أليو سيسيه.. أسد يقود السنغال رغم المأساة العائلية

time reading iconدقائق القراءة - 2
أليو سيسيه مدرب السنغال خلال مواجهة الإكوادور - 29 نوفمبر 2022 - REUTERS
أليو سيسيه مدرب السنغال خلال مواجهة الإكوادور - 29 نوفمبر 2022 - REUTERS
دبي-محمد شقير

قاد المدرب أليو سيسيه منتخب بلاده السنغال إلى دور الـ16 بكأس العالم لمواجهة إنجلترا على ملعب البيت بالدوحة، يوم الأحد، وقبل ذلك قاد بلاده للتتويج بكأس أمم إفريقيا.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون أن حياة أسد التيرانجا شهدت مأساة كبيرة تمثلت بفقدان 12 شخصاً من أفراد عائلته في حادثة واحدة قبل 20 سنة.

كان أليو سيسيه جديداً على كرة القدم الإنجليزية عندما لعب لنادي برمنجهام بين 2002 و2004، وفي الأيام التي سبقت وسائل التواصل الاجتماعي، استغرق الأمر بعض الوقت قبل أن يبدأ الرعب الكامل في الظهور.

ما زال الكثيرون من زملائه يتذكرون اليوم الذي بدأت فيه الأخبار بالانتشار حول ملعب التدريب، وشيئاً فشيئاً، أصبح من الواضح أن شيئاً فظيعاً قد حدث.

سيسيه حضر للتدريب كالمعتاد، وخاض روتينه المعتاد لمدة أسبوع تقريباً مُخفياً أي اضطراب داخلي كان يعاني منه. كان يبتسم، لأنه كما أوضح لاحقاً، أراد "حماية المجموعة من حالتي الذهنية".

ثم استقل الحافلة التي نقلت لاعبي برمنجهام سيتي لمواجهة وست هام يونايتد في الدوري الإنجليزي الممتاز، وفاز الفريق 2-1 ولعب سيسيه المباراة كاملة على الرغم من كل شيء.

كارثة جولا

في الأسبوع الذي سبق المباراة، كان سيسيه يشاهد التلفاز في شقته في ضواحي برمنجهام عندما وردت التقارير الأولى عن العبارة "MV Le Joola" التي غرقت في 26 سبتمبر 2002.

في اليوم التالي، عندما رن هاتفه، علم أن 12 فرداً من عائلته بينهم أخته وخالاته وأعمامه وأولاد اخوته وأقاربه ممن كانوا على متن العبارة في عداد المفقودين.

واعترف سيسه لاحقاً بحالة الذعر التي عاشها وقال: "كان الانتظار هو الجزء الأصعب. ومحاولة العثور على شخص على الجانب الآخر لديه المعلومات الصحيحة. في وقت من الأوقات، كان الناس يقولون إن ذلك لم يكن صحيحاً. وكانوا يقولون أن القارب قد وصل. في تلك اللحظات، تلتقط أنفاسك فقط ليخبروك بعد 30 دقيقة لا،لا، لا، هذا ليس صحيحاً، القارب لم يصل بعد".

كانت العبارة المملوكة للحكومة والتي تتسع لـ580 راكباً، مكتظة بشكل خطير أثناء رحلتها من زيجينشور في جنوب السنغال إلى العاصمة داكار.

واجه القارب رياحاً عاتية وأمواجاً هائجة، وفي غضون دقائق انقلبت العبارة ثم بدأت في الغرق ببطء. نجا من الحادثة فقط 64 شخصاً وبلغ عدد القتلى 1863 شخصاً، وهي واحدة من أسوأ الكوارث البحرية غير العسكرية في التاريخ.

ومع ذلك، وجد سيسيه، الذي كان يبلغ من العمر آنذاك 26 عاماً، بطريقة ما، القوة للتغلب على الفاجعة وقال لاحقاً "احتفظت بكل شيء لنفسي. لقد كان يوماً معقداً وصعباً للغاية، لكن عائلتي احتاجتني لأكون قويأً من أجلهم. كانوا بحاجة إلى وجودي. لا يمكن أن أكون ضعيفاً".

يقول مايكل جونسون، أحد زملائه السابقين في الفريق: "ما فعله في ذلك اليوم يخبرنا كثيراً عن الرجل. كان معظم الناس، بمن فيهم أنا، يتطلعون إلى العودة إلى ديارهم وقضاء بعض الوقت. لكن أليو أراد اللعب. هذا يظهر فقط قوة وشخصية هذا الرجل".

وأضاف جونسون: "يبدو الأمر سريالياً للغاية لدرجة أنه فقد العديد من أفراد عائلته في هذه الكارثة، وبعد ذلك، في غضون أيام عاد للعب في ناديه".

وتابع: "ألقي نظرة على ما فعله. وأقول، إذا كان هذا هو ما عليه كرجل وكلاعب، إذن، كيف سيكون كمدرب؟. لذلك لا يفاجئني أنه قدم أداءً جيداً للسنغال. هذا رجل لديه قوة حقيقية وقيادة حقيقية وقيم حقيقية. ما يفعله على المسرح العالمي ليس مفاجئاً لأنني أتذكر ما قدمه كلاعب، وكيف ظهر في وقت كئيب حقاً بالنسبة له".

كان سيسيه هو القائد الذي قاد السنغال إلى ربع نهائي كأس العالم لأول مرة في عام 2002، قبل أشهر قليلة من مأساة جولا، ونهائي كأس الأمم الإفريقية حين أضاع ركلة الترجيح الحاسمة ضد الكاميرون.

وفي العام الماضي، قاد السنغال للفوز باللقب القاري للمرة الأولى منذ انطلاق البطولة في عام 1957. ويجسد سيسيه روح أسود التيرانجا، بكل الألوان التي جلبها مشجعوهم إلى كأس العالم.

روح الجماعة

لاعبو السنغال يحتفلون بعد الفوز على الإكوادور ويحملون لافتة تكريم للراحل بابا بوبا ديوب - 29 نوفمبر 2022
لاعبو السنغال يحتفلون بعد الفوز على الإكوادور ويحملون لافتة تكريم للراحل بابا بوبا ديوب - 29 نوفمبر 2022 - REUTERS

العديد من لاعبيه هم ببساطة أصغر من أن يعرفوا كيف تأثر مدربهم بمأساة أدت إلى تحقيق رسمي في السنغال وأسئلة وصلت إلى قمة البلاد.

ويمكن للاعبين الذين يعرفون عن المأساة أن يفهموا كيف شكلت كارثة بهذا الحجم، شخصية سيسيه الحالية، ويُنظر إلى سيسيه إلى حد كبير على أنه القائد الذي يلهم الجميع ويحثهم على الاحترام وتقوية الروح الجماعية.

يوم الثلاثاء الماضي، عندما فازت السنغال 2-1 على الإكوادور لتنتقل إلى مراحل خروج المغلوب في كأس العالم، أهدى اللاعبون الفوز إلى بابا بوبا ديوب، في الذكرى الثانية لوفاته عن عمر يناهز 42 عاماً، ورفع الفريق لافتة تخليداً لذكرى لاعب تضمنت مسيرته فترات في فولهام وبورتسموث ووست هام وبرمنجهام، وكُتب عليها "الأسد الحقيقي لا يموت".

وكان سيسيه قد رتب للاعبين مشاهدة رسالة فيديو من عائلة ديوب في التحضير للعبة.

كاليدو كوليبالي، صاحب هدف الحسم الفوز في المبارة الأخيرة، أهدى جائزة أفضل لاعب في المباراة لعائلة ديوب وقال إنه سيعطي الكأس لهم "نحن مجموعة، نحن فريق، نحن إخوة".

هذه هي اللمسات الصغيرة التي يشجعها سيسيه كمدرب، فهو يفضل الحديث عن "الجماعية" التي قادت السنغال إلى دور الـ16، على الرغم من غياب نجم المنتخب ساديو ماني.

تصنيفات