبياد ريو دي جانيرو عام 2016.. وفازت بعدد من الميداليات الأولمبية، منها ذهبية الألعاب الإفريقية وبرونزية بطولة العالم للسباحة في كوريا الجنوبية العام الماضي، بالإضافة إلى كونها أصغر سباحة تشارك في دورة الألعاب العربية عامي 2007 و2009، وحصلت على 7 ميداليات ذهبية فيها، فضلاً عن جوائز أخرى عديدة، وهي ملقبة بـ"السباحة التاريخية" لمصر و"السمكة الذهبية".
فترة غير عادية
أما السباح الأولمبي علي خلف، فقال لـ"الشرق"، إن "الفترة الحالية ليست عادية، على المستوى العملي والإنساني، فهي صعبة جداً، بخاصة في البداية عند إغلاق كل المسابح وأماكن التدريب".
وأضاف علي، وهو السباح العربي الوحيد الذي نال بطاقة التأهل لأولمبياد طوكيو: "أحاول الحفاظ بقدر المستطاع على التدريب اليومي. لدي صالة تدريب في المنزل حالياً وصالة ملاكمة، وهي الرياضة التي أمارسها في التدريبات العادية، بالإضافة إلى ممارسة اليوغا تمارين الإطالة والتأمل".
ويقول علي إنه يحاول ممارسة رياضات يعرفها وأخرى جديدة بخلاف السباحة، مؤكدا: "تحول الركض في الشارع لروتين يومي في حياتي"، موضحا أنه لم يتوقع في البداية أن يتم تأجيل الأولمبياد، وأنه كان يجري تدريباته في بركة السباحة العادية لا الأولمبية، اعتقاداً منه أنه البطولة ستجرى في موعدها.
تأهل علي لأولمبياد طوكيو بعد فوزه بالمركز الـ13 عالمياً في سباق 50 متراً سباحة حرة فى نصف نهائي بطولة العالم بكوريا الجنوبية في يوليو الماضي.
علي، البالغ من العمر 24 عاماً، قال: "كنّا نظن أن البطولة ستُجرى في موعدها، لكن قرار التأجيل كان صحيحاً، فنحن نواجه صعوبات في التمرين، وهناك فارق بالتأكيد بين التمرين العادي الذي تتوفر فيه كل المقومات، والتمرين بإمكانيات ضعيفة".
ووضع علي خلف نفسه بين أصحاب أفضل 16 رقماً مميزاً في السباحة على مستوى العالم، فهو أول سباح مصري يحقق أقل من 22 ثانية في مسابقة 50 متراً سباحة حرة.
وشدد على أن تركيزه حالياً هو على التمرينات المتاحة، لكي يحافظ على ووزنه ولياقته بشكل عام.
وحول عزلته التي يقضيها وحيداً في الولايات المتحدة انتظاراً للعودة إلى مصر، قال علي: "أحاول قضاء الوقت في القراءة، فهي تساعدني على بناء العقل، وأشاهد مقاطع الفيديو المفيدة لنمو الصحة والتفكير".
وكان علي قد فاز ببطولة الجائزة الكبرى في شارلوت محققاً 22.90 ثانية، وحقق رقما جديداً هو 22.75 ثانية في بطولة العالم بكازان، وتأهل عام 2014 لأولمبياد الشباب في الصين وحاز عام 2016 على المركز الـ23 عالمياً، وبرونزية دورة ألعاب البحر المتوسط في إسبانيا عام 2018 في سباق 50 متراً حرة، وذهبية الجائزة الكبرى للمحترفين بالولايات المتحدة العام الماضي، والبرونزية من نفس البطولة في يناير الماضي.
تدريبات منزلية
وفيما أغلقت جميع الأندية في وجه الرياضيين المحترفين والهواة، تحاول السبّاحة والمدربة المصرية سهير فرج، مساعدة المتدربات على الحفاظ على لياقتهن وما حققنه في التدريبات خلال الفترة الماضية، إلى جانب تنظيم بعض المسابقات الرياضية المنزلية بالفيديو، لحين عودة الحياة لطبيعتها وفتح الأندية والمسابح.
سهير، ابنة الـ29 ربيعاً، والتي تقود مشروعاً لتعليم الفتيات والسيدات رياضة السباحة، تقول إنها تتواصل مع المتدربات عبر الفيديو، لتقديم النصائح واقتراح تدريبات معينة وإجراء فصول تدريبية كاملة لتقوية العضلات، مؤكدة أن هذه الرياضات تقي من خسارة الشكل والمهارات التي اكتسبتها الفتيات من فصول التدريب السابقة، بالإضافة إلى أن هذه الرياضة تساعد على تجاوز الضغط العصبي.
من جانبه، قال عضو الاتحاد المصري للسباحة أحمد التوني، لـ"الشرق"، إن الفترة الحالية لن تمثل أزمة كبيرة على السباحين، الذين يواظبون على التمرينات المهمة، معتبراً إياها فرصة جيدة للتدريب منزلياً، تمهيداً لعودة الأوضاع إلى طبيعتها تدريجياً في سبتمبر المقبل، كما يتوقع.
وأضاف التوني: "أصبح لدينا وقت أطول للتحضير للأولمبياد، ولمراجعة حساباتنا، وفي اعتقادي فإننا عندما ننافس بـ4 سباحين مدرّبين على أعلى مستوى، فذلك أفضل من المشاركة بـ10 غير مؤهلين بشكل تام".
وقال التوني إن "هذه الأزمة حلت على الجميع، والفترة الحالية صعبة وتفرض قيوداً على جميع السباحين حول العالم، والكل متساوٍ في الضرر، لكن الرياضيين يمكنهم التغلب على هذه الصعوبات بالتمرينات المنزلية، والسباحة الأرضية".